آخر ساعة

منظومة التقاعد .. إصلاح مستعجل لنظام يحتضر

تعيش منظومة التقاعد نزعها الأخير، حيث تراكم الصناديق كل سنة عجزا يتطلب إصلاحا استعجاليا كفيلا بضمان ديمومتها وتوسيع التغطية لتشمل المزيد من المواطنين.

ووعيا منها بأهمية هذا الإصلاح، أدرجت الحكومة في جدول أعمال مجلسها، الذي انعقد برئاسة رئيس الحكومة، السيد عبد الإله ابن كيران،أمس الخميس، مشروع قانون يغير ويتمم القانون المحدث بموجبه نظام المعاشات المدنية.

وبحسب مقتضيات مشروع القانون، الذي صادق عليه مجلس الحكومة، لن يحال الموظفون على التقاعد إلا في سن 63 سنة في سنة 2019، عوض 60 سنة حاليا.

وبشكل تدريجي ستتم إحالة أجراء القطاع العام الذين سيبلغون 61 سنة في سنة 2017 على التقاعد، يليهم أولئك الذين سيبلغون 62 سنة في سنة 2018، وأخيرا الموظفين البالغين 63 سنة في سنة 2019، على أن يتم بالموازاة مع ذلك الرفع من مساهمات حوالي 400 ألف موظف منخرطين في الصندوق المغربي للتقاعد من 20 إلى 24 في المائة.

وهكذا، سيتم إصلاح منظومة التقاعد في مرحلتين، الأولى، التي تكتسي أهمية قصوى، تروم التقليص من العجز المزمن لنظام المعاشات المدنية التابع للصندوق المغربي للتقاعد عبر إصلاح مقياسي، والذي سيترجم بالرفع من سن الإحالة على التقاعد إلى 61 سنة ابتداء من يناير 2017، وإلى 62 سنة في سنة 2018، ثم إلى 63 سنة في سنة 2019، على أن يتم بعد ذلك إطلاق دراسة تتعلق بالوضعية المالية الجديدة لنظام المعاشات المدنية.

وفي السياق ذاته، ستنتقل سن التقاعد المبكر من 21 إلى 24 سنة بالنسبة للذكور، علما بأن هناك إجراءات أخرى، خاصة الرفع من مساهمة الدولة والمنخرطين بأربع نقاط على مدى أربع سنوات ابتداء من تاريخ دخول الإصلاح حيز التنفيذ.

كما سيرتكز احتساب المعاش على متوسط عناصر الأجرة برسم الثماني سنوات الأخيرة من الخدمة الفعلية بشكل تدريجي خلال أربع سنوات ابتداء من فاتح يناير 2017، مع مراجعة النسبة السنوية المعتمدة لاحتساب المعاش، في ما يخص الحقوق التي ستكتسب ابتداء من فاتح يناير 2017 من 2,5 في المائة إلى 2 في المائة.

وسيتم أيضا الرفع من مبلغ الحد الأدنى للمعاش الذي يبلغ حاليا 1000 درهم شهريا، ليصل إلى 1500 درهما ابتداء من فاتح يناير 2018.

وبالموازاة مع ذلك، ينتظر أن تطلق الحكومة ورش توسيع الاستفادة من المعاش، خاصة عبر مشروعي قانون يرومان بلورة نظام أساسي للمعاشات لفائدة فئات المهنيين والعمال المستقلين، وآخر للأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا.

ويهم هذان النظامان ساكنة نشيطة تصل إلى ثلاثة ملايين شخص. وسيتم تقديم مشروعي القانونين مع النصوص الأخرى المتعلقة بإصلاح نظام المعاشات المدنية. وتسعى الحكومة إلى إرساء، في مرحلة ثانية، قطبين كبيرين للتقاعد. يهم الأول نظام المعاشات المدنية التابع للصندوق المغربي للتقاعد والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد كنظام أساسي وتكميلي. أما المرحلة الثانية، التي تهم القطاع الخاص، فسيديرها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بالإضافة إلى نظام تكميلي.

وكان صندوق النقد الدولي قد أوصى، في 17 نونبر 2015، الحكومة المغربية بالإسراع في مباشرة إصلاح لأنظمة التقاعد.

وكان جون فرانسوا دوفان، رئيس البعثة الاستشارية للصندوق إلى المغرب، قد صرح في مؤتمر صحفي، بأن “إصلاح نظام التقاعد أمر مستعجل بالمغرب. فصناديق التقاعد تراكم المزيد من العجز”، مضيفا أن “كل يوم يمر يضعف المنظومة أكثر”.

وأضاف أن هذا الإصلاح، الذي وصفه بالهام، من شأنه أن “يضمن ديمومة منظومة المعاشات وتوسيع تغطيتها للمزيد من المواطنين”.

وكانت الحكومة قد خاطبت المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ليقدم توصياته بشأن هذه القضية. وأدلت هذه الهيئة الاستشارية برأيها يوم 31 أكتوبر 2015، الذي أكد الطابع “الاستعجالي” لهذا الإصلاح، وأوصى بالرفع التدريجي لسن الإحالة على التقاعد بستة أشهر كل سنة إلى أن تصل إلى 63 سنة.

وكانت الحكومة المغربية قد أعلنت منذ سنة 2013 بأن فجوة الضمان الاجتماعي تتفاقم كل سنة، ودعت إلى اتخاذ إجراءات صارمة لإنقاذ الصناديق الاجتماعية.

وفي هذا الإطار أوضح وزير الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد، أن عجز صناديق التقاعد، الناجم عن الهوة بين المساهمات والمعاشات قدر بثلاثة ملايير درهم سنة 2015، وسيبلغ 6, 8 ملايير درهم سنة 2016.

وتوقع الوزير، الذي حل يوم الثلاثاء الماضي، ضيفا على ملتقى وكالة المغرب العربي للأنباء، لمناقشة موضوع “قانون المالية : أية آفاق للاقتصاد المغربي في 2016” نفاذ احتياطيات صناديق التقاعد في أفق سنة 2020، مما يتطلب التعجيل بإصلاحها.

وحرص الوزير على أن يوضح أن هذا الإصلاح يهم فقط أزيد من 800 ألف أجير منخرطين في الصندوق المغربي للتقاعد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *