آخر ساعة

الجزائر والبوليساريو وخلف محمد عبد العزيز

رغم أن الإعلان الرسمي عن وفاة محمد عبد العزيز المراكشي، زعيم الانفصاليين في مخيمات تيندوف، جنوب الجزائر، لم يفاجئ المراقبين ولا الرأي العام الصحراوي خصوصا والمغربي عموما، وذلك بسبب وجود الرجل في حالة موت سريري منذ مدة طويلة ، إلا أن الإعلان عن وفاته سيشكل منعطفا جديدا في تاريخ النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء. ومن شأن وفاة المراكشي أن تفتح الباب واسعا أمام صراع قادة الانفصاليين على خلافته، فيما يرجح المراقبون أن يكون الحسم بيد السلطات الجزائرية التي ستختار أكثرهم ولاءا وقربا من مخابراتها واستعدادا لتنفيذ أوامرها. فاختيار الخليفة سيكون حاسما، وهو ما يفترض أن يؤجج الكراهية على الدور الجزائري في توجيه بوصلة قادة الانفصال لخدمة مصالحها من جهة، ولتأمين استخدامهم كورقة ضغط على جارتها المغرب من جهة أخرى.

           فالصورة السياسية بعد رحيل “المراكشي” جد قاتمة، في ظل رغبة جميع ساكنة مخيمات تندوف التعجيل بحق العودة إلى المغرب، وهو ما ترجمته الشعارات التي رفعت خلال معظم الاحتجاجات التي عرفتها تلك المخيمات منذ بحر الأسبوع المنصرم، في ظل تعتيم اعلامي مقصود، حيث إن مخيمات تندوف تعيش على وقع حالة أمنية حرجة للغاية بعدما خرجت مظاهرات نسائية وشبابية تطالب بالتغيير ووضع حد لهيمنة أسرة عبد العزيز المراكشي ومقربين منه، بتوجيه من جنرالات وأجهزة المخابرات الجزائرية على مصير المحتجزين بتلك المخيمات .كما أن تأييد الحكم الذاتي رائج بقوة ومتصارع مع قوات القمع، فضلا عن غضب جهات سياسية جزائرية وفئات شعبية كبيرة على تأييد ودعم بلادهم لدولة وهمية ضيعت أجيالا متتالية، مطالبين البوليساريو بالرحيل من تندوف.

       ومن شأن وفاة زعيم الانفصاليين أن يشكل وقود ثورة تأبى استنساخ تجربته في شخصية رجل جديد قد يدفع باتجاه السير في نفق مظلم لا ضوء في نهايته، وهو ما سيعزز الشعور بالإحباط لدى ساكنة المخيمات، ويدفعهم إلى التمسك بحل الحكم الذاتي باعتباره المخرج الوحيد من أزمة التهمت أجيالا وأجيال عن طريق الضياع. فحسب بعض المتتبعين فإن أطوار الأحداث المتلاحقة بمخيمات الصحراويين بتندوف، والتي تندر بمزيد من التوثر والتصعيد، إلى نزاع حول قيادة الجبهة ، بين جناح سياسي وعسكري تقوده زوجة “المراكشي” والدائم الولاء للجزائر، وآخر تشكل على يد قيادات عسكرية وسياسية منشقة، آثرت الانضمام إلى الأصوات الغاضبة التي تنادي بإنهاء وضع الاحتجاز والعودة إلى أرض الوطن الام.

          المصادر المطلعة على رؤية الجزائر بخصوص خلافة المراكشي تؤكد أن النظام الجزائري يركز على محمد لامين ولد البوهالي ليكون رجلها الأول في مخيمات تيندوف، وذلك لعدة أسباب منها أن الرجل عمل في صفوف الجيش الجزائري ويحمل جنسية جزائرية.

 فالسقف الزمني المحدد لاختيار خليفة جديد للمراكشي، ستكشف زيف أطروحة الانفصال، وصلابة عزيمة المكرهين على العيش داخل مخيمات لا تقي حرا ولا بردا في عصر الانترنيت وغزو الفضاء، وهم يشاهدون كيف حرص المغرب على إعمار وتنمية أرض الصحراء باعتبارها جزءا لا يتجزأ من المملكة المغربية، وكيف يدير إخوتهم في الأقاليم الجنوبية شؤونهم بأنفسهم ويسيرون بخطى ثابتة وواثقة نحو المستقبل.

         ورغم ان الجزائر تعطي أهمية كبرى لهذا الحدث، إلا أنها تخشى من أن تؤثر الظروف والغليان الموجود في المخيمات وتعصف بالبوليساريو من أساسها، نظرا لما تعانيه الساكنة، والشباب على وجه الخصوص، من تهميش واضطهاد وبطالة وانعدام أفق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *