متابعات

سيدي إيفني.. الأوضاع الاجتماعية لم تكن يوما دافعا للتمسح بأهذاب إسبانيا أو الارتماء في أحضان الانفصال

لم يسجل التاريخ على الباعمرانيين يوما أنهم بسبب تأزم الأوضاع الاجتماعية أوغيرها من الأزمات أن اندفعوا لاهتين نحو اسبانيا للتماهي مع أطروحاتها الاستعمارية، بل بالعكس رفض الباعمرانيون كل محاولات الاحتواء والتجنيس، وقاموا بانتفاضات رافضة للتبعية والاستعمار مهما كانت الإغراءات والمنافع، كما لم يسجل التاريخ أيضا أن تسللت النزعات الانفصالية إلى جسد قبائل مناضلة تؤمن بوحدة الوطن، بل شاركت هذه القبائل بكل اعتزاز في معارك الوحدة والتحرير، هذا جزء من التاريخ البعيد والقريب يعرفه الجميع، ولاتزال فصوله يرويها من عاش هذه المحطات المشرقة.

إلا أن الواقع مؤخرا أفرز على الساحة الإفناوية مواقف نشاز لاتمت بصلة لتاريخ ومواقف الباعمرانيين، فقد بدأت بعض العناصر القليلة ذات نزعات انفصالية تروج لأطروحات قيادة الرابوني بتندوف، وهي بالفعل  ظاهرة دخيلة على المجتمع الإفناوي والباعمراني، يتم تحريكها وفق خلفيات وأجندة مملاة من الخارج، متعمدة الخلط بين المطالب الاجتماعية، والاقتصادية، والحقوقية، وبين المواقف الانفصالية، وتقوم هذه العناصر بترويج ادعاتها مستغلة تفشي البطالة وانحسار سوق العمل والشغل بسيدي إيفني.

وتسيء هذه الظاهرة النشاز لتاريخ وسمعة الباعمرانيين، لأن النزعات الانفصالية التي تقودها فئة قليلة جدا وغير مؤثرة بسيدي إيفني تخضع لأجندات خارجية لاتمت إلى واقع حاضرة أيت بعمران بشيء، كما أن الحنين إلى إسبانيا وتلميع مواقفها الاستعمارية يعتبر إساءة أخرى لنضالات المقاومين الباعمرانيين.

وعندما سألت “مشاهد.أنفو” فعاليات جمعوية حول وجهة نظرها بخصوص ظهور مروجي هذه النزعات رغم قلة عدد أفرادها، قالوا بأن هذه النزعات لاتجد أي صدى بين أوساط الساكنة التي تؤمن بالوحدة وبمغربية الصحراء، مشيرين إلى أن هناك خلط لدى هذه العناصر بين المطالب الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية وبين المواقف الانفصالية، وأضافوا أن المظاهر القليلة للانفصال هي عبارة عن موجة عارضة أو”موضة” بين صفوف بعض الشباب، مبرزين أن مواقف غالبيتهم هي ردود أفعال انفعالية بسبب تفشي البطالة وانحسار سوق العمل والشغل بسيدي إيفني، مضيفين إن إشاعة ثقافة الانفصال لن تنجح بفعل الحقائق التاريخية والجغرافية والبشرية للمنطقة، لأن قبائل أيت بعمران كانت معروفة على الدوام بتشبتها بالوحدة الوطنية و بمغربيتها.

وفي سياق متصل ربط أحد الجمعويين الظاهرة بأن من أسبابها التشتت الكبير للإطارات الحزبية والجمعوية وغياب للتأطير الجمعوي والنقابي والحزبي، محملا المسؤولية للعامل السابق الذي فسح المجال لهذا الفراغ من خلال تهميش الكفاءات الحزبية والإطارات الجمعوية والنقابية الجادة، وتلميع صورة الهياكل الفارغة التي تتملق وتتعيش على بعض هداياه، كما أبرز أن العامل السابق حاول قتل المبادرة الخاصة لساكنة المدينة عندما حاول إسكات بعض الأصوات بـ ”كارطيات” الإنعاش الوطني، وأضاف أن ثقافة «الكارطيات» التي تعرفها بعض الأوساط في الصحراء، دخيلة على المجتمع الإفناوي، وهي سلوكيات تكرس غلبة مطلب المساعدة والتواكل لدى المواطنين، الأمرالذي ينافي تماما الطبيعة الباعمرانية المتسمة بالنخوة والأنفة، وليس التسول والارتزاق.

من جهته قال أحد المقاومين إن مواقف الانفصال التي تقودها فئة قليلة ومعزولة داخل المجتمع الإفناوي تسيء لتاريخ المقاومين، مشددا أنه آن الأوان للتصدي لهذه الظاهرة النشاز احتراما لتاريخ ونضالات وسمعة المقاومين، وأضاف المتحدث لمشاهد.أنفو أنه إذا كانت السلطات المحلية والإقليمية قد ارتكبت أخطاء في حق بعض الساكنة، حين أخلفت وعودها بالخصوص، فلا يعني ذلك أن نسمح للنزعات الانفصالية بالتمدد وسط المجتمع، وزاد قائلا إنه ينبغي التصدي بكل الحزم والمسؤولية لهذه المظاهر.

وقال أحد المتتبعين للشأن العام المحلي بسيدي إيفني إنه ينبغي التصدي بكل الحزم والمسؤولية لهذه المظاهر، محملا المسؤولية للأحزاب والجمعيات أن تقوم بأدوارها التأطيرية، وألا تلتزم الصمت واللامبالاة تجاه هذه الظاهرة، لأن الصمت في مثل هذه المواقف يعتبر رديفا ومشابها للمؤامرة، كما أعرب ذات المتحدث أن هذه النزعات الانفصالية تتم تغذيتها من طرف قيادة البوليساريو من خلال التحريض، علما أن هدف هذه القيادة واضح وهو خلق البلبلة داخل أرض الوطن من خلال إعادة أحداث 2007 الأليمة، وما تبعها من اعتقالات وتشريد عائلات وخسارات اقتصادية علما أن سيدي إيفني منطقة بعيدة جدا جغرافيا وتاريخيا عن نزاع الصحراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *