آخر ساعة

ثورة الاحتجاج لدى شباب البوليساريو

لم تعد جبهة البوليساريو قادرة على إخفاء ممارساتها التعسفية و الإقصائيّة تجاه الصحراويين في مخيمات تندوف، فالشباب الرافض للأطروحة الانفصالية يسعى جاهدا إلى تبليغ مطالبه وانتقاداته عبر تسجيلات فيديو يتحدث فيها عمّا يواجهه من قمع وتضييق بسبب مواقفه وعمّا يحصل من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بما فيها حقوق الأطفال الذين يحرمون قسرا من طفولتهم ليزج بهم في التجنيد رغم براءتهم ليلقنون العنف والحقد والكراهية ، في خرق سافر لحقهم في التربية والتعليم.

وقد عاد موضوع تجنيد الأطفال في تندوف ليُطرح نفسه بإلحاح من جديد بعد تسريب فيديوهات خلاصتها أن الأطفال يشاركون قسرا في النزاعات المسلحة وأن جبهة البوليساريو الانفصالية تقوم بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وخصوصا لحقوق الأطفال، مشدّدة على أنه يتمّ إرغامهم على المشاركة في النزاعات المسلحة. ولقد لفت عدة

مسؤولين حقوقيين بجنيف السويسرية، انتباه لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل إلى الوضعية المأساوية للأطفال في مخيمات تندوف، وذلك بمناسبة دراسة تقارير حول تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة وحول تطبيق اتفاقية حقوق الطفل. وطالبوا الجزائر باعتبارها الداعمة الرئيسية للبوليساريو وباعتبارها أيضا سجن محتجزي تندوف، إلى تحمل مسؤولياتها في هذا الصدد طبقا للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

ويضيف المتتبعون لهذا الملف، ”إن العالم يصدم في كل يوم بوضعية الأطفال الأبرياء الذين يوجدون في مناطق النزاعات المسلحة، ويواجهون التجنيد والحصار والإبعاد عن أماكن سكناهم وعن المجموعات التي ينتمون إليها”.

وأفادوا أن المغرب يعتبر الخدمة العسكرية غير إجبارية بالنسبة للراشدين و”لا تشمل بأي حال الأطفال”، مطالبين “جميع الأشخاص من ذوي الضمائر الحية من أجل العمل المشترك والجماعي لوضع حد لمختلف المآسي المتولدة عن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة”.

ويشار إلى أنه في نهاية شهر أغسطس المنقضي تمّ تسريب فيديو لأحد أفراد ”شباب التغيير” في مخيمات تندوف، تحدّث فيه عن الممارسات التعسفية التي تقوم بها جبهة البوليساريو في حق الصحراويين، ويعد هذا الفيديو ضمن سلسلة من الاعترافات المسجلة لقاطنة تندوف والتي هزت أركان البوليساريو.

وأكد الشاب الذي يدعى لارباس ولد محمد لمين، أن البوليساريو تقوم بالتجنيد الإجباري للصحراويين خاصة منهم الأطفال، كاشفا أنه أجبر على التجنيد فيما يعرف بجيش البوليساريو في سنّ صغيرة وأنه يتحصل على أجر زهيد كل ثلاثة أشهر لا تكفيه البتة لإعالة أسرته. وأفاد الشاب في التسجيل، أن قيادة البوليساريو لا تقدم شيئا للصحراويِين، بالرغم من تنصيب نفسها مدافعا أوحد عن “قضيتهم”، لكنهم في الحقيقة لا يدافعُون سوى عن مصالحهم الضيقة والشخصية و أرصدتهم في البنوك الأجنبية. وشدد على أن المساعدات الإنسانية لا تصل إلى المحتجزين بتندوف بسبب تلاعب البوليساريو بها، مناشدا الدول المانحة و المنظمات الحقوقية الدولية بالنظر في الطرق التِي يجري بها توزيع المساعدات الدولية الموجهة لسد حاجات إنسانيّة بالأساس.

ويرى مراقبون أن مخيمات تندوف في الجزائر تعد من بين أكثر المناطق التي يتم فيها تجنيد الأطفال والمراهقين لخوض حروب والقيام بعمليات انتحارية، مؤكدين أن هؤلاء الأطفال في غياب تنفيد هذه العمليات الإرهابية يتم تركهم عرضة “لمصير مجهول يكتنفه الفقر والعنف الإجرامي”. وأوضح خبراء أمنيون أن الأمر يتعلق بـ”واقع مأساوي يرتبط بالخصوص بالاتجار في المخدرات والأسلحة والبشر. ويؤدي حاليا إلى زعزعة منطقة الساحل بأكملها”، معتبرين أنه يكفي التفكير في جماعة “أنصار الدين والحركة من أجل الوحدة والجهاد في غرب إفريقيا” اللتين ينحدر غالبية عناصرهما من مخيمات البوليساريو لإدراك قدرة المجموعات الإسلامية على التجنيد واختراق النسيج الاقتصادي والاجتماعي بمنطقة شمال مالي.

إن مخيمات تندوف للاجئين الصحراويين تعيش على وقع تحركات احتجاجية شبابية، لكشف واقع الممارسات التي يتعرض لها السكان من طرف جبهة البوليساريو المدعومة من النظام الجزائري، حيث تمّ الإعلان، في المدة الأخيرة، عن ميلاد حركة ثورية ترفض الاستبداد وتقاوم من أجل تحسين أوضاع اللاجئين. وتمكنت الحركة من إنشاء فروع لها في جميع المخيمات، وذلك بقصد توعية المحتجزين بممارسات الاستغلال والفساد التي تنخر قيادة البوليساريو.

وحركة شباب التغيير ما فتئت تطالب بتحسين أوضاع اللاجئين الصحراوين في مخيمات تندوف، ويطالب أعضاء الحركة، بوقف ما سموه متاجرة عصابة الرابوني بمأساة اللاجئين الصحراويين، كما تطالب بتمكين سكان تندوف من الحصول على بطاقات لاجئين ليتمتعوا بحقوقهم. وترفض أطروحات البوليساريو الانفصالية، حيث يعتبر العقلية التي يحكم بها قادة البوليساريو عقلية ستالينية متحجرة لا تتماشى مع السياق الدولي الحالي.

 

الجدير بالذكر أنّ المغرب، بادر باقتراح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية كحل لإنهاء النزاع، يمنح منطقة الصحراء حكما ذاتيا موسعا في إطار السيادة المغربية. وقد لاقت هذه المبادرة دعما دوليا واسعا غير أنّ إصرار جبهة البوليساريو على خيار الاستقلال ورفضها التفاوض حول المقترح المغربي، تسبب في تصاعد الأزمة السياسية، لان أي حل للقضية هو اضرار بمصالح القيادة الفاسدة المتنفعة وحكم عليها بالزوال والاندثار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *