آخر ساعة

الجزائر بين دعم البوليساريو وقمع سكان منطقة القبائل

مقال رأي

من اغرب المفارقات والتناقضات أن دولة الجزائر ذات النظام الاشتراكي التي حكمت شعبها بقبضة من حديد واستنزف جنرالاتها خيرات البلد واغتنوا على حسابه مما أدى إلى تردي الخدمات الأساسية وتراجع هامش الحريات و ارتفاع درجة الاحتقان الاجتماعي والغليان في صفوف الشعب وخاصة فئة الشباب تنفق بسخاء على محمد عبد العزيز و زبانيته أكثر مما تنفقه على مكونات الشعب الجزائري، حيث أن ما يسمى بتمويل البوليساريو لايخضع لأي رقابة مؤسساتية بل إن الأموال التي تضخ في الحسابات السرية لمسؤولي الجبهة تقدر بالملايين في الوقت الذي تقمع فيه سكان منطقة القبائل الشعب الأكثر أصالة في إفريقيا الذي طالما ندد بالحصار المضروب عليه والتهميش وإلاقصاء من الاستفادة من خيرات البلاد.

لقد أدى هذا إلى ظهور حركات احتجاجية تنادي بالانفصال ومطالبته للمجتمع الدولي لحمايته حتى يتمكن من الحصول على حقوقه الشرعية الكاملة والتي تتمثل في تقرير مصيره ومنحه الحكم الذاتي الذي طالما طالب به لأنه محروم من داخل الجزائر من ممارسة ابسط حقوقه المشروعة ويتعرض لحصار دائم ولعقاب جماعي ومتابعات قضائية لأنه يريد الاستقلال والعيش في حرية وكرامة عوض الذل والقهر والعار والاضطهاد وهدا تشهد به مجموعة من المنظمات الغير حكومية في الجزائر وخارجه ومن بينها هيومن رايتس ووتش التي تقول ان المسيرات السلمية التي نظمتها منطقة القبائل بمناسبة الذكرى 34 للربيع الامازيغي ووجهت بقمع دموي وبوحشية من طرف الأجهزة الأمنية الجزائرية لسبب بسيط كونهم طالبوا بحقوقهم الثقافية واللغوية والهوياتية ورفعوا أعلام شعبهم الامازيغي.

إن التطور الحاصل على مستوى وسائل الإعلام والتواصل كان السبب الحقيقي الذي كشف الأوضاع الحقيقية التي تعيشها منطقة القبائل مما جعل الشعب الجزائري يفيق من سباته ويفطن لهذا الواقع المرير الذي كرسه جنرالات المخابرات على حساب الشعب الذي تعرض للقمع خاصة بعد التراجع الكبير الذي عرفته المحروقات ومشتقاتها خلال السنوات الأخيرة والتي تعتبر المصدر الأساس لسيولة الخزينة العامة والتي سجلت ضائقة مالية غير مبررة فلا استثمارات تذكر ولا زيادات لتحسين مستوى وظروف عيش المواطن والنهوض بقدرته الشرائية ولا أمور أخرى معقولة فقد استنزف ذاك الرصيد الهام من السيولة على حساب الشعب الذي يتخبط في الجوع والقهر و”الحكرة”.

إن هذا الوضع الشاذ والذي يبرر سوء التدبير والإنفاق الغير المعقول من أموال الشعب أمر ينم عن كون مصلحة المواطن آخر هم حكام قصر المرادية إنها قضية لاتهمهم في شئ سوى كونها نتاج ضغينة دفينة لهؤلاء وتصفية حسابات عفي عنها الزمن وبقيت حبيسة قلوب حاقدة، ولهدا كانت ردة فعل شعب القبائل منطقية أن طالب بحقه في الحياة الكريمة والتعبير ورفضه أن يساق كقطيع خرفان من قبل شرذمة آثرت العيش الرغيد وحدها، وأبت أن يشاركها الشعب الرأي والعيش اللائق.

من هنا يطرح التساؤل التالي لمادا الجزائر تدعم شرذمة البوليساريو في الوقت الذي تقمع فيه المنادون باستقلال منطقة القبائل والجواب أن هده الدولة لا تسعى إلى السلم أو القضاء على العنصرية أو التفرقة بل هدفها هو تكريس هده المبادئ و زعزعة استقرار شعوب المنطقة ويتجلى هذا في خلقها لجبهة البوليساريو سنة 1975 والإنفاق على زعمائها اكتر مما تنفقه على منطقة القبائل والشعب الجزائري ككل.

إن هذه السياسية المتبعة من طرف الجزائر تجاه سكان منطقة القبائل والتي عمرت لسنوات عديدة وعلى جدار الصمت والتعصب الذي فرضته هده الدولة على اكتر من ثمانية ملايين قبائلي الشعب الأصيل الوحيد في إفريقيا الذي مازال يعاني من التمييز والعنف الشامل والحرمان من الحقوق قد وشكت نهايتها وما عليها إلا أن تعطي لهدا الشعب الحقوق المشروعة التي حرم منها لسنوات متعددة وتقر مصيره في منحه الاستقلال و الحكم الذاتي عوض الحصار الدائم والعقاب الجماعي المضروب عليه لأنه طالب بممارسة حقه الشرعي في تقرير مصيره والحكم الذاتي فهذا يعتبر من بين الأولويات التي على الجزائر أن يفك ألغازها عوض الإنفاق من ثروات الشعب ومساندة عصابة الرابوني في الوقت الذي أدلى فيه المنتظم الدولي برأيه في قضية الصحراء المغربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *