متابعات

منتدى مراكش .. الفساد يؤثر على الولوج للخدمات العمومية

سلط خبراء مغاربة وأجانب، السبت بمراكش، في إطار ندوة دولية على هامش الدورة الثانية للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان، الضوء، بشكل ملموس، على تأثير الفساد على الولوج للخدمات العمومية وللحقوق وإرساء المساواة بين المواطنين وتكريس دولة القانون.

وانكب هؤلاء الخبراء خلال هذه الندوة، التي نظمتها الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة حول موضوع “محاربة الفساد وحماية حقوق الإنسان”، على بحث السبل الكفيلة بتحقيق المزاوجة بين مكافحة الفساد وترسيخ حقوق الإنسان وحمايتها وتوسيعها، وكيفية تحسين الوصول إلى المعلومة وإلى الخدمات الأساسية.

وشدد رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة عبد السلام أبو درار، في هذا الصدد، على ضرورة إرساء خطط عمل مشتركة من أجل حماية حقوق الإنسان ومحاربة الفساد، والتركيز على التفعيل الملموس للآليات الكفيلة بالقيام بهاتين المهمتين دون الاقتصار فقط على الإعلان عن الإرادة السياسية.

وتطرق إلى السبل الملموسة للمزاوجة بين الدفاع عن حقوق الإنسان ومكافحة الفساد، من خلال اعتماد مقاربة استراتيجية تنبي على اختيار بعض المحاور والتركيز عليها للحصول على نتائج على المدى القريب والمتوسط، ولإضفاء المصداقية على العمل الطويل الذي يتطلب عشرات السنين حتى يعطي أكله.

من جانبه، أبرز كيشور سانغ، خبير دولي لدى هيئة الأمم المتحدة متخصص في الحق في التكوين، أن الحق في التعليم يعتبر مسألة أساسية لممارسة جميع الحقوق مما يفرض تخليص قطاع التعليم من العديد من عمليات الفساد التي تكون غير معلن عنها إلى جانب الممارسات القائمة على التحايل على القانون في هذا المجال.

وأكد، في هذا الصدد، على ضرورة احترام الفاعلين في قطاع التعليم للقانون وقيم وأخلاقيات العمل واضطلاعهم بمسؤولياتهم على الوجه الأكمل سعيا إلى تحقيق جودة التعليم وحماية القيم وحقوق الإنسان.

كما شدد على أهمية توحيد جهود القطاعين العام والخاص والانخراط في إرساء تعاون مثمر بينهما من أجل ضمان الحق في التعليم ومكافحة جميع أساليب الفساد بقطاع التعليم، فضلا عن ضرورة إيجاد الأدوات الفعالة التي من شأنها تحسين الأوضاع بهذا القطاع.

من جانبه، اعتبر مدير قطب الدراسات الاستراتيجية بالهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، أحمد ياسين فوقراء، أنه على الرغم من مخططات العمل والاستراتيجيات المتبعة لمحاربة ظاهرة الفساد التي تحول دون وصول المواطنين إلى الخدمات الأساسية، لا يلاحظ تسجيل تقدم في محاربة الفساد بمختلف دول العالم وذلك بالنظر لكون هذه الظاهرة ذات طبيعة سرية.

وأضاف أن ظاهرة الفساد تعتبر عاملا يعرقل تحقيق التنمية ويؤثر على بناء دولة الحق والقانون، فضلا عن تأثيرها المباشر على حياة المواطنين حيث تحرمهم من الاستفادة من الخدمات الأساسية كما تؤدي إلى تدهور القيم الإنسانية.

وخلص إلى التأكيد على أن التصدي بشكل فعال لظاهرة الرشوة من شأنه تحسين وترسيخ احترام حقوق الإنسان وتحسين ولوج المواطنين للخدمات الأساسية.

من جانبه، أشار المستشار لدى رئاسة الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، مولاي الحسن العلوي السليماني، إلى الآثار الوخيمة لظاهرة الفساد على المستوى الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، من خلال عرقلتها لفرص التنمية المستدامة وإضرارها بمصداقية المؤسسات وتهديدها لاستقرار وأمن المجتمعات.

وسجل أنه على الرغم من الارتباط الوثيق بين انتهاك حقوق الإنسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وممارسة الفساد بجميع أشكاله، فإن هناك انفصاما بين مقاربة النهوض بحقوق الإنسان ومقاربة محاربة الفساد على جميع الأصعدة، مسجلا أن الالتقائية بين هاتين المقاربتين ظلت مغيبة في تصريف الدول لسياساتها العمومية.

كما سجل، في هذا السياق، أن التأسيس لرؤية شمولية ومندمجة لحماية حقوق الإنسان ومحاربة الفساد يرتكز على مبادئ تتجلى، بالخصوص، في العمل على ترسيخ بعد استراتيجي يضمن إعداد خريطة لمواطن الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان ومواصلة ملاءمة السياسة الجنائية مع المعايير الدولية المتبعة في المجالين، والتركيز على النهوض بالحكامة الجيدة الشاملة وتطوير التفاعل المجتمعي من خلال تحفيز انخراط جميع الفاعلين في محاربة الفساد.

وتطرقت باقي المداخلات للدور الذي تضطلع به الهيئات الوطنية في تعزيز حقوق الإنسان ومكافحة الرشوة، وكيفية تحسين المشاركة المجتمعية في مجال حماية حقوق الإنسان ومكافحة الرشوة، فضلا عن استعراض المعايير الدولية في هذا المجال، والإجراءات الموضوعة لحماية حقوق الإنسان.

ويجمع المنتدى العالمي الثاني لحقوق الإنسان أزيد من ستة آلاف مشارك من 100 دولة يمثلون مختلف الفاعلين في مجال حقوق الإنسان من حكومات ومنظمات غير حكومية وخبراء ومؤسسات وطنية لحقوق الإنسان وهيئات دولية ووكالات تابعة للأمم المتحدة وسياسيين بارزين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *