متابعات | هام

تقارير: السنَّة الذين يتعرَّضون الآن للانتقام على يد شيعة العراق قد يصبحون “داعشيين” جدد

قال جندي شيعي لآخر سنّي وهو يدهسه وسجناء عاجزين آخرين، بينما يضربهم زميله بكل ما أمكنه “هذا رد على مجزرة سبايكر”

كان يشير إلى الإعدام الجماعي المشين لقادة الجيش الشيعة على يد تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) في يونيو عام 2014، ورغم أن حكومة بغداد أعدمت في غشت من العام الجاري، عشرات الأشخاص بسبب البشاعات التي ارتكبوها في قاعدة سبايكر. إلا أن هذا لم يكُن كافياً لهؤلاء الشيعة الساعين للانتقام بأيديهم بحسب تقرير لصحيفة “دايلي بيست” الأميركية.

 

السنة يفروّن

 

مع زحف القوات العراقية نحو الموصل بإصرار، تتحرَّر المزيد والمزيد من القرى من حُكم داعش، فيفر المواطنون السُنَّة فراراً إلى مناطق أخرى من العراق (إن لم تقتُلهم قناصة داعش أو ألغامها أولاً).

وتزيد فرص تحقيق هذا الانتقام كل يوم، ولا تنتهزها الميليشيات الشيعية التي تخوض هذه الحرب فقط، بل تنتهزها أجهزة الدولة أيضاً، مغذّيةً دائرة العنف التي لا يمكن أن تؤدِّي إلَّا إلى تمرُّد تالٍ، أياً كان شكله.

يُفصّل تقرير حديث من منظمة العفو الدولية هذه البشاعات وبشاعات أخرى كثيرة: حالات التعذيب والإعدامات خارج نطاق القضاء مع وجود المئات من الرجال السُنَّة المفقودين، ينتمي 643 منهم إلى قبيلةٍ واحدة وقد اختفوا عقب تحرير شقلاوة في يونيو الماضي، وتأكيد مقتل 49 رجلاً. ما يوضّحه التقرير ضمناً أنَّ العراق بعد داعش يعِد بأن يكون أقل استقراراً، لا أكثر، حتى بعد هذه المعركة العالمية من أجل تحرير الموصل وهزيمة داعش العسكرية الحتمية.

مع عدم قدرة هؤلاء السُنَّة الفارّين على الهروب قبل هجوم القوات العراقية وقوات التحالف، يواجَهون بالريبة، وهو أمر له أسبابه. إذ شنَّ حوالي 100 عنصر متسلل هجوماً دموياً في كركوك منذ بضعة أيام. ولكن أن يُحتجَزوا ويُستجوبوا من أجل تقييم خطر احتمال كونهم مقاتلين متخفيين من داعش هو أمرٌ، وأن يُعامَلوا بكراهيةٍ ويُعذَّبوا ويُقتلوا انتقاماً من وحشية داعش ويُحمَّلوا مسؤولية كل جرائم قتل داعش وبشاعاتها الطائفية لا يشكل فقط أمراً مروعاً وغير قانوني، ولكنَّه يُهدِّد مستقبل العراق.

 

اعتقال جماعي

 

يعيد التاريخ نفسه بهذا الاعتقال الجماعي وسوء المعاملة، وتظهر المقابلات التي أجريت مع داعش في السجن بوضوح أن الإذلال الناتج عن الاعتقال التعسفي على أيدي القوات الأميركية أو الحكومة العراقية كان دافعاً نحو العنف ونحو داعش، ليس للضحايا فقط، بل ولأبنائهم أيضاً.

السنة الذين يشهدون حالياً اختفاء آبائهم وأشقائهم وأعمامهم وأبناء عمومتهم، هم نواة المقاتلين المتمردين في المستقبل. وإن لم تتوقف هذه الدائرة الجهنمية بطريقة ما، فإن النسخة الثالثة من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق هي قاب قوسين أو أدنى.

كما أن هناك مزيداً من الانتقام المرتقب غير الملحوظ بما يكفي حتى الآن: العنف الطائفي بين السنة.

 

سأقطع رقاب أبناء عمومتي

 

هرب العديد من تنظيم داعش في وقت سابق من الصراع خوفاً على حياتهم لأسباب متعددة، مثل العمل في الشرطة العراقية، أو في الترجمة للأميركيين. وعادة ما حملوا السلاح لمقاتلة جيرانهم السابقين، حتى القبائل والعائلات، لذا تستمر دورة الانتقام.

أخبر أحد هؤلاء المقاتلين هوشانغ وزيري، الباحث الموجود في واشنطن العاصمة وأربيل، عن الطريقة التي انقسمت بها عائلته في عام 2003، وعن الغضب الذي تراكم منذ ذلك الحين. قال إنه ليس بوسعه الانتظار حتى يعود إلى قريته، لكن حين سُئل عما إن كان بإمكانه مسامحة أبناء عمومته، الذين قاتلوا تحت لواء داعش، توقف قبل أن يجيب بقوله “تقطع داعش رقاب الناس من المقدمة أليس كذلك؟ حسناً، سأقطع رقاب أبناء عمومتي من الخلف”.

من سيراقب هذا العنف السني – السني ويمنعه؟ بالنظر إلى أفعال الدولة ذاتها ضد السنة، فليس من المرجح أنها ستقبل على حمايتهم. بل ربما تسعد الحكومة لقيام أحدهم بالعمل القذر نيابة عنها.

سيعود بعض السنة الغائبين إلى عائلاتهم في النهاية، لكنهم سيكونون أكثر غربة عن هويتهم العراقية، إن كان هذا ممكناً. سيكونون قد دُفعوا باتجاه هويتهم العربية السنية، ما يعني أنهم مستعدون للانضمام إلى المجموعة التالية التي تزعم القتال من أجل حقوقهم أو التي تعدهم بالانتقام.

يشعر السنة في العراق مرة أخرى، سواء عن صواب أو خطأ، بأنه ليس لديهم ما يخسرونه. ما يعني أنه حتى الانتصار الساحق في الموصل لن يمثل سوى هدنة في الصراع الممتد -للأبد على الأرجح- ضد داعش.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *