متابعات | هام

تغييرات أمنية بالجزائر تثير تساؤلات الشارع المحلي

أثارت التغييرات التي أجراها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة خلال الأيام الماضية، وطالت عدة أجهزة أمنية وحكومية هامة، الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام في الشارع الجزائري، بشأن دلالاتها وأسبابها.

فبعد ساعات من تعديل حكومي جزئي مس مجموعة من الوزارات، أعلن بوتفليقة عن حركة تغيير واسعة بسلك الولاة، لتعقبه بعد ذلك عملية تغيير هامة شملت ثلاثة أجهزة تابعة للجيش، ويتعلق الأمر بتغيير قائد مديرية الأمن الداخلي (مكافحة التجسس) داخل المخابرات، ومسؤول مديرية الأمن الرئاسي، وقائد الحرس الجمهوري.

ويؤكد الخبير في الشؤون الاستراتيجية إسماعيل معراف أن هذه التعديلات جاءت لتؤكد “وجود صراع نفته سابقا السلطة بين مؤسستي الرئاسة والمخابرات”.

وبرأيه فإن هذه “التغييرات مؤشر إخفاق واضح على مستوى السلطة في إدارة خلافاتها بطرق سلسة، وتؤكد وجود تباين في الرؤى بين المؤسستين في تسيير الشأن العام للجزائريين”.

واتهم معراف أطرافا أجنبية، في مقدمتها فرنسا، بالدخول على الخط، وبيّن أن الرئيس الفرنسي فرانسو هولاند الذي يساند بقوة الرئيس بوتفليقة استشعر تعرض مصالح بلاده الاقتصادية في الجزائر للخطر، بعد تواتر أنباء عن إيقاف عدد كبير من الشركات الفرنسية عن العمل بالجزائر، وهو ما دفعه لطلب مقابلة قائد المخابرات الجزائرية الفريق محمد مدين المعروف بـ”الجنرال توفيق”، لكن الأخير رفض ذلك.

استشعار قلق

ونفى في حديثه لـ “الجزيرة.نت” أن تكون هذه التغييرات الشاملة مؤشر على فوز طرف على آخر، لكنه يرى أن التغييرات التي طالت المؤسسة الأمنية دليل على أن معسكر الرئاسة استشعر القلق من نجاحات حققتها المخابرات ميدانيا في ملفات أمنية واقتصادية، وهو الأمر الذي حجم دور الرئاسة في المشهد الجزائري.

في المقابل يؤكد نسيم بلهول مدير تحرير مجلتي “جيوبوليتيكا” و”دفاعات” المختصتين في العلوم الأمنية والعسكرية أن انخراط الجزائر الفعال في عمليات الصراع المستمر ضد ما يسمى بـ”الإرهاب” عزز دور المؤسسة العسكرية والمؤسسة الأمنية (الأمن والاستعلام كصفوة نخبة الأمن القومي الجزائري) على حساب بقية المؤسسات السيادية الأخرى، وعلى رأسها مؤسسة الرئاسة.

مشاركة مديرية الأمن والاستعلام (المخابرات) في عمليات صوغ البيت الأمني الجزائري وخطوطه الحمراء، على حساب اعتبارات الولاءات السياسية لقصر الرئاسة أوقع هذا الأخير -حسب بلهول- في نفق الإحراج وأجندته الخارجية، خاصة بعد عملية تحرير الرهائن في “تيفنتورين”، وهي العملية التي نفذتها مجموعة “الموقعون بالدماء” تحت قيادة مختار بلمختار، ووصفها بلهول بالعملية الناجحة الخارجة عن كل وسائط السيطرة الرئاسية.

ويؤكد بلهول أن تغيير رأس مصلحة مكافحة التجسس بمثابة تأكيد على حقيقة ومصداقية هذا الصراع، الذي أعقبه تنظيف شامل لكل الأدوات المرتبطة والرأس المدبرة لعمليات الجيل السادس في الجزائر بإقالة أربعة عقداء ينتمون لنفس الجهاز.

صلاحيات دستورية

وحسب حديث بلهول لـ “الجزيرة.نت” فإن “الرئاسة ومع هشاشة بيتها الداخلي، ومع ضغوط البنتاغون واستفزازات الإليزيه باتت مجبرة على لعب ورقة رأس المال السياسي، بتوظيف رجال المال والأعمال لتنمية الجناح الرئاسي على حساب الجناح الأمني الضيق بشقيه التقني والمخابراتي، والهدف من وراء ذلك إضعاف والإطاحة بأقوى ورقة في بيت الحرس القديم الثابت في بيت الأمن القومي الجزائري”، في إشارة إلى الجنرال توفيق.

ورغم كل هذه التساؤلات التي تثار بشأن هذه التغييرات ودلالاتها، فإن الناطق الرسمي لحزب التجمع الوطني الديمقراطي (حزب موال)، الصديق شهاب، أكد لـ “الجزيرة.نت” أن حزبه مؤمن بحق مؤسسات الدولة في ممارسة صلاحياتها الدستورية بكل حرية.

ولأن الرئيس له الحق دستوريا في إدخال التغييرات التي يراها مناسبة على مختلف المؤسسات الأمنية والعسكرية والحكومية فهو غير مطالب بتقديم تفسيرات وتبريرات لقراراته. واستغرب شهاب الجدل الكبير الذي برز بعد هذه التعديلات، واتهم أطرافا لم يسمها بتقديم تأويلات غير دقيقة للموضوع، والهدف من ذلك برأيه إثارة مشاكل في قضايا واضحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *