خارج الحدود

خطبة طفلين…تفتح ملف زواج القاصرات في مصر

نشر أب مصري صورة لطفلته ذات الخمس سنوات ترتدي فستان الخطوبة، وإلى جوارها طفل آخر، يرتدي بدلة سوداء، في صفحته بموقع فايسبوك، وكتب أعلاها: تم بحمد الله خطبة سلمى عيد البنا، على ابن خالتها يوسف عيد، والزواج بعد التخرج. وأثارت الصورة الكثير من ردود الفعل الغاضبة، لاسيما في أوساط المدافعين عن حقوق الطفل، وتعرض الأب عيد البنا، وهو عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بمحافظة جنوب سيناء، لإنتقادات شديدة، ووصل الأمر إلى حد تقديم بلاغ للوزارة الداخلية بحقه. ويعتبر علماء النفس والإجتماع، أن خطبة الأطفال، تعتبر انتهاك لطفولتهم، وقال الدكتور علي سعيد، أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة، إن استمرار التقاليد الإجتماعية لدى البعض في مصر سواء في سيناء أو الريف أو الصعيد، التي تسمح بزواج أو خطبة الأطفال تحتاج إلى وقفة حاسمة من جانب الدولة، لاسيما أن هذه التقاليد تعتبر ضد القانون والشرع، مشيراً إلى أن الخلافات الزوجية وانتشار الطلاق نتيجة طبيعية لمثل هذه الزيجات، التي يتم الحجر فيها على إرادة ومشاعر الأطفال عندما يصلوا إلى سن الزواج. ولفت إلى أن إجبار الأطفال على الخطبة يعد إنتهاك لحقوق الطفل في ممارسة حياته الطبيعية بحرية، ووضعه في موضع المسؤولية منذ نعومة أظافره بما يحمله فوق طاقته النفسية. وأجرت وزيرة الدولة للسكان، الدكتورة هالة يوسف، تحقيقات في الأمر، وقالت إن والد الطفل وشقيقه اعترفا بهذه الواقعة، معللين ذلك بأنه تقليد متبع بأن الطفلة منذ ولادتها تتم خطبتها لابن عمها أو ابن خالها أو خالتها، وأنه سيتم الزواج بعد التخرج. وأضافت في تصريح لها، أن هذه الواقعة قيدت لدى خط نجدة الطفل ١٦٠٠٠ برقم 111450، وتم تكليف اللجنة العامة لحماية الطفولة بمحافظة جنوب سيناء، بالتقصي عن هذه الواقعة وتقديم تقرير بشأنها. وتوعدت بتقديم بلاغ إلى وزارة الداخلية قطاع حقوق الإنسان؛ لاتخاذ إجراءاته في هذا الشأن، وأخذ التعهد اللازم على والدي الطفلين بحسن رعايتهما، وعدم تكرار ذلك ووقف أي إجراء في هذا الشأن؛ لحين بلوغهما السن القانونية، وبلوغهما لما يكفي للوعي بما يسمح للحديث في هذه الأمور. وقالت إن المجلس سيطالب أجهزة الدولة بالتصدي لمثل هذه الوقائع التي باتت متكررة، ويتعين اتخاذ إجراءات رادعة بشأنها بما يتفق وأحكام قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 وتعديلاته. سلمى ليوسف.. ويوسف لسلمى، تقليد عائلي يحصل في غالبية الجمهورية، هكذا رد والد الطفلة سلمى، وقال إن خطبة الطفلة لإبنها خالها أو ابن عمها أو أحد أقاربها تقليد متعارف عليه في مصر، ويتم الزواج لما يبلغ الطفلان سن الزواج. وأضاف أنه نشر صورة الطفلين، وكتب أن الزواج بعد التخرج. وانتقد ما وصفه بالإهتمام الزائد عن الحد بالقضية، وقال أن هناك أزمات ومشاكل كثيرة جدا في مصر تستحق كل هذه الضجة، ويجب أن ينصرف الناس إليها، لافتاً إلى أنه الأحن على طفلته والأدرى بمصلحتها، ولا يحتاج إلى الحكومة أو نشطاء حقوق الإنسان ليعلموه ذلك. الشرع الإسلامي يرفض هذا النوع من الزواج، وقالت الدكتورة آمنة نصير، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن الزواج في الإسلام مرهون بالبلوغ والرشد، مصداقاً لقوله تعالى: وابتلوا اليتامي حتي إذا بلغوا النكاح، فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم، وأوضحت لإيلاف أن هذه الآية تتحدث عن بلوغ الرشد والعقل في الذمة المالية، مشيرة إلى أن البلوغ والرشد في الزواج أولى لتحمل مسؤولية بناء أسرة ورعاية الزوج والأطفال، مشيرة إلى أن القياس على زواج الرسول صلى الله عليه وسلم بالسيدة عائشة وهي مازالت في سن الطفولة لا يجوز، ونبهت إلى أن السيدة عائشة كانت لديها خصوصية في هذا الشأن، ليس مسموح بها لمن هم في مثل سنها وفي غير عصرها. وانتقد محمود البدوى رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، الواقعة، معتبراً أنها تخالف القانون وحقوق الطفل، وقال إن القانون نظم مسائل الزواج ووضع شرط صريح بأن سن الزواج هو 18 عشر سنة ميلادية للذكر و 16 للأنثى, كما انه لا يجوز توثيق عقد الزواج لمن هم دون سن الـ18 عام وفقاً لقانون الأحوال الشحصية المصري. ووصف في تصريح أرسله لإيلاف التصريحات التى خرجت عن وزارة الأسرة والسكان تعقيباً على تلك الواقعة بأها غير مسؤولة، معتبراً أن هذه التصريحات تؤكد أن بعض المسؤولين بالدولة المعنيين بشأن الطفولة يعيشون فى حالة إنفصال تام عن الواقع المجتمعي المصري, متهماً إياهم بالتعاطي مع المشكلات المجتمعية بنوع من الإستخفاف. وانتقد تصريحات وزيرة السكان، التي أعلنت فيه أنها بصدد تقديم بلاغ ضد والدي الطفل والطفلة بخصوص أخذ تعهد عليهما بحسن رعايتهما. وقال إنه كان يتوجب على الوزارة بأن تبادر بإرسال فريق لتوعية أسر الطفلين بمخاطر مثل تلك الممارسات غير المنضبطة وذات التأثير السلبي على الأطفال, هذا فضلاً عن وضع مخطط توعوي يهدف الى زيادة مساحة الوعي المجتمعي لدى الأسر المصرية، وبخاصة بالمناطق الريفية والصعيد والمناطق الشعبية للتبصير بمخاطر ظاهرة الزواج المبكر, وما تمثله من خطر على صحة الطفل وتهدد أمنة النفسي، فضلاً عما تمثلة من مخالفة صريحة لنصوص قانون الأحوال الشخصية وقانون الطفل والمادة 80 من الدستور المصري. وطالب البدوى رئاسة مجلس الوزراء بالتصدي بحزم لما وصفه بحالة التكلس وعدم الفاعلية التي باتت سمة من سمات بعض المجالس المتخصصة والتى إنفصلت طواعية عـن القضايا المنوطة بها. على حد قوله. ووفقاً لدراسة أجرتها وزارة الأسرة والسكان في العام 2010، فإن نسبة زواج القاصرات في بعض محافظات مصر، وصل إلى 74% من عدد الزيجات، وأوضحت الدراسة التي أُعدت بالتعاون بين وزارة التضامن ومنظمة اليونسيف في نفس العام أن نسبة زواج القاصرات في مصر حوالي 11% من الزيجات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *