وطنيات

بلعسال: القانون التنظيمي للجهات لا يستحضر فصل السلط

انتقد شاوي بلعسال رئيس فريق الاتحاد الدستوري بمجلس النواب مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالجهات، معتبرا أنه لا يستحضر وضع أقاليمنا الجنوبية المسترجعة، كما أنه يفتقد إلى ديباجة تؤطر النموذج الجهوي المقترح، والسياق العام الذي جاء فيه، وتوضح مكانة الجهة والمبادئ التي تقوم عليها، والأسس التي تنبني عليها وعلاقتها بالمؤسسات الترابية الأخرى، وصدارتها لها، وأهداف الجهوية التنموية والاجتماعية والثقافية والبيئية.

وتساءل رئيس فريق الاتحاد الدستوري عن الإضافات الأخرى التي يمكن أن تتمتع بها هذه الأقاليم على ضوء المخطط الذاتي، “الذي نعتبره إطارا لحل هذا النزاع المفتعل، وتحرير أوضاع هذه الأقاليم من الانتظارية والجمود في ظل جنوح جارتنا الجزائر إلى إطالة أمد هذا النزاع، بما يخدم أهدافها السياسية الداخلية”، يقول بلعسال في كلمه له خلال اجتماع لجنة الداخلية والجماعات المحلية والسكنى وسياسة المدينة أول أمس بمجلس النواب.

وقال بلعسال “إن مشروع القانون لا يأخذ بعين الاعتبار مبدأ فصل وتوازن السلط في الهندسة القانونية التي يقوم على أساسها المشروع، فليس هناك توازن بين المنتخبين، والسلطة التنفيذية من ممثلي الدولة المركزيين والترابيين، ولذلك جاءت المطالبة بإعادة صياغة المشروع في اتجاه إضفاء نوع من التوازن بين سلطة المنتخب وسلطة المعين”، موضحا أن “التأويل الذي أقدمت عليه الحكومة حول علاقة السلطة المركزية بالجماعات الترابية يظل في اعتقادنا تأويل غير ديمقراطي وتهيمن عليه النزعة التحكمية في التدبير الجماعي الحر النزيه”.

وأضاف “لا يستقيم تمتيع الجهات بحرية تدبيرها ومجلسها يظل ملزما بالتأشير على أبسط الأمور بدءا بجدول الأعمال، ولذلك أخذنا على عاتقنا في المعارضة مطلبا بضرورة تعويض مصطلح المراقبة الإدارية بالمواكبة الإدارية تماشيا مع جوهر الفقرة الثالثة من الفصل 145 من الدستور، أخذا بعين الاعتبار أن شكل الدولة يبقى موحدا في ظل ملكية موحدة وأن اللامركزية التي اختارتها بلادنا هي لا مركزية إدارية وليست سياسية”.

ومن بين الانتقادات التي ساقها بلعسال التي تهم مشروع القانون التنظيمي للجهات هو “أن المراقبة التي يقترحها المشروع يمنح الوالي صلاحيات واسعة للمراقبة مع إمكانية وقف تنفيذ القرارات والمقررات، وهو ما من شأنه تعطيل عمل المجالس الجهوية”، مقترحا مقابل ذلك “تقوية السلطة القضائية في ممارسة المراقبة على أعمال المجالس الجهوية وإعطائها حق البت في كل القرارات أو المقررات التي تتخذها أجهزة المجلس الجماعي لتحصين القرار الجهوي من جهة، ومن جهة أخرى تأمين عدم تجاوزه للاختصاصات التي حددها له القانون التنظيمي”.

وميز بلعسال في مداخلته بين نوعين من القضاء، الأول هو القضاء الاستعجالي ويتعلق بـ”مراقبة المشروعية التي تستدعي وقفا للتنفيذ، حيث يبت في القضية في ظرف 48 ساعة”، والثاني يهم القضاء الإداري، ويبت في الأمور العادية، ويقترح 30 يوما ابتدائيا و 40 يوما استئنافيا.

رئيس فريق الاتحاد الدستوري بمجلس النواب، أكد كذلك، بأن المشروع تبنى مقاربة خجولة على مستوى الاختصاصات، فـ “بدل أن يعمل على تقوية الاختصاصات الذاتية للجهات باعتبار صدارتها كجماعة ترابية دامجة لباقي الجماعات الترابية الأخرى، نجده يتغافل الاقتراحات والتوصيات التي انبثقت من خلال النقاش العام حول الجهوية بل ولم يستثمر بالشكل الكافي عددا من التوصيات الوجيهة للجنة الاستشارية حول الجهوية”، يقول بلعسال.

وأضاف أن المشروع ذاته “لم يعمل على تحديد واضح لمفهوم نقل الاختصاص والتمييز بين نقل التدبير ونقل الخدمات على غرار التجربة الجماعية في الموضوع، كما أن التعاقد كمفهوم وظيفي يجب حذفه عند الحديث عن الاختصاصات المنقولة، على اعتبار أن هذه الاختصاصات تصبح ذاتية لحظة نقلها، ولا يمكن أن نتعاقد على صلاحية هي في الأصل ذاتية”.

ووصف بلعسال الجهوية بـكونها لا زالت مترددة وما ينبئ أيضا أنه لم يقع الحسم بعد في جوهرها لتمكينها من التكفل باختصاصات واضحة، وبتقوية قدراتها في التدخل والتدبير، وجعلها تعتمد الأساليب الاحترافية، وتكرس مبادئ وقواعد الحكامة الجيدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *