طب وصحة | متابعات | هام

مفاجأة .. الشحوم الدسمة تطيل العمر وتقي من أمراض القلب

منذ عقود، يُقال لنا إن أكل الشحوم سيقودنا إلى موتٍ مبكّر، فقد كان من المعتاد أن نسمع قصصاً مخيفة عن انسداد الشرايين، بينما كانت الأطعمة مثل المعجنات تُعدُّ صحيةً.
لكن الأبحاث التي تنفي هذه النظرية تتزايد، والسكّر الآن هو عدوّنا الأول.

في الحقيقة، الشحم مفيدٌ لأجسامنا ويجب أن نُعده دواءً، على الأقل، هذا ما يقوله طبيب الأمراض القلبية، أسيم مالهورتا، من مقاطعة سري ببريطانيا.

صحيفة دايلي ميل البريطانية نقلت، الإثنين 15 فبراير 2016، عن مالهورتا قوله إن ثمة أدلة كثيرة تشير إلى أن الشحم بعيد عن التسبب بمشاكل في القلب، بل إن تناول الألبان كاملة الدسم قد يحمينا من الإصابة بأمراض القلب والنوع الثاني من السكّري.

وتناولت “دايلي ميل” في تقريرها ما كتبه مالهورتا في موقع Men’s Health بشأن العلاقة بين الشحوم والوقاية من الأمراض.

 

وفي ما يلي نص المقال الذي كتبه مالهورتا:

 

هذا الصباح، تناولتُ، مثلما أفعل في معظم الصباحات، 3 بيضاتٍ مقلية بزيت جوز الهند، بالإضافة إلى قهوة مع الحليب كامل الدسم.

على الغداء تناولتُ جبناً كامل الدسم مع وجبة الغداء الرئيسية، وعلى العشاء، تناولت كمية كافية من زيت الزيتون مع السلطة، كما أكلت بعض البندق خلال النهار.

باختصار، تناولتُ كمية كبيرة من الشحوم، وباعتباري طبيب أمراض قلبية عالجَ آلافَ المرضى الذين يعانون من هذه الأمراض، فقد يبدو هذا سلوكاً غريباً.

الشحوم تسدُّ شراييننا، أو على الأقل هذا ما أقنعنا به الأطباء وخبراء التغذية. بالنتيجة، قام معظمنا باستبدال الأطعمة كاملة الدسم بأطعمةٍ “أقل دسماً” على أمل أن نكون أكثر رشاقةً وأوفر صحة.

لكنني مقتنعٌ بأننا كنا نؤذي أنفسنا، فالطعام قليل الدسم ليس صحياً ولا يساعدنا على فقدان الوزن، بل على العكس. وقد أتمادى بالقول إن التغيير في العادات الغذائية، الذي بدأ في عام 1977، ساهمَ في زيادة وباء البدانة المنتشر اليوم.
قد يكون هذا التصريحُ جريئاً، لكنه – حسب اعتقادي – مبنيٌّ على الكثير من الأبحاث الحديثة.

 

لماذا أشجّع مرضايَ على تناول الشحوم

 

أنصح لمرضاي أخيراً بأن يتجنبوا أي طعامٍ أو شراب مكتوب عليه “قليل الدسم”، بل أقول لهم أن يتناولوا الألبان كاملة الدسم والأنواع الأخرى من الشحوم المبسترة ضمن خطة الطعام الصحي الذي يأكلونه.

أحياناً يتلقى هؤلاء المرضى تعليماتي بدهشة، خاصةً حين أطلب منهم أن يبتعدوا عن أي طعامٍ يَعِدُ بتخفيض الكوليسترول في الدم، وهو نصيحةٌ أخرى قيل لنا إنها تساعد في الحفاظ على صحة القلب والشرايين.

والحقيقة هي أنه في بعض الحالات يقود تخفيض مستوى الكوليسترول إلى زيادة احتمال الموت بأمراض القلب، بينما بالنسبة للأشخاص الأصحاء الذين تجاوزت أعمارهم 60 سنة، فإن ارتفاع معدل الكوليسترول يقلل من احتمال الموت بالسكتة القلبية، حسب ما تفيد الدراسات الأخيرة.

 

التأثير السام للسكّر

 

في مقال كتبه البروفيسور روبرت لاستينغ في مجلة “Science” العلمية، قال إن المخاطر التي يمثلها السكّر على صحة الإنسان كبيرةٌ لدرجة أنه يجب أن يُعتبر مثله مثل الكحول.

كان المقال بالنسبة لي كشفاً مهماً، فباعتباري طبيباً، أعرف ما الأشياء التي تضر بصحة الإنسان، لكن لاستينغ أخبرنا بأن ما نتناوله كل يوم، دون تفكير، هو ما يقوم بقتلنا ببطء.

وكلما فكرت في الأمر، اتضح لي أن السكر، وليس الشحوم، هو سبب معظم مشاكلنا. ولهذا قمت بإطلاق حملة مع مجموعةٍ من الأطباء المختصين لإقناع الشركات المصنِّعة للطعام بتقليص نسبة السكّر المضاف في الأطعمة المعالَجة.

في فبراير 2016، قام كلٌّ من كارين تومسون، حفيدة الجراح الرائد في زراعة القلب كريستيان برنارد، وتيموثي نواكس، البروفيسور في كلية الطب الرياضي في جامعة كيب تاون، بدعوتي للمشاركة في أول قمة عالمية مخصصة للمواد “ذات الكربوهيدرات المنخفضة” في جنوب إفريقيا.

شعرت بالإثارة، خاصةً أن مضيفيّ هما شخصيتان رائعتان، فالآنسة تومسون، وهي عارضة أزياء سابقة، حاربت بشجاعة ضد عدد من أشكال الإدمان – بما فيها الإدمان على الكحول والكوكايين – وقد كرّست نفسها أخيراً لمحاربة تلك المادة “النقية، البيضاء القاتلة” (السكّر)، وهو ما قادها إلى افتتاح أول عيادةٍ في العالم خاصة بإعادة تأهيل المدمنين على الكربوهيدرات والسكّر.

أما البروفيسور نواكس فقد غيّر النصيحة التي اعتاد تقديمها طوال فترة مهنته والتي كانت تقول إنه يتوجب على الرياضيين أن يتناولوا كمياتٍ كبيرة من الكربوهيدرات لتحسين أدائهم.

 

العلاقة المخيفة بين السكّر والمرض

 

يقول البروفيسور نواكس الآن إنه على الرياضيين، وهذا ينطبق على الناس العاديين الذين يذهبون للركض في الحديقة أيضاً، أن يحصلوا على الطاقة من الكيتونات، وليس الغلوكوز، أي: من الشحوم وليس من السكّر.

تحدث 15 شخصاً آخر في المؤتمر، أطباء، باحثون ومنظموّ حملاتٍ صحية، وكلهم توصلوا إلى نتيجةٍ مفادها أن استهلاك الكربوهيدرات، وليس الأطعمة التي تحتوي على الدهون، هي السبب وراء البدانة.

وكما قال عالمٌ في المؤتمر: “أنت لا تزداد بدانة بسبب أكل الأطعمة الغنية بالدهون، تماماً مثلما لا يتحول لونك إلى الأخضر لأنك تأكل الخضار”.

افتُتح المؤتمر بكلمة ألقاها مؤلف كتاب “وهم الغذاء”، حيث تحدث الطبيب الشهير من جامعة هارفرد، غاري تاوبس، عن الكربوهيدرات المكررة، شارحاً أنها المسؤولة عن أمراض القلب، السكري، البدانة، السرطان والعديد من الأمراض الأخرى.

سبّب الكتاب جدلاً حين نُشر قبل 7 أعوام، لكن فكرته لقيت آذاناً صاغيةً أخيراً. وتعتمد فكرته على أن البدانة لا تتعلق بعدد السعرات الحرارية التي نتناولها، بل بنوع الطعام الذي نتناوله، فالكربوهيدرات المكررة تزيد من الإنتاج المفرط للأنسولين الذي يقوم بدوره بزيادة تخزين الشحوم.

 

العلاقة بين الشحوم والكوليسترول

 

في عام 2013، قامت مجموعةٌ من الباحثين بدراسةِ بياناتٍ لم تُنشر من قبل مأخوذة عن دراسةٍ أجريت في أوائل سبعينيات القرن الماضي، وعُرفت الدراسة باسم “دراسة سيدني حول الأطعمة المفيدة للقلب”.

اكتشف الباحثون أن مرضى القلب الذين استبدلوا الزبدة بالسَّمنة تزايد احتمالُ إصابتهم بنوبة قلبية، رغم تخفيض كمية الكوليسترول لديهم بنسبة 13%.

أما دراسةُ هونولولو عن أمراض القلب، التي نُشرت في عام 2001، فقد وصلت إلى استنتاجٍ يقول إن الأشخاص الذين تجاوزت أعمارهم 60 سنة، والذين نسبة الكوليسترول لديهم مرتفعة أقلُّ عُرضةً لخطر الموت.

هذا مذهل، أليس كذلك؟ لا يعني الكوليسترول المنخفض أنك بخير، إنه مجرد عامل من عوامل أخرى مهمة. ما لا يفهمه معظم الناس هو أنه عندما يتعلق الأمر بالغذاء فإن أحماضَ البوليفينول وأوميغا 3 الكثيرة الدهن، والموجودة بكثافة في زيت الزيتون، المكسرات، السمك والخضار، هي التي تساعد في تقليص خطر الإصابة بالجلطة والالتهابات، وتغيرات الكوليسترول لا علاقة لها بالأمر.

في عام 2014، توصلت دراستان أجراهما مركز كامبريدج للأبحاث إلى أن نسبة الشحوم المبسترة الناجمة عن منتجات الألبان في مجرى الدم تتناسب عكسياً مع احتمال الإصابة بالنوع الثاني من السكّري، واحتمال الإصابة بأمراض القلب أيضاً.

وهذا يعني أن تناول كمية معتدلة من الجبنة يزيد من فرص الحفاظ على الصحة والتمتع بالعافية. وتوصلت نفس الدراسة إلى أن استهلاك النشاء، الكحول والسكر يزيد من إنتاج الأحماض الدهنية التي يفرزها الكبد والمرتبطة بزيادة خطر الإصابة بهذه الأمراض القاتلة.

 

كيف خرَّبت الكربوهيدرات صحةَ المصابين بالسكّري

 

لعل أكثر المتضررين من فكرة معاداة الشحوم ومناصرة الكربوهيدرات في العقود الأخيرة هم مرضى السكري.

الكثير من المصابين بالنوع الثاني من السكري – وهو الأكثر شيوعاً – يعيشون تحت الخطر الناجم عن الخطأ الشائع الذي يقول إن الغذاء القليل الشحوم والغني بالكربوهيدرات يساعد أدويتهم على أداء وظيفتها بشكل أفضل.

هذا خطأ جسيم. ومع ذلك، كم عدد الأطباء والمرضى الذين يعرفون أن الأدوية التي تتحكم في مستوى السكر في الدم تقلّص من خطر الإصابة بأمراض الكلية والعين والاعتلالات العصبية، لكنها لا تحميهم من أمراض القلب ولا تخفض من نسبة احتمال موتهم المفاجئ؟

في الحقيقة، يقود استعمال أدوية السكري إلى مستويات منخفضة من السكر في الدم، وهو ما يُعدُّ أمراً بالغ الخطورة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *