متابعات

العنف الجنسي والاتجار في البشر .. صور بشعة من داخل تندوف

تكشف تقارير لمنظمات حقوقية دولية يوما بعد يوم عن تورُّط قادة جبهة البوليساريو الانفصالية في قضايا يُجرمها القانون الدولي تتمثل في الاستغلال والعنف الجنسي والتعذيب والاتجار في النخاسة.

وحسب هذه التقارير فإن ممارسات الاستغلال تتمثل في نهب المساعدات الإنسانية التي ترسلها المجموعة الدولية لسكان المخيمات لتبيعها في أسواق الجزائر ومالي وموريتانيا، كما تمنع سلطات الجبهة عائلات مغربية من زيارة ذويها في تندوف خلال العملية الإنسانية التي تنظمها منظمات دولية، وذلك من أجل الضغط عليها لثنيها عن العودة إلى المغرب.

وفيما يخص التعذيب؛ فقد كشفت شهادات العائدين من تندوف عن عدة أنواع أبرزها: الاعتقال التعسفي والاستغلال الجنسي للنساء. وتمتد الممارسات اللاإنسانية والمخالفة لكل الأعراف والقوانين في حق السكان الصحراويين إلى الاعتداء الجنسي على النساء حتى المتزوجات منهن والفتيات.

وحسب تقارير منظمات حقوقية زارت مخيمات المحتجزين بتندوف، من بينها منظمة هيومن رايتس ووتش، فإن المرأة الصحراوية تتعرَّض لظاهرة الزواج القسري وتُغتصب براءتها وتُستغل في البِغاء وفي أعْمال إباحية، وتُؤكد هذه المُعْطيات شهادات حية لعائدات من تندوف كشفن في تصريحات صحفية أنهن تعرضن للاغتصاب من قبل مسؤولين بالبوليساريو.

وتعرَّضت فتيات كثيرات لنفس الاعتداء، وأكدن أن مسؤولي البوليساريو يُرغِمونهن في كثير من الأحيان على الرضوخ لرغباتهم الجنسية مقابل تلبية احتياجاتهن الأساسية.

تبقى التجارة في الأطفال وتهجيرهم إلى إسبانيا أو ترحيلهم إلى كوبا كما في السابق للتدريب العسكري والتكوين الإيديولوجي وذلك منذ سنوات، المعاناة الأبرز للأسر والعائلات الصحراوية بتندوف، حيث يقضي أبناءهم مدد طويلة بعيداً عن العائلة ورقابتها وتنشئتها الدينية والثقافية، وحسب بعض الإحصائيات فإن حوالي 6 آلاف طفل صحراوي بعثت بهم قيادة البوليساريو إلى كوبا من أجل الدراسة والتدريب على السلاح.

وَلَئنْ كان في الماضي تنظر بعض العائلات الصحراوية بقلقِ كبير إلى مستقبل أبنائها الذين يُرحَّلون لمعسكرات التدرب والقتال؛ فإنه في الوقت الحاضر يسود داخل المجتمع الصحراوي بمخيمات تندوف جدل أخلاقي واجتماعي بسبب خروج مئات من الأطفال كل عام إلى مخيمات الاصطياف تنظمه إسبانيا في إطار برنامج تُطلق عليه “عُطل في سلام”، وذلك بسبب أن كثيراً منهم يهرب ويقضي سنوات طويلة قبل أن يعود إلى حضن عائلته بينما يسقُط آخرون في أيدي مافيات المخدرات أو تُجَّار البشر أو شبكات التنصير والتي ركَّزت نشاطها على الأطفال الصحراويين ما يجعلهم عُرضة للتبشير وتغيير دينهم الإسلامي

يتفاوت الدعم الذي تحظى به جبهة البوليساريو بين دول يقتصر دعمها بالاعتراف الرسمي بها كدولة، وعددها تقلص منذ تأسيسها إلى أقل من 30 دولة. وبين دول تتجاوز الاعتراف بها إلى دعمها كالنظام الجزائري والمتمثل في الجنرالات الحاكمة والتي وفرت الدعم لقادة البوليساريو واحتضنتهم على أراضيها ونظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي قبل سقوطه، وفنزويلا قبل وفاة زعيمها هوغو تشافيز، وبين دول أخرى تلعب بجبهة البوليساريو كورقة ضغط على المغرب واستفزازه في وحدته الترابية، وتتباين مواقفها بين ما هو مُعلَن ويتمثل في عدم الاعتراف الرسمي وبين ما هو مُضْمر ويتمثل في الدعم الغير المباشر عن طريق الأحزاب أو المنظمات الأهلية.

وبعد انهيار نظام القذافي في ليبيا ووفاة الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز؛ وجد النظام الجزائري نفسه في موقف صعب، الأمر الذي دفع به إلى اتخاذ مساحة من تحركات جبهة البوليساريو، غير أن إسبانيا رغم موقفها الرسمي الذي يأخذ طابع الحياد في كثير من الأحيان تبقى الفاعل الرئيسي في كل “القوة والحضور البارز” للبوليساريو في المشهد الدولي، حيث يحظى هذا الأخير بدعم مالي ومعنوي قوي يتخذ طابعاً سياسياً وإنسانياً وإعلامياً وحقوقياً من عدد من الأحزاب والهيئات والمنظمات المدنية الإسبانية.

فعلى المستوى السياسي؛ تُبادر عدد من بلديات المدن الإسبانية خصوصاً تلك التي يقودها الحزب الاشتراكي الشعبي المؤيد للجبهة الانفصالية على توقيع “اتفاقيات توأمة” بينها وبين “ولايات افتراضية” تُمثِّل مخيمات تندوف الأربعة.

وعلى المستوى الإنساني تُقدِّم الجمعيات المدنية الإسبانية مساعدات تموينية ومالية مُباشرة لجبهة البوليساريو لتقوم بتوزيعها على السكان الصحراويين بمخيمات تندوف، كما تقوم تلك الجمعيات بتهجير مئات الأطفال إلى إسبانيا تحت ذريعة قضاء العطلة الصيفية أو الدراسة والتكوين، وذلك بتنسيق مع جبهة البوليساريو التي تقتلع الأطفال والمراهقين عنوةً من عائلاتهم وذويهم الذين يخشون على مصير التنشئة الدينية والثقافة المحافظة التي تلقوها في وسطهم الأسري.

أما على المستوى الإعلامي والحقوقي، فإن بعض الصحافة الإسبانية والمنظمات الحقوقية تلعب دوراً كبيراً في الترويج لأطروحة جبهة البوليساريو الانفصالية، حيث تقوم بزيارات ميدانية لما تُسميهم “مخيمات اللاجئين بتندوف” وتُنجز تقارير عن الأزمة الإنسانية للسكان الصحراويين دون الإشارة إلى تورُّط نُشطاء البوليساريو في تلك الانتهاكات والتي تتهمهم جُل التقارير الدولية بالمسؤولية المباشرة عنها والمعنوية للجزائر، كما تقوم بعض المؤسسات الإعلامية عن إنتاج أشرطة مصورة وتشارك بها في مهرجانات الأفلام الإسبانية، كان آخرها فيلم “أبناء السحاب، آخر مستعمرة” الذي عُرِض في المهرجان السينمائي الإسباني بلندن، في أكتوبر الماضي.

ولا يقف دعم المجتمع المدني والجمعيات الإنسانية  للبوليساريو عند هذا الحد فبالإضافة إلى احتضان عددً من قادة البوليساريو ونشطائها البارزين و دعمهم لتنظيم أنشطة ترويجية لأطروحة الانفصال عن المغرب؛ فهذه الجمعيات تلعبُ دوراً هاماً في حفاظ عصابة الرابوني على بصيص الأمل من إشعاعها على المستوى الأوروبي، ذلك أن بعض الأحزاب داخل البرلمان الأوربي تنزل بكل ثقلها للحيلولة دون التصويت على عزل جبهة البوليساريو دولياً، كان آخرها إقناعها للجمعية البرلمانية للحلف الأطلسي في اجتماعها الأخير شهر أكتوبر الماضي بكرواتيا بالعدول عن اعتبار جبهة البوليساريو مُنظمة تُشكًل خطراً على وحدة المغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *