ملفات

الطالبات الصحراويات بأكادير .. بين صعوبات التأقلم واتهامات التبرج

تعيش الطالبات الصحراويات ظروفا صعبة بالمدن الجامعية، وتتجلى أولى هذه الصعوبات في الإحساس بالغربة، بالإضافة إلى المواجهة الحقيقية مع ظروف الحياة ومتطلبات الاعتماد على النفس، إلى جانب النظرة التي يوجهها العديد من الناس إلى الطالبات الصحراويات بأنهن فتيات يسهل اصطيادهن واستغلالهن.

اتهامات مجانية

تسود نظرة لدى الكثيرين أن الطالبة الصحراوية، طالبة سهلة المنال، يسهل “اصطيادها” والإيقاع بها، بحجة الحاجة وصعوبة الظروف الاجتماعية والفقر وضغط المتطلبات اليومية. كلها تبريرات يسوقها الكثيرون لتبرير الإيقاع بالطالبة الصحراوية والتحرش بها.

نظرة قد تجد مبررا لها، خصوصا إذا علمنا أن هناك طالبات صحراويات وجدن أنفسهن داخل دوامة الاستغلال، ودافعهن في ذلك التغلب على مصاريف الحياة الجامعية، لكن تبقى هذه الفئة قليلة وناذرة، إذ أن الكثيرات اخترن القناعة والعيش بالقليل.

فتاة صحراوية

تتشابه قصص هؤلاء الفتيات، وتختلف الضحايا لكن النهاية واحدة الاستغلال من أجل الاستمتاع واللذة الجنسية. فاطمة طالبة بشعبة القانون، تعترف بتفشي ظاهرة استغلال الطالبات، خصوصا الصحراويات منهن، وتفسر ذلك بما تملكه الطالبة الصحراوية من جمال، بالإضافة إلى تربص الميسورين بالوافدات الجدد إلى أكادير.

في حين ترى خديجة طالبة بكلية الآداب والعلوم الانسانية شعبة علم الاجتماع، أن هذا الاستغلال لظروف الطالبات ناتج عن إعطاء الطالبة فرصة لهم كما تقول “لي دار راسو فالنخالة انقبو الدجاج”، لو أن الطالبة بصفة عامة بغض النظر عن الانتماء العرقي أعطت قيمة لنفسها ولمكانتها الاجتماعية لما استغلت من طرف “الكلاب” الضالة التي لا هم لها سوى المتعة الجنسية كما تقول خديجة.

صعوبة التأقلم

تجد العديد من الطالبات الصحراويات صعوبة كبرى في التأقلم مع الحياة الجامعية، والبعد عن دفئ الأسرة والعائلة، بالإضافة إلى تحمل مسؤولية العيش والتفاعل مع متطلبات الحياة الجامعية، واختلاف العادات والتقاليد. فالحياة الجامعية تعتبرها بعض الطالبات الصحراويات عالم غريب عنهن كليا.

وللتغلب على هذا المعطى تلجأ الطالبات الصحراويات إلى السكن على شكل مجموعات ذات انتماء عرقي واحد من أجل الترويح عن النفس وتفادي المشاكل التي قد تنشأ مع طالبات من مناطق أخرى. فالطالبات الصحراويات من واد نون شمالا إلى واد الذهب جنوبا يقطن فيما بينهن في شقق بالأحياء القريبة من الجامعة حتى لا تشعرن بالوحدة والغربة.

تقول حنان، وهي طالبة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أنها وجدت صعوبة في التأقلم مع المحيط الجديد، إلا أن تعرفها على طالبات من نفس المنطقة جعلها تملئ هذا الفراغ الاسري والاختلاف الكلي.

فتاة صحراوية تنقش الحناء

ضرورات الحياة

الفتاة الصحراوية هي فتاة معروفة بالعيش في مستوى عال، زد على ذلك مسألة العناية بجسدها وجسمها، كل ذلك يتطلب منها مصاريف كثيرة، فالطالبة الصحراوية تفوق مصاريف عيشها في الحياة الجامعية 3000 درهم في الشهر ما بين المأكل والمشرب والعناية بالجسم والجسد للظهور في أبهى حلة.

تقول السالكة؛ الطالبة بشعبة التاريخ والحضارة كلما كانت الصحراوية “بدينة” كلما زادت حظوظها في الزواج، إذ تبقى السمنة من مواصفات الجمال الضرورية التي تصر على امتلاكها المرأة الصحراوية، فالجمال عند الصحراويات لا يتعلق فقط بامتلاك وزن زائد حسب السالكة.

فلجمال بشرتها أيضا مكان في هذه العملية، حيث تحرص النسوة على تحضير وصفات من الأعشاب الخاصة بتبييض البشرة وتصفيتها تستعملها الفتاة بشكل يومي، إلى أن تحصل على بشرة فاتحة ورطبة، هذا مع الحرص على تخضيب يديها وقدميها بالحناء حتى تكون في أبهى حللها يوم زفافها.

فرغم التزام الطالبات بالدراسة إلا أنهن مواظبات على تحضير الوصفات التجميلية والعناية بأجسادهن، تحسبا لأي “طارئ”.

هكذا هي الحياة اليومية للطالبة الصحراوية

تستيقظ الطالبة الصحراوية غالبا حوالي الساعة العاشرة صباحا، تقوم بتحضير الشاي على الطريقة الصحراوية كما تحضر “الزريك” الذي يعتبر من الضروريات عند الصحراويين، تقول احجبوها. يعتمد الغذاء الصحراوي على اللحم واللبن أساسا، وعلى المنتوجات الفلاحية خاصة الشعير والتمور، لأن المجتمع الصحراوي اليوم استطاع التكيف مع حياة التمدن بشكل مذهل.

ومن أهم الوجبات الغذائية التي تقوم بتحضيرها داخل الحياة الجامعية “مارو” أي الارز و”العيش”، أو ما يعرف بالعصيدة ومن الوجبات الخفيفة أيضا “بلغمان” “والزميتْ”، وهما أكلتان يصنعان من دقيق الشعير المجفف على النار قبل طحنه والمعروف “بالمڭلي” أو “أمڭلى” يضاف إليه السمن أو الزبدة وهي وجبة خفيفة سهلة التحضير غالبا ما تكون للفطور أو كلما دعت الحاجة إلى الأكلات السريعة.

عادة لا تبتعد الوجبات الغذائية التي تحضرها الطالبة الصحراوية عن كل ما يزيد من أناقتها وجمالها، فلجسم الصحراوية نصيب في اليوم، فهي تهتم به من خلال وضع وصفات تجميلية، بحيث تقضي معظم وقتها بالبيت، فهي لا تخرج بالنهار خصوصا إذا كانت درجة الحرارة مرتفعة وأشعة الشمس ساطعة، خوفا من اسمرار بشرتها، وإذا دعتها الضرورة لمغادرة البيت، فهي تقوم بوضع قفازات ليديها وتغطي وجهها بزيها الصحراوي “الملحفة” وتضع نظارات سوداء.

طالبات صحراويات يرتدين الزي المحلي

للعلم نصيب

يبقى الهدف الأول والأخير لدى الطالبات الصحراويات، هو تحصيل العلم والحصول على الشهادة الجامعية، لهذا نجد شغلهن الشاغل هو الدراسة وتحصيل العلم والمعرفة قصد الارتقاء لمستوى أفضل يرضيهن ويرضي أولياء أمورهن.

فأغلب الطالبات الصحراوية لا يعدن إلى بيوتهن إلا وشواهد جامعية وديبلومات موازية بأيديهن، لتبدأ لديهن رحلة جديدة للبحث عن وظائف وأعمال تليق بهن، فيما البعض الآخر يفضل الزواج وتكوين أسرهن بعيدا عن مشاكل العمل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *