آخر ساعة

جحيم مخيمات تندوف و”الجامعة الصيفية”

تشير التقارير الحقوقية الصادرة عن منظمات دولية تُعنى بحقوق الإنسان، إلى أن السكان الصحراويين بالمخيمات التي أنشاها البوليساريو بمدينة تندوف الجزائرية في سبعينيات القرن الماضي يعيشون أوضاعاً إنسانية مزرية تتراوح بين سوء المعاملة والحرمان من كافة الحقوق الأساسية والتنكيل الى جانب انعدام ادنى وسائل وشروط البقاء .

وحسب المعطيات المتوفرة من هناك فإن سكان مخيمات تندوف وعددهم حوالي 40 ألفاً حسب إحصائيات منظمات دولية ينقسمون إلى فئتين؛ الأولى وهي قليلة العدد جدا مقربة من مراكز النفوذ في جبهة البوليساريو وتتمتع بحياة عيش رغيدة، بينما تئن الفئة الثانية تحت وطأة ظروف اجتماعية قاسية محرومة من أية امتيازات بل ومحرومة من أدنى الحقوق الضرورية.

وتعاني الفئة الثانية التي تشكل الغالبية الساحقة من السكان من سوء التغذية وضعف الرعاية الصحية والتطبيب، بالإضافة إلى حرمانها من الحصول على أوراق الإقامة والهوية وتمنع عليهم حُرية العودة إلى بلدهم المغرب، كما تعمل مليشيات البوليساريو على فرض نظام الزبونية والمحسوبية لإحكام السيطرة على المواطنين الصحراويين المحتجزين داخل المخيم، وتفرض عليهم الولاء والطاعة بقوة النار و الحديد لقادتها مقابل الحصول على بعض المكاسب والامتيازات البسيطة.

ووفقاً لشهاداتِ آخر المغاربة الهَاربين من تنْدوفْ قُدمت في تصريحات صحفية فإن أبسط الحقوق لا يتمتع بها سكان المخيمات الأربعة، ومن بينها السكن ، حيث يؤكد هؤلاء أن جبهة البوليساريو لا تراعي النمو الديموغرافي، إذ أن أغلب المحتجزين لا يزالوا حبيسين خيمة يتيمة رغم مرور أزيد من 40 سنة، ولا تسمح لهم الظروف المادية الصعبة من إضافة مسكن آخر لاستيعاب نمو الأسر والعائلات، ولا تبادر عصابة الرابوني ببناء منازل أخرى لمواكبة التزايد السكاني، الأمر الذي جعل الكثير من الأسر والعائلات عُرضة للتشرذم.

مقابل هذه الظروف اللاانسانية التي فرضها المتحكمون قصد الاسترزاق وطلب المعونة فقد تبين للراي العام المحلي الدولي فساد الطغمة الحاكمة المستبدة التي تريد إطالة أمد التوتر للاستفادة أكثر عبر الاتجار بآلام و ماسي آلاف المستضعفين الصحراويين المحتجزين غصبا عنهم بستالاكات النازية الجديدة، قصد الاغتناء ببؤس واقعهم.

ولعل الشكاية التي وضعتها مؤخرا باسبانيا جمعية “الأيادي النظيفة” ضد البوليساريو هي بمثابة، إسفين جديد في نعش الجبهة، الموشكة على أن توارى الثرى قريبا حيث طالبت المدعي العام الاسباني المكلف بمكافحة الفساد بفتح مسطرة قضائية ضد مسؤولي “البوليساريو” و “تنسيقية جمعيات التضامن مع الصحراء” بتهمة اختلاس المساعدات الإنسانية الموجهة لمخيمات تندوف، وكذا “ضد المتواطئين، الذين تستروا عليهم، والمتعاونين في هذا الاختلاس الواسع النطاق”، وذلك استنادا على التقرير الأخير الصادر عن المكتب الأوروبي لمكافحة الغش.

 

ووفقا للشكاية التي تم تقديمها إلى المحكمة، فان هذا التحويل والاختلاس قد فاق 200 مليون اورو، وذلك على أساس التلاعب بالأرقام في تعداد ساكنة مخيمات تندوف، وتحويل الأموال وبيع المساعدات الغذائية في أسواق موريتانيا و مالي والجزائر.

 

ودعت جمعية “الأيادي النظيفة”، من جهة أخرى، إلى فتح تحقيق حول منظمات غير حكومية أخرى قدمت مساعدات ل”البوليساريو”، وكذا حول “التنسيقية الحكومية للتضامن للجمعيات المتضامنة مع الصحراء”، والشروع في أعداد قائمة بأسماء ممثلي “البوليساريو” في اسبانيا الذين طلبوا هذه المساعدات الإنسانية.

 

ان واقع فساد قادة الرابوني وعرابيهم جنرالات الجزائر من تلاعبات بالإعانات الإنسانية قصد الاغتناء وتكديس الثروات بالبنوك الأوربية و الجنوب أمريكية يشرح ويفسر سر ضرب الحصار على آلاف المحتجزين بالمخيمات فوق التراب الجزائري ومصادرة حقهم في التنقل و في حق العودة إلى ذويهم بوطنهم المغرب.

 

هذا الواقع البئيس الذي فرضته الزمرة المتسلطة على بني جلدتهم في غياب تام لأي وازع ديني إنساني او أخلاقي   يثنيهم عنه جعل فئات من الشباب المتنور يطالبون بالتغيير بمخيمات تندوف ولعل من يطلع على مقاطع فيديو لشباب صحراوي ينادون بالتحرر من العبودية التي فرضها عليهم وعلى أبائهم وإخوانهم، عصابة الرابوني قيادات تنادي باستقلال وهمي قصد الاغتناء بمباركة من جنرالات الجزائر.

 

ومن المنتظر أن هذا الواقع سيسوء أكثر بالنسبة للمحتجزين خاصة ان الجهات المانحة والتي فطنت الى لعبة المرتزقة، طالبت بتوقيف المساعدات طالما أن إحصاء ساكنة هذه المخيمات لم يتم إجراؤه من طرف المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وطالب هؤلاء البرلمانيين بإحصاء اللاجئين الذين ترفض الجزائر لحد الآن السماح للمفوضية بإحصائهم الإبقاء على حالة الغموض فيما يخص أعداد المقيمين بمخيمات تندوف.

السر في ذلك هو أن حصر هذه الأعداد سيمكن من الكشف عن تناقضات أطروحتها الخادعة القاضية بالدفاع عن حق تقرير المصير، فالجزائر تعلم أن العدد الحقيقي للمقيمين فوق ترابها في مخيمات تندوف هو في حدود 40 ألف ، أكثر من ثلثهم جزائريون أو ينتمون إلى دول مجاورة ، إذ أن الاقتصار على هذا العدد للدفاع عن أطروحتها سيشكل لها حرجا كبيرا ، لذلك فإنها طالما رفضت إحصاء هؤلاء.كما لم تتردد في تضخيم عدد سكان المخيمات ، ومنذ مدة طويلة و هي تروج لما قدره 164 ألف شخص حتى تعطي لدعايتها السياسية حول اللاجئين فوق ترابها تعاطفا دوليا، هذا دون إغفال أن تضخيم عدد سكان مخيمات تندوف له عوائد انتفاعية مادية بالدرجة الأولى، فتقديم أعداد مبالغ فيها إلى المنظمات الإنسانية يدفعها إلى مراعاة ذلك في عمليات توريد المساعدات الإنسانية.

أمام كل هاته المعطيات التي يندى لها جبين من له ذرة من النخوة والأنفة، ورغم تواتر حلقات مسلسل فشلها المتواصل فمازال قادة الرابوني يدرون الرماد في العيون، عبر بيع الوهم للمغرر بهم من المحتجزين المحرومين من حقهم في العودة بالتخويف والترهيب، و ينمقون فصول مسرحية الضحك على الذقون، هم نفسهم ابطالها ومخرجوها، من جملتها النسخة السادسة من الجامعة الصيفية ببومرداس بالجزائر،حيث تميزت هته المهزلة بتكرار شديد سواء على مستوى الوجوه المشاركة أو البرامج المقدمة، كما تميزت بتكرار خطابات عفى عنها الزمن شبيهة بأسطوانة مشروخة لم يعد يهواها احد إلا شلة من المغفلين وبضعة مستفيدين من الوضع الراهن.

وقد كانت هذه التظاهرة فرصة بامتياز للاسترزاق والنهب وكل الممارسات اللاأخلاقية، بحيث إنها فرصة شكلت وكالعادة لمسؤولي ما يسمى اللجنة الجزائرية التي يترأسها الدكتور سعيد العياشي من أجل فبركة فواتير خيالية وجني مبالغ مالية ضخمة يتم إضافتها في أرصدتهم وحساباتهم، ولم تخف ذات التقارير أن هذه الجامعة تشكل كذلك كالعادة فرصة لاستغلال مجموعة من النساء اللواتي يتم اختيارهن بطريقة دقيقة للمشاركة في البرنامج لتقديمهن قرابين بشرية لإرضاء الأسياد الجزائريين… كما يغلب على برنامج الجامعة طابع المجون والسهرات الحمراء، كما يتم تمكين المشاركين من مبالغ مالية تصل إلى 500 دولار أمريكي للفرد الواحد لإسكاتهم وشراء ذممهم.

وبالنسبة لهذه السنة، فقد انطلقت الجامعة الصيفية منذ يوم 25 يوليوز برئاسة محمد لمين احمد ونائبته خيرة بلاهي القيادية هي الأخرى بجبهة البوليساريو، بالإضافة إلى ”البومبيست” عمر بولسان المكلف ببوليساريو الداخل، والذي تثير مشاركته كل سنة جدلا كبيرا.

امام هذا العبث لا يمكن الا وان نستحضر المقولة المأثورة ”اذا لم تستحي فافعل ما شئت” ،لعل ان يكون لها اثر في النفوس المريضة، لان الكل فهم اللعبة ولم يبق لهؤلاء سوى الرحيل الذي ينادي به شباب التغيير .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *