آخر ساعة

مسلسل الفشل المتواصل لجبهة البوليساريو

مقال رأي

منذ تأسيسها في سنوات السبعينيات من القرن الماضي في خضم الصراع بين المدين الشيوعي و الرأسمالي الذي كان يعيشه العالم آنذاك، عرفت جبهة البوليساريو على مدار تاريخها سلسلة من الإخفاقات والكبوات ضربت في الصميم المغزى من وجودها.

أولى هذه الإخفاقات تتمثل في الاندحار العسكري خاصة بعد قرار المغرب إنشاء الحائط الأمني، مما شكل ضربة قوية لمقاتلي البوليساريو، الذين عجزوا عن تنفيذ ضرباتهم داخل الأقاليم الصحراوية، حيث كانوا يستفيدون من معرفتهم الدقيقة بتفاصيل الجغرافية للمنطقة.

الفشل العسكري، تلاه فشل دبلوماسي وسياسي على مستوى المنتظم الدولي، فبعد انهيار المعسكر الاشتراكي، بدأت أطروحات الانفصال والتحرر تعرف انكماشا، مقابل سعي الدول إلى إنشاء تكتلات جغرافية واقتصادية، قادرة على مواجهة تحديات العولمة.

الاندحار الدبلوماسي للبوليساريو، تفاقم مع هبوب رياح الربيع العربي، التي كانت عاتية على نظام معمر القدافي في ليبيا، الذي لم يستطع الصمود، ففقدت بدلك البوليساريو احد أهم عرابيها.

وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فانه من الراجح أن يفقد قادة الرابوني الدعم المطلق لبعض الدول المعروفة بمساندتها اللا مشروطة لهم، ككوبا بعد مصالحتها مع الولايات المتحدة الأمريكية، ونيجيريا بعد انتخاب رئيس جديد و حتى الجزائر التي تعرف مشاكل اقتصادية جمة مع انخفاض مداخيل البترول و الغاز إلى مستويات كارثية.

أمام هذه المتغيرات الجيوستراتجية، أدركت البوليساريو انه لم يبقى أمامها من خيار لاستمالة تعاطف المنتظم الدولي سوى الرهان على ورقة احترام حقوق الإنسان، وذلك في مسعى لتشويه المغرب.

للوصول إلى هذا المبتغى، جند قادة الرابوني شرذمة من الانفصاليين بالأقاليم الصحراوية، ووفروا لهم جميع الإمكانات المادية واللوجستكية لإشعال الانتفاضة داخل هذه الأقاليم.

هذه الإستراتجية التي تبلورت انطلاقا من أحداث العيون سنة 2005، وبلغت أوجها بأحداث اكديم أزيك، شكلت متنفسا للبوليساريو للدفاع عن أطروحته أمام الرأي العام الدولي، وتقديم المغرب كبلد ينهج سياسة الخرق الممنهج لحقوق الإنسان الصحراوي في التعبير والتظاهر وتقرير المصير.

وبما أن حبل الكذب قصير، فالمغرب القوي بمؤسساته استطاع التغلب بحكمة ورزانة على هذه الإستراتيجية الشيطانية للبوليساريو، فبدأت شرارة ”الانتفاضة الصحراوية” بالأقاليم الجنوبية، تخبو في اندثار وتراجع كبيرين، فلم تعد الحركات الاحتجاجية بهذه الأقاليم تستقطب سوى قلة من المرتزقة الانتهازيين، الذي يعملون على تجييش القاصرين بالمقابل لافتعال المواجهات مع قوات الأمن.

أمام هذه الإخفاقات المتكررة، التي ستكتمل بإصدار مجلس الأمن أواخر شهر ابريل تقريره السنوي حول الصحراء، بدأت جبهة البوليساريو تلوح بسحب تعاونها مع الأمم المتحدة وعودتها لحمل السلاح، وهما خياران غير قابلين للتحقيق، مادامت جل الدول العظمى لن تقبل باندلاع حرب في الصحراء، يبقى المستفيد الأكبر منها هو المد الإرهابي في الساحل جنوب الصحراء.

انطلاقا مما تقدم، يحق لنا أن نتساءل، هل قادة الرابوني يسعون فعلا لحل قضية الصحراء؟ الجواب حتما سيكون بالنفي، فهدفهم هو إطالة أمد هذه “البقرة الحلوب” أي الصراع المفتعل، ما داموا يستفيدون ماديا من المتاجرة بمصير المحتجزين في مخيمات لحمادة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *