اقتصاد

مخططات التنمية بإقليم تارودانت بقيت حبراً على ورق

تطرقت “مشاهد.أنفو” في مواد سابقة إلى العمل الإرتجالي الذي طبع مراحل إعداد مخططات التنمية بتارودانت، حيث أقدم عامل الإقليم على منح صفقة إنجاز مخططات التنمية الجماعية لما يقارب 69 جماعة من أصل 89 جماعة لفريق عمل تابع للمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بأكادير، حيث أرغم حينها رؤساء الجماعات على أداء مستحقات عمل هذا الفريق. فمنذ سنة 2010 هناك جماعات لم تتوصل بعد بجد أدوات المخطط ولم يقر مجلسها رغم إلزامية إنجاز مخطط تنمية الجماعي لكل جماعة حسب الفصل 39 من الميثاق الجماعي.

إذ أن المخططات التنمية لمجموعة من الجماعات بتارودانت لم تخرج عن إطار جرد الخصاص، الذي تعاني منه في كافة القطاعات، دون البحث عن الحلول والبدائل لتجاوزه إما من خلال تحديد الأولويات، وتكييف إمكانياتها المالية الذاتية مع عملية إنجاز تلك الرزمنة من الحاجيات الملحة.

وأغلب هذه المخططات لم تكرس دور الجماعة المحلية في التحكم في البرامج الإنمائية التي تقام فوق ترابها، ومن جهة أخرى، تتبع والتنسيق بين المشاريع التي تنجزها مصالح الدولة بذات الجماعة، والعمل على خلق تكامل فعلي بين المشاريع الذاتية للجماعة ومشاريع الدولة المختلفة.

إن المادة 36 من الميثاق الجماعي الجديد تلزم الجماعات على وضع مخطط تنموي يضم بين طياته تشخيصا دقيقا لحاجيات الجماعة وثانيا يبرز المشاريع المزمع إنجازها في فترته الإنتدابية ويظهر الإمكانيات المالية لإنجاز تلك المشاريع. هذا التحول في العمل الجماعي ارغم كافة المؤسسات المنتخبة على انجاز هذا المخطط رغم أن معظمها عجز عن التقيد بالنصوص التنظيمية.

وقد أظهرت مجموعة من المعطيات خلال الخمس السنوات الماضية أن مخططات التنمية التي أشرف عليها عامل الإقليم، ورؤية استراتيجية ومخطط تنمية الإقليم في أفق 2030 الذي تم تقديم خلاصاته خلال سنة 2011، حيث أن نسبة الإنجاز تصل الصفر إذ بقي المخطط دون تنفيذ لمعوقات عدة.

وتتضمن الإستراتيجية مخطط تنموي شامل من خلال مرجعية تنظيمية ومخططات هيكلية و سياسات حضرية، تمثل في مجموعها برنامج العمل المشترك لجميع المؤسسات العاملة بالإقليم ومرجعية إستراتيجية لجميع البرامج التنفيذية لهذه المؤسسات الذي تم إطلاقه بتاريخ 19 أبريل 2011.

وتشير التقييم العام لتفعيل الرؤية الاستراتيجية و مخطط التنمية لاقليم تارودانت بناء وصيانة الطرق بمبلغ 333.435.000,00 درهم، وتزويد السكان بالماء الصالح للشرب ودعم التطهير السائل بمبلغ 109.649.251,00 درهم، وتقوية الشبكة و تعميم الكهرباء بمبلغ 185.740.000,00 درهم.

وخصص 106.138.000,00 درهم لدعم القطاع الفلاحي، ولقطاع المياه والغابات مبلغ 8.231.000,00 درهم وتثمين الصناعة والمعادن مبلغ 130.800.000,00 درهم، وقطاع الاسكان و التعمير مبلغ 212.074.000,00 درهم، والتربية والتكوين 121.402.667,00 درهم.

وقطاع الشباب والرياضة 10.405.000,00 درهم، وبرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية 96.210.000,00 درهم، إلى جانب استثمارات القطاع الخاص عبر المركز الجهوي للاستثمار 4.000.000.000,00 درهم، مما يعني أن إقليم تارودانت حسب الإستراتيجية سيضخ فيه مبلغ 532 مليار سنتيم.

ورغم إقرار هذه المشاريع فإن إقليم تارودانت يعيش وضعا كارثيا، حيث تعرف جل القطاعات الاجتماعية والتنموية بالإقليم تدهورا خطيرا بسبب انخراط المسؤولين الترابيين، الذي دبروا شؤون الإقليم، في سياسة الهروب إلى الأمام من خلال نهج سياسات عشوائية لاتستجيب للمتطلبات وحاجيات السكان الملحة، عبر إنجاز مشاريع لتلميع واجهات المراكز الحضرية بالإقليم، وتهميش أحوازها والمناطق الأخرى.

وأكبر مثال على ذلك هو أن أكبر نسب مؤشر الفقر بجهة سوس ماسة درعة تم تسجيله بتراب إقليم تارودانت، في حين نلاحظ أن أهم المشاريع المنجزة بالإقليم لاتتجاوز الحيز الجغرافي الممتد على الطريق الوطنية رقم 10 التي تمر بأهم المراكز الحضرية. وهذه الإستراتيجية تم تمويلها من المالية العامة إلا أنها بقيت حبراً على ورق دون أن تساهم في حل المعضلات التنموية التي يعرفها الإقليم، مما يطرح أكثر من استفهام حول جدوى مآل المشاريع المنجزة التي لم تساهم في تحسين ظروف عيش ساكنة الإقليم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *