آخر ساعة

البوليساريو وارتباطاته بالإرهاب

أي ارتباط ذاك الذي يجمع بين الإرهاب والبوليساريو فلم يكن‪ دور الجبهة يتوقف عند حدود تأمين عبور مايسمى “بالمجاهدين” الى ليبيا والعراق ومالي، وإنما أيضا إعداد هويات مزورة‪ والإعداد اللوجستيكي للالتحاق ببؤر التوتر والنزاع، فالاستقطاب  يبدأ بجنوب الجزائر حيث يرحل الشبان إلى مدارس قرآنية هناك لإتمام تكوينهم‪ النظري والتشبع بمبادئ السلفية الجهادية، حيت أن مخيمات تندوف تعتبر المعبر الرئيسي للمقاتلين نحو شمال مالي للالتحاق‪ بحركة التوحيد والجهاد المنضوية تحت لواء تنظيم القاعدة في بلاد المغرب‪ الإسلامي‪. فداخل مخيمات تندوف تتواجد بعض العناصر المتورطة في الاستقطاب‪ بجبهة البوليساريو والتي تبحث‪ عن مجندين ‪وترسلهم  إلى شمال مالي عبر الجزائر‪.

        ومن خلال شهادات بعض منظري السلفية الجهادية المرتبطين بتنظيم القاعدة، يتضح أن اختراق المتطرفين والإرهابيين لمخيمات تندوف كان سابقا لظهور تنظيم الدولة الإسلامية وإعلان أبو بكر البغدادي قيام دولة الخلافة. وقد تأكد ذلك لدى المخابرات المغربية التي تتبع تطور التنظيمات الإرهابية في دول الساحل والصحراء منذ سنة ‪2004 عندما أعلنت بأن ثمة مثلث للإرهاب يتشكل بمنطقة الساحل والصحراء، وهي المعطيات التي أثبتت الأيام صحتها بعد أن أصبحت التنظيمات الإرهابية تعيث فسادا في دول المنطقة لا سيما مع انفصال عدة جماعات مسلحة عن التنظيم “الأم” القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وهو التنظيم الحامل للهوية الجزائرية إذا علمنا أنه كان يسمى في الأصل الجماعة السلفية للدعوة القتال.

          فالحراسة المشددة على المخيمات تبرز أن كل التحركات مراقبة اللهم تلك التي تغض قيادة البوليساريو عنها الطرف وهي في المستوى الأول عمليات التهريب التي تستفيد القيادة من ريعها، وتشمل المتاجرة في المساعدات الإنسانية وتهريب السجائر والممنوعات، ثم في المستوى الثاني تحركات الانفصاليين الموالين للقيادة الذين يتنقلون بين الجزائر وإسبانيا وكوبا، ثم في مستوى ثالث تجار ووسطاء تجارة الأسلحة خاصة الذين برزوا بشكل كبير بعد سقوط نظام معمر القذافي وتفكك عسكره وترسانته من السلاح.فكيف إذن في ظل هذا الطوق المضروب على تندوف ان تتسلل عناصر الحركات الإرهابية إلى المخيمات وبدون علم قيادة الانفصال والجزائر؟

        في سنة ‪2012 جاء مقال صادر عن مجلة “جون أفريك” من توقيع “فرانسوا سودان” ليؤكد من خلال وقائع محددة تقاطع انفصالي جبهة البوليساريو بالتنظيمات الإرهابية في المنطقة. وقد قام هدا  الصحافي الفرنسي بسرد مجموعة من الأحداث كان أبطالها عناصر من البوليساريو وأقارب قياديين في الجبهة ممن تورطوا في عمليات إرهابية أو في المتاجرة في الأسلحة لفائدة إرهابيين.واستطاع “فرانسوا سودان” أن يشرح التكوين الذي يخضع له متطرفو البوليساريو في الجزائر الشيء الذي يظهر بشكل لا غبار عليه تورط الجزائر في إدخال الإرهابيين الى المخيمات بالرغم من المراقبة الشديدة  المضروبة على المخيمات. يقول في مقاله: «من غير الخفي، على الإطلاق، بالنسبة لانفصاليي جبهة البوليساريو والإعلام الجزائري وجود السلفية الجهادية في مخيمات تندوف، فليس الأمر ظاهرة جديدة، الجديد فقط هو أن السلفية باتت تمثلها بالفعل حركة .”أنصار الشريعة‪”.

        ادن هناك علاقة وطيدة بين البوليساريو والتنظيمات الإرهابية فمافيات الأسلحة المرتبطة بالجبهة نشطت بشكل كبير بعد انهيار نظام القدافي وبدأت في تزويد التنظيمات الإرهابية والجماعات المنتشرة بالساحل والصحراء بالأسلحة المهربة من ليبيا. ويتم التزود بهذه الأسلحة انطلاقا من الجنوب الليبي الذي يحتضن عدة معسكرات تابعة للإرهابيين والتي تعمل على تجنيد المقاتلين وتدريبهم، وفيها يتم عقد صفقات الأسلحة بين الوسطاء والتنظيمات الإرهابية الناشطة بالمنطقة. كل هذه الشبكات تنشط بعيدا عن المراقبة في مناطق صحراوية صعبة المسالك لا يعرفها سوى الراسخون في رمال الصحراء ، وهو ما جعل هذه الشبكات متشعبة ومتشابكة وتشكل تهديدا لدول المنطقة ككل خاصة في غياب سلطة مركزية على الأراضي التي منحتها الجزائر لقيادة البوليساريو كي تقود منها هجومها على المغرب. هذه التقاطعات هي التي تستفيد منها قيادة البوليساريو من أجل مواصلة استمرارها وتمويل نشاطاتها، ومضاعفة ثروات رموزها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *