خارج الحدود

بعد 55 عاما.. الحياة في الخليج العربي قد تصبح مستحيلة

أظهرت دراسة علمية جديدة أن منطقة الخليج العربي ستشهد بعد عام 2070 موجات حرارة عالية غير مسبوقة تجعلها غير مؤهلة للعيش.

وبحسب صحيفة “غارديان” البريطانية ستكون دول النفط أكثر عرضةً لتلك الموجات ولا سيما مدن مثل: أبوظبي، دبي، الدوحة، والمدن الساحلية في إيران، ما سيهدد حياة الملايين في موسم الحج في السعودية عندما يتوافق ذلك مع حلول الصيف.

البروفيسور آن جيرمي بال والسوداني الفاتح الطاهر، من معهد ماساشستس للتكنولوجيا، كتبا في مجلة “Nature”: “نتائجنا كانت لمنطقة معينة تتعرض لتغيير مناخي مع عدم مراعاة تقليل انبعاث الكربون فيها، ما سيؤثر بشدة على سكانها في المستقبل”.

وأضافا: “سيكون المُناخ في العديد من دول الخليج كما هو اليوم في صحراء عفار بالقرن الأفريقي من البحر الأحمر، وهي منطقة غير مأهولة على الإطلاق،ولكن الدراسات تظهر أن خفض انبعاث الغازات يمكن أن يجنبنا ذلك المصير”.

إجراءات جدية لتقليل الحرارة

وتقول الدراسة إن الدول الغنية بالنفط، أحبطت عدة مرات المفاوضات الدولية حول تغيير المناخ. وعانت منطقة الخليج -التي تشهد تزايداً سريعاً في تعداد السكان- عام 2015 واحدة من أسوأ الموجات الحرارية التي تجاوزت 50 درجة مئوية وأودت بحياة عدد معتبر من الأشخاص.

يقول الدكتور الطاهر: “نأمل أن تساعد هذه المعلومات دول المنطقة في اتخاذ إجراءات جدية للتقليل من انبعاث غازات الكربون في المستقبل لأنهم أصحاب مصلحة أصيلة في ذلك”.

وقام الباحثان باختبار الزيادة المحتملة في معدلات الحرارة والرطوبة -وفق مؤشر WBT- إذا ما استمرت انبعاثات غازات الكربون بمعدلاتها الحالية واستمرار الارتفاع في درجة حرارة الأرض والتي بلغت ٤ درجات مئوية هذا القرن.

واكتشف العالمان أن ارتفاع الدرجة على مؤشر WBT -وهو مؤشر مستحدث يضم درجات الحرارة والرطوبة معا- عن 35 درجة سيجعل أكثر الأجسام تأقلما مع الحرارة عاجزة عن ذلك وتواجه مصيرا قاتلا بعد حوالي 6 ساعات، أما الأجسام الأضعف فستواجه المصير نفسه في ساعات أقل (35 درجة على مؤشر WBT تساوي درجة حرارة 46 مئوية و50% نسبة رطوبة)، وقد وصلت الدرجة إلى هذا المعدل بالفعل في مدينة بندر ماهشار الإيرانية في يوليو/ تموز 2015.

معدلات قاتلة كل عقد

واستخدم العالمان مؤشرات قياسية للمناخ عبر أجهزة الحاسب ليكشفا أن تلك المعدلات القاتلة على مؤشر WBT ستبدأ في الظهور بشكل متكرر كل عقد أو عقدين ابتداء من العام 2070 على طول ساحل الخليج، إذا لم تتم السيطرة على ظاهرة الاحتباس الحراري.

وباستخدام المعطيات الحرارية الحالية، فإن الدرجة المتوقعة على مؤشر WBT لن تقل في بعض دول الخليج عن 45، بينما ستصل في بعض الأماكن كالكويت إلى 60 درجة.

أما بالقرب من ساحل البحر الأحمر في السعودية فستشهد جدة ومكة معدلات تتراوح بين 32 و33 درجة على ذات المؤشر وسيكون ذلك كفيلا بجعل موسم الحج في الصيف خطيراً، وفق تصريحات الطاهر، “خاصة في يوم عرفة حيث تقتضي المناسك التواجد في العراء من مطلع الشمس حتى غروبها.. في تلك الظروف سيكون الأمر صعباً جداً”.

من الممكن للتكييف أن يقي الناس الحرارة داخلياً في الدول الغنية، ولكن ذلك سيكون صعباً في الدول الأقل غنى كاليمن مثلاً، حيث ستصل المعدلات الى 33 درجة على مؤشر WBT، “وهذه التغييرات المناخية ستؤدي إلى موت الكثيرين خاصة الشيوخ والأطفال”، بحسب العلماء.

تخفيض الانبعاث الحراري

بالمقابل، حسب الدراسة، فإنه إذا اتخذت قرارات دولية لتخفيض انبعاث غاز الكربون والتسخين الحراري فلن تواجه المنطقة تلك الموجات، وسيكون علماء الخليج مطالبين -وفق الدراسة- بدعم تلك المبادرات لأنهم من أول المستفيدين منها.

وكانت موجات حرارة سابقة قد أدت إلى العديد من الوفيات مثل تلك التي حدثت في شيكاغو عام 1995، وأوروبا عام 2003 (3000 حالة وفاة)، وتلك في روسيا عام 2010 (50 ألف حالة وفاة)، كما أكد البروفيسور كريستوف شار من مركز ETH زيوريخ، في سويسرا قائلاً: “أي موجات حرارية أخرى سيكون لها تأثير قاتل على كل الأشخاص المتعرضين لها حتى الشباب وأولئك المتواجدين في أماكن الظل والتهوية الجيدة”.

وأضاف أن التغيير المناخي يهدد حياة البشر بشكل شديد وأسرع مما كان متوقعاً؛ لذا فإن إجراءات تقليل انبعاث الغازات والاحتباس الحراري أصبحت أمراً أساسياً خاصةً لسكان الخليج العربي ومنطقة البحر الأحمر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *