المغرب الكبير

بلخادم: سيتم فتح الحدود البرية بين المغرب والجزائر

قال عبد العزيز بلخادم، الذي شغل منصب وزير الدولة، والممثل الشخصي لرئيس الجمهورية الجزائرية، في معرض حديثه عن ملف إعادة فتح الحدود البرية الجزائرية-المغربية، المغلقة منذ 22 سنة، أن “هذا أمر قادم لا محالة، ولا يمكن لشعبين شقيقين أن يتدابرا إلى ما لا نهاية”، كما أبدى تخوفه من الوضع الليبي الذي بدأ يتفاقم، خاشيا أن يصل الأمر إلى تقسيم ليبيا.
وقارن بلخادم، فيحوار أجرته معه CNN، بين تفكير قادة الدول الأوروبية الذين نجحوا في بناء الاتحاد الأوروبي عبر المسائل الاقتصادية، وبين زعماء الدول المغاربية الذين فشلوا في قيام الاتحاد بسبب تفضيلهم المسائل السياسية على الجانب الاقتصادي.
في الوقت الذي تتجه فيه كل الدول إلى التكتل، يبقى مشروع الاتحاد المغاربي يراوح مكانه، ما الذي يعطل قيامه؟
في السنة نفسها التي التقى فيها قادة الأحزاب الثلاثة في طنجة عام 1958، أي حزب الاستقلال المغربي وحزب جبهة التحرير الجزائري والحزب الدستوري التونسي، التقت 6 دول أوروبية حول الحديد والفحم، هم انطلقوا من تشابك المصالح الاقتصادية من أجل تحقيقها وأجلوا المؤسسات السياسية، في حين، نحن بدأنا بالمؤسسات السياسية كالمجلس الرئاسي ومجلس الشورى المغاربي وأخرنا المصالح الاقتصادية.
المسائل السياسية دائما معقدة، حتى الآن الأوروبيون مازالوا مختلفين حول السياسات الدفاعية فيما بينهم، وبعض القضايا في السياسة الخارجية. معناه أن القضايا السياسية لا تساعد على الانسجام وعلى الوحدة، بل تكون أحيانا عامل فرقة، لهذا كانوا أذكى من مسؤولينا في تقديم المصالح الاقتصادية.
وبالتالي، ما دامت الأنظمة السياسية مختلفة، فلم لم نبدأ بربط مصالح المواطنين المغاربيين اقتصاديا؟ لو اكتفينا بإنشاء سكة حديدة تربط هذه الدول، وطريق سيار يربط بين هذه الدول، ولو اكتفينا بتوحيد التشريع في قانون المرور بوضع رخصة سياقة موحدة لكل شعوب المنطقة، ولو اكتفينا بتوحيد المناهج التعليمية والتربوية  وبالتكامل الاقتصادي. معناه، لو بدأنا بهذا التكامل، لقطعنا أشواطا بكثير مما قُطع في المجال السياسي.
لازالت الحدود البرية الجزائرية المغربية مغلقة منذ 22 سنة، ألم يحن الوقت بعد لفتحها وطي صفحة الماضي؟
هذا أمر قادم لا محالة، لا يمكن للشعبين شقيقين أن يتدابرا إلى ما لا نهاية، نعطي لبعضنا البعض الظهر، هذا أمر ينبغي أن ينتهي في يوم من الأيام، لكن لابد أن يعلم الجميع أن البادئ هو المغرب، لأنه بعد أحداث مراكش، عندما كانت الجزائر تعاني من ويلات الإرهاب ومن عزلة دولية مفروضة من دون قرار مجلس الأمن، اتهم المغرب الجزائر ظلما أنها من وراء عملية مراكش، وفرض التأشيرة على الجزائريين فجاء رد الفعل الجزائري بإغلاق الحدود.
في إطار المغرب العربي والتكامل، كان من المفروض أن نجد عند إخواننا المغاربة الصدر الدافئ للجزائريين، لأنه كان ينظر إلينا في الخارج، إما إرهابيون وإما ضحايا إرهاب .
لا ينكر احد أن للجزائر دور هام في حل النزاعات بلعبها دور الوساطة في العديد من الملفات كالملف الليبي والمالي وغيرها، لماذا لا تؤدي الدور نفسه في حل الملف الصحراوي؟
والله الجزائر لم تقصر في هذا المجال، إلا أن الهوة بعيدة بين الموقفين، لأن المغرب في حياة المرحوم الملك الحسن الثاني، قبل في “نيروبي” بمبدأ تقرير المصير، لكن بمفهوم مغربي ضيق، ثم تخلى حتى على هذا المفهوم، الإخوة في المغرب لا يريدون الحديث عن استفتاء لتقرير المصير ويرفضون الفكرة من الأساس، وبالتالي يصعب التقريب بين وجهات نظر ترفض إطلاقا الحديث عن تقرير المصير وبين طرف يرغب في تقرير المصير.
حبذا، لو طُرح السؤال على الساكنين في الصحراء، هل تريدون أن تكونوا مغاربة؟ إذا قبل الصحراويون، نحن أول من يبارك، أو هل تريدون أن تكوّنوا دولتكم المستقلة؟ فإذا وافقوا على ذلك، نحن أيضا أول من يبارك، كما نبارك إذا قبلوا أن يكونوا جزءًا في إطار الحكم الذاتي في المملكة المغربية. فليطرح السؤال على الصحراويين بـثلاث أسئلة، حكم ذاتي أو استقلال أو اندماج وننتظر النتيجة، ويكون الخير للجميع.
بعد خمس سنوات على مقتل الزعيم الليبي معمر القذافي، دخلت البلاد في فوضى ولم تذق طعم الاستقرار، هل ترى أن الشعب الليبي وقع في فخ الربيع العربي؟
القضية الليبية أساسا كانت من تدبير “برناد ليفي”، صديق الرئيس الفرنسي السابق “نيكولا ساركوزي”، وهو يفتخر بذلك في كتابه، بعدما وقع الفأس في الرأس الليبي، لأن هؤلاء جميعا، تحت غطاء الديمقراطية وتمكين الناس من الحريات، يعملون من أجل تحقيق مصالحهم ، وعلى أساس تخليص ليبيا من الدكتاتورية، تم إدخال الليبيين في نفق مظلم  وتم تدمير مقومات الشعب الليبي من بنايات تحية ومن سكنات، ثم زرعت فتنة الجهات، شرق، غرب، شرق، وجنوب، وسط.  أخشى إن استمر الأمر، أن نصل أيضا إلى تقسيم ليبيا.
يقدر الخبراء أن وجهة “داعش” المقبلة بعد ليبيا ستكون صحراء موريتانيا والصحراء الغربية، هل يشكل هذا تهديدا حقيقيا للجزائر، إن صحت هذه الفرضية؟
محيطنا الأمني متوتر، فتونس غير مستقرة أمنيا، ليبيا نعرف ما يجري بها، شمال النيجر أيضا غير مستقر أمنيا ، شمال مالي غير مستقر أمنيا، والغريب أن فيه عملية تلاحمية، حيث يوجد الإرهابيون توجد الجيوش الأجنبية، وحيث توجد هذه الأخيرة، يأتي الإرهابيون، وبالتالي هذه الدوامة يعاني منها أكثر من شعب في المعمورة.
البطن الرخو في إفريقيا، يمتد من المحيط الأطلسي في موريتانيا والسنغال والصحراء الغربية إلى جيبوتي، كل هذا البطن الرخو في الصحاري القاحلة، التي لا توجد فيها مسالك معلومة والتي يصعب فيها التنقل والتي يصعب فيها الرقابة والحراسة، طبعا تكون هذه المنطقة ملاذًا لكل من يفر من جحيم القنابل التي تصب عليه في المناطق التي يكثر فيها القتال.
وبالتالي الخطر قائم، وينبغي للجزائر أن تعمل على صون هذا الأمن، وهذا ما يفعله الجيش الوطني الشعبي، بانتشاره على الحدود وبالذود عن حدود الوطن، ومما يزيدنا خوفا هو تقرير أمريكي صدر مؤخرًا عن إمكانية تقسيم الجزائر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *