الشريط الأحمر | ملفات

الكولونيل أَيْدّا ولد التّامك .. العاشق للبندقية من أجل مغربية الصحراء

قبل يومين طلبت جريدة “مشاهد” لقاءا صحفيا معه، على هامش فعاليات موسم زاوية أسا، إلا أن أحد أقاربه اعتذر عن هذا الطلب نظرا لوضعيته الصحية قبل أن يخطفه الموت .. إنه العقيد الركن “الكولونيل ماجور” إيدا ولد التامك”.

في خضم معمعة الحرب العالمية الأولى وقعقعة السلاح التي كانت تتحكم في مسار الأحداث، سترزق عائلة“محمد بن مبارك بن احمد التامك” والسيدة “بشرى منت الحافظ” بمولود أطلقت عليه من الأسماء “أيدا” بمنطقة “لحطيبة” في بدايات القرن الماضي في لحمادة وانتقل إثرها إلى مدينة أسا.

وفي ريعان شبابه، وفي الوقت انشغل والديه بمواجهة قساوة الترحال، اختار “أيدا” أن ينخرط في الكفاح المسلح وفي جيش التحرير سنة 1955، لتتم ترقيته، فيما بعد، قائدا للمقاطعة السابعة لجيش التحرير أو ما يعرف محليا بـ “قائد الرحى”.

وكان هذا القائد رمزا للشجاعة والقيم والمباديء العسكرية معروفا بحكمته وساهم في كل معارك جيش التحرير، ليتحمل عددا من المهام بداية من جندي متطوع إلى ضابط “قبطان” ثم باشا وقائد الوحدات وانتهاء بعقيد ركن إلى أن تقاعد.

في تصريح لجريدة “مشاهد”، قال الباحث الجامعي وايسى الخرشي، إن المرحوم أيدا التامك كان من مؤسسي المجلس الوطني الأول للمقاومة سنة 1973، إلى جانب كل من المقاومين علي بويا وأبا الشيخ والحسن اليعقوبي وعبد الغني الورديغي وسعيد بونعيلات وبوشعيب الدكالي، ثم ادريس بنبوبكر والدكتور عبد الكريم الخطيب.

وعرفانا له بتضحياته الجسام و ما أسداه لفائدة الوطن، وشحه الملك محمد السادس سنة 2003بوسام من درجة قائد بالإضافة إلى العديد من الأوسمة، لدرجة أنه كان يسمى رجل البزات والنياشين والبطولات”.

تكاد لا تذكر سيرة الجيش المغربي في الستين عاماً الأخيرة، إلا وذكر معها عسكري اسمه “أيدا التامك”؛ قدم نموذجاً كبيراً للعسكري المنحاز لقضايا وطنه وأمته، عرف بقتالية كبيرة في المعارك الميدانية في الصحراء، و لما بلغه نبأ تقاعده، قال إنه سيظل مرتبطا بالثكنات وحارسا أمينا لحدودنا الترابية، مضيفا أنه لا تقاعد في الدفاع عن الوطن”.

فإلى أن وافته المنية، عن عمر تجاوز المائة سنة، لا يعرف لنفسه حياة خاصة، خارج أسوار المؤسسة العسكرية وثكناتها وتقاليدها الصارمة، وظل على مدى أكثر من ستين عاماً وفياً لاختياره في تحديد مسار حياته، في إشارة إلى كل المعارك الكبرى التي سجل فيها أيدا التامك صفحات مشرقة في تاريخه المهني والشخصي والوطني.

يقول أحد شيوخ القبائل الصحراوية لجريدة “مشاهد،” الذين عجزوا عن مواجهة الرجل بفكره وصلابة موقفه وعلو قامته في ميدان المعركة، تجرأوا على محاولة يائسة للإساءة إلى ماضيه، لكنهم نسوا أن فتيان الصحراء وعموم أبناء الوطن الذين قرأوا سيرة الفقيد جيداً، سيدافعون عن الإرث الكفاحي لقائدهم وتراثه الشخصي، مثلما يدافعون عن حدود المغرب و صحرائه التي لن تكون إلا مغربية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *