الشريط الأحمر | مجتمع | هام

مغاربة وأجانب أصبحوا يتخوفون من أكادير بسبب “محاكم التفتيش”

ثلاث حوادث متتالية تناقلتها وسائل الإعلام جعلت من أكادير مكانا تمارس فيه قوانين جديدة على المجتمع المغربي، تتمثل في قيام جموع من المواطنين بتنصيب محاكم التفتيش لمعاقبة من يرونه يخالف “الشرع والعقيدة” في إطار ما يسمى بالنهي عن المنكر والأمر بالمعروف حسب ماذهبوا إليه.

فقد حاصر مجموعة من تجار سوق إنزكان، أغلبهم لهم ميولات إسلامية واضحة، فتاتين قالوا إنهما أخلا بالحياء عندما ارتديتا لباسا “غير محتشم”، ليتدخل الأمن الذي قدم الفتاتان للنيابة العامة التي قامت بمتابعتهما.

الحادثة الثانية هي قيام مجموعة من الشبان بنصب لافتة على شاطئ أكادير تدعو السياح إلى عدم الاستحمام في البحر احتراما لشهر رمضان، وهي اللافتة التي قامت السلطات بإزالتها، لكن بعد انتشار صورها كالنار في الهشيم على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية الإخبارية.

والحادثة الثالثة هي إقدام مجموعة كبيرة من الشباب بوسط أكادير بمحاصرة شابين قالوا إنهما “مثليين” داخل أحد المقاهي، ولولا عملية تهريب الشابين بواسطة سيارة للأجرة لتطورت الحادثة إلى مالاتحمد عقباه.

هذه الحوادث الثلاث تشترك في كون العامة التي تبادر بمثل هذه الخطوات هي التي تصدر الأحكام، وتحل مكان الأمن والقضاء، وتنصب المحاكمات، كما تنم هذه الوضعية غير السوية عن استكانة غير مفهومة لأجهزة الأمن والقضاء، الشيء الذي يمكن أن يؤدي إلى انفلات أمني الجميع في غنى عنه.

لقد كان بمقدور النيابة العامة بإنزكان التي أحالت الفتاتين المذكورتين على المحكمة، أن تلقي القبض على مجموعة تجار سوق إنزكان التي حلت دون وجه حق مكان قوات الأمن عندما حاصرت واعتقلت الفتاتين، وأن تحاكم هذه المجموعة بانتحال صفة ومهنة ينظمها القانون، والتطاول على الاختصاصات، بدل الاكتفاء بمتابعة الحلقة الضعيفة.

إن الأزمة الخانقة التي يعيشها القطاع السياحي بأكادير، يمكن أن تزيد مثل هذه الأحداث من استفحالها وديمومتها، لأن من يريد أن يزور أكادير لقضاء عطلته لايمكن له أن يتعايش مع فضاء سمع أوقرأ أنه تحكمه “محاكم التفتيش” وجماعات “النهي عن المنكر”.

كما أن من شأن هذه الأحداث كذلك أن تدفع بعدد من المواطنين الذين كانوا يرغبون في اقتناء مسكن ثانوي بأكادير لقضاء عطلهم إلى التفكير في مكان آخر، كما هو الشأن مع أحد الأشخاص من مراكش الذي تراجع عن اقتناء منزل بأكادير، على إثر تداول أخبار هذه الأحداث، مفضلا مدينة برتغالية يتنفس فيها حرية أكبر كما عبر عن ذلك بنفسه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *