الشريط الأحمر | متابعات

جبهة البوليساريو تفقد مسانديها تباعا

سلسلة تحولات جيواستراتيجية واقتصادية، تشهدها البلدان الداعمة لأطروحة جبهة البوليساريو الانفصالية، سيكون لها وقع سلبي على أهدافها وستضعف الدعم المادي والدبلوماسي الذي تتلقاه، خاصة من الجزائر ومن بعض دول أمريكا الجنوبية كفنزويلا وكوبا.

الجزائر بمفترق الطرق

في الوقت الذي انخرط فيه المغرب في مشروع تنمية الأقاليم الجنوبية للمملكة بتخصيص موارد مالية واقتصادية هامة، وقيامه بجهود دبلوماسية لتأكيد سيادته على صحرائه، إضافة إلى الدور الذي يلعبه على الصعيد الاقليمي والدولي، تسعى الجزائر فى المقابل إلى التشويش على هذا المنحى عبر دعمها للجمهورية الوهمية خدمة لمصالحها الاقتصادية … والجزائر يعتمد اقتصادها أساسا على صادرات كل من البترول والغاز، كما أن 97 في المائة من مداخليها تاتي من صادرات المحروقات الأحفورية، أي ما يعادل 26.2 في المائة من الناتج الداخلي الخام للبلد.

لكن سعر البترول تقهقر بشكل كبير خلال السنة الماضية وبداية هذا العام، ففي 2014 بلغ سعر البرميل الواحد لخام برنت 110 دولار امريكي وفي شهر شتنبر انخفض إلى أقل من 60 دولارا، والأخطر من ذلك هي أن تقديرات بعض الخبراء كتلك التي أنجزها البنك الاستثماري الامريكي ٌ مورغان ستانلي ُ تفيد بأن قيمة البرميل ستنخفض الى 43 دولار خلال الربع الثاني من السنة الحالية.

هذه الوضعية أصبحت أمرا واقعا خاصة بعدما صرح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة قبل أيام بأن ٌالجزائر ستواجه صعوبات بفعل التحولات الخطيرة التي تعرفها السوق الدولية بخصوص المواد الهيدوركربونية، وعليه فإن الجزائر في ظل موارد مالية ضعيفة، أصبحت مجبرة على إعادة برمجة أولوياتها وتقليص مصاريفها، وما سيصحب ذلك من إعادة النظر في قيمة الأموال التي يخصها قصر المرادية لدعم أنشطة جبهة البوليساريو الانفصالية مع الحفاظ على نهجه في السباق نحو التسلح،بالإضافة إلى ضرورة تغطية حاجيات الشعب الجزائري.

فنزويلا في عنق الزجاجة

شرع الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في البحث عن حلول بديلة بسبب تراجع اسعار النفط لتجنب وقوع بلده في أزمة اقتصادية، مع ضرورة إيجاد موارد مالية ضرورية لاستيراد المنتجات الأولية وخاصة في ظل الخصاص المهول في المواد الغذائية والطبية.

في وقت أكد فيه ٌ البنك المركزي الفينزويلي ٌ ُ قبل أيام قليلة أن الناتج الداخلي الخام وصل إلى حد 2.3 في المائة بينما معدل التضخم هو الأكبر بالقارة حيث بلغ 63.6 فى المائة، كما أن الدولة تعاني من نقص مخيف في المنتجات الأساسية، كون اقتصادها يعتمد على الهيدوكربونات بنسبة 96 في المائة، بينما سعر النفط الفنزويلي يصل إلى 46.77 دولار للبرميل الواحد وعلى إثر هذه الوضعية الاقتصادية التي تبعث على القلق، عمدت حكومة ٌ كركاس ُ بصعوبة لإيجاد البدائل للتكفل بزيارات وأنشطة ”ٌ البروباغندا ”ٌ التى يقوم بها النشطاء في جبهة البوليساريو بأمريكا اللاتينية كما جرت العادة في السنوات الماضية.

أزمة النفط تعزل كوبا

بالإضافة إلى التراجع الذي عرفته المساعدات المقدمة لجبهة البوليساريو من طرف الجزائر وفنزويلا، فانها أيضا ستواجه مشاكل أخرى بفعل التحولات الطارئة بكوبا، حيث أنه في العقود الأخيرة كانت هذه الأخيرة تستفيد من بترول فنزويلا بشكل مجاني، لكنه وفي ظل انخفاض أسعار الذهب الاسود اصبحت ٌ كركاس ٌ مجبرة على استيراد الهيدروكربونات من الجزائر والتقليص من ٌ صادرتها ٌ نحو هافانا.

وللحفاظ على العلاقات الجيدة مع واشنطن أصبح لزاما علي الحكومة الكوبية إعادة النظر في نظام تحالفها الدولي ولو بطريقة تدريجية، حيث من الواضح أن كاسترو سيتخلى تدريجيا عن تخصيص موارد مالية لدعم حركات تمردية بالعالم الثالث ومن بينها جبهة البولساريو ، بعدما كانت تستفيد من جميع أشكال الدعم من سلاح وتداريب عسكرية ومنح لمتابعة الدراسة، بالإضافة إلى الدعم السياسي والدبلوماسي ، حيث إنها تحولات سيكون لها وقع سلبي على الجمهورية الوهمية.

راؤول كاسطرو أصبح مهتما أكثر بنظرة العالم الخارجي لكوبا، ويحاول من خلال سياسته الجديدة أن يعكس صورة بلد مستقر وجدير بالثقة ، كما يتجه نحو اقتصاد السوق لجلب الاسثتمارات الأجنبية التي يحتاجها الاقتصاد الكوبي، لا أن تبقى موارد الدولة محركا “’للثورات الاشتراكية” ودعم الحركات الانفصالية.

المغرب المستفيد الأكبر

في الوقت الذي تعاني فيه جبهة البوليساريو من تراجع وانخفاض في الدعم المالي والمعنوي، المغرب بالمقابل قوى موقعه الدولي كون اقتصاده متنوع المصادر، ولايعتمد على صادرات المحروقات كالجزائر ، كما أنه المستفيد الأول من التراجع الحاصل في أسعار النفط كونه يستورد هذه المادة.

الملك محمد السادس قام بأجراة سياسة جديدة تهدف إلى الانفتاح على دول افريقيا الجنوبية لتقوية دوره الاقليمي، وفي نفس الوقت الحفاظ على العلاقة الجيدة للتي تربطه بالاتحاد الاوروبي وخصوصا اسبانيا التي أثنت على التعاون الثنائي بين البلدين بخصوص محاربة الهجرة غير الشرعية، و محاربة الإرهاب بعدما تم تفكيك مجموعة من الخلايا التي تنشط بين البلدين، تم تتويجها بتوشيح المدير العام لمراقبة التراب الوطني بوسام سامي من المملكة الاسبانية.

وبجانب العلاقة المتينة والمتميزة بين الرباط ومدريد، فإن اسبانيا رفعت من نسبة الاستثمار بالمغرب عن طريق المصادقة على مجموعة من الاتفاقيات من قبيل الصيد البحري، هذه العلاقة الجيدة لاتخدم بطبيعة الحال جبهة البوليساريو التي تعول كثيرا على المساعدات والصدقات اللتي تجود بها عليها بعض المنظمات غير الحكومية الاسبانية، هاته المساعدات التي تباع بالاسواق السوداء ليتم تحويل جزء كبير من الاموال لأهداف تخريبية بالمناطق الجنوبية عن طريق أمناء سرهم الفاقدين للشرعية من طرف سكان الصحراء ليذهب الباقي الى الحسابات البنكية السرية.

كما ان التحولات التي يشهدها المشهد السياسي الاسباني أفقدت تعاطف الكثير من الأوساط مع انفصالي جبهة البوليساريو، حيث أصبح المواطن الاسباني منشغل أكثر بالمشاكل الداخلية، كمطالبة اقليم “كتالونيا” و”باييس باسكو” بالانفصال عن اسبانيا.

إن هذه التحولات الجيواستراتيجية والاقتصادية سيكون لها تأثير مباشر على السياسة الخارجية لمجموعة من الدول، وستجبرها على إعادة النظر في طريقة تعاملها مع حركات تمردية هدفها استغلال مأساة أخرين لخدمة مصالح خاصة .

و يبقى التصريح الأخير لنائب رئيس برلمان أمريكا الوسطى (البارلسين) خوان بابلو بلاسيدو يوم الإثنين الماضي أكبر تحذير موجه إلى جبهة البوليساريو وحاضنتها الجزائر، حيث ذكر هذا المسؤول بأن هيأته تدعو إلى الاندماج و تجنب كل ما من شانه أن يمس وحدة أراضي الدول و سيادتها و الالتزام بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

وجدد هذا المسؤول تأكيده خلال استقباله لسفير المغرب بسان دومينكو بمقر تمثيلية برلمان أمريكا الوسطى بالدومينيكان على موقف بلاده الداعم لمقترح الحكم الذاتي كحل سياسي لقضية الصحراء المغربية تحت إشراف الأمم المتحدة.

للتذكير فقط، فإن برلمان أمريكا الوسطى الذي يضم 20 ممثل لعدة دول في منطقة الكراييب كان في الأمس القريب يساند عصابة الرابوني بجل أعضائه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *