متابعات

شعار “محاربة الفساد” بالمغرب هل هو حقيقة ام مجرد نصوص قانونية غير مفعلة؟

“محاربة الفساد” عبارة تتردد كثيرا في المغرب في السنوات الأخيرة، خصوصا بعد الاحتجاجات التي قادتها حركة 20 فبراير عام 2011، قبل أن يأتي الدستور الجديد خلال السنة نفسها، والذي تضمن آليات عديدة لضمان التصدي للظاهرة.

في الوقت نفسه اختار حزب العدالة والتنمية الشعار نفسه في حملته الانتخابية التي أوصلته للمرة الأولى (2011) والثانية (2016) إلى رئاسة الحكومة.

في مقابل ذلك تشير تقارير دولية إلى احتلال المغرب مراكز متأخرة في مؤشرات محاربة الرشوة والفساد، الأمر الذي يدفع للتساؤل حول ما إذا كانت محاربة الفساد في المغرب حقيقة أم مجرد شعار؟

تخمة نصوص

الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، عمر الشرقاوي، يرد على التساؤل بالقول “هي حقيقية بدرجة شعار”.

ويتابع المتحدث أنه “على مستوى الوثائق والقوانين نحن في درجة الحقائق وعلى مستوى الأداء والتطبيق نحن في الشعارات والآمال والطموحات والنظري”.

المحلل السياسي، يبرز توفر عدد من المؤسسات والآليات لمحاربة الفساد من قبيل المجلس الأعلى للحسابات والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، واللجنة الوزارية لتعزيز النزاهة والشفافية، وغيرها، ينضاف إلى ذلك ما يتضمنه الدستور بهذا الشأن من قبيل الميثاق الأخلاقي حول المرافق العمومية ومبادئ ربط المسؤولية بالمحاسبة والحكامة الجيدة.

من ثمة يؤكد المتحدث “عندنا تخمة وإشباع على مستوى النصوص ولكن على مستوى الأداء الحكومي وعلى مستوى محاصرة رقعة الفساد والاختلالات أظن أن المغرب ما يزال بعيدا كل البعد عن محاصرة هذا الشبح” الذي، وحسب الشرقاوي “يكلف المغرب تقريبا عشرين مليارا سنويا”.

غياب الإرادة

من جهته، يذكر، رئيس الشبكة الوطنية لحماية المال العام، محمد المسكاوي، بأن “المغرب انخرط في الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد سنة 2007” مبرزا أنه بناء على ذلك “عدل مجموعة من القوانين الخاصة بمكافحة الفساد مثل التصريح بالممتلكات والحق في الوصول إلى المعلومة وإنشاء الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة”.

و يتابع المسكاوي موضحا أنه “على مستوى بعض القوانين هناك انخراط من جانب الدولة في هذا الموضوع” غير أنه “على المستوى الفعلي نلاحظ غياب إرادة حقيقة لمكافحة الفساد من خلال عدة مؤشرات”.

ويشير المسكاوي إلى أنهم طالبوا بـ”تعديل مجموعة من القوانين حتى تصبح لها فعالية التنفيذ، وبتحريك الملفات الموجودة بالمحاكم، وبمتابعة ملفات التقارير التي تصدر عن المجلس الأعلى للحسابات”.

وحسب المتحدث فإن “كل هذه المؤشرات تبين غياب الإرادة الحقيقية لمحاربة الفساد وعدم انخراط الدولة بشكل جدي في هذا الموضوع”، مردفا أن “حتى الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي أطلقتها الحكومة السابقة في آخر أنفاسها اقتصرت على بعض الإجراءات التقنية والتي تختزل الرشوة في ذلك المبلغ البسيط الذي يمنح لبعض الموظفين، دون أن تركز على الجانب الحقيقي في الفساد”.

إلى جانب ما سبق يرى المسكاوي أن المغرب “ما يزال يتعامل من باب الإفلات من العقاب” وبالتالي فإن “المغرب يتميز بإخراج بعض القوانين لإسكات الأصوات بينما على مستوى التنفيذ لا تُفعل تلك المسائل”.

ليس شعارا!

البرلماني السابق والقيادي في حزب العدالة والتنمية، عبد العزيز أفتاتي، من جانبه يؤكد أن محاربة الفساد “ليس مجرد شعار”.

ويتابع المتحدث ، “لو كان مجرد شعار ما كانوا لينقلبوا على ابن كيران ولو لم تكن حقيقة ما كانوا ليفرضوا على العثماني جزءا من التحالف”، مردفا “ربما في وقت معين كان مجرد شعار ولكن اليوم ذلك غير ممكن مع العدالة والتنمية”.

ويدافع أفتاتي عن حصيلة حكومة العدالة والتنمية في هذا المجال، مبرزا أنها اعتمدت عددا من الإجراءات من قبيل “فرض ضريبة على كبار الفلاحين وإصلاح المقاصة بالإضافة إلى الإجراءات التي اتخذت في إطار العدالة الاجتماعية”.

وحسب أفتاتي فإن الخطاب نفسه يعكس انخراط الحزب بذلك الشأن متسائلا “هل تعتقدون أنه أمر سهل أن يأتي حزب ويقول أنا مهمتي محاربةالفساد؟ “.

القيادي في “البيجيدي” يتابع مؤكدا أن “ما بدأ مع حكومة ابن كيران سيستمر مع حكومة العثماني” وأن الأخير “سيستمر في محاربة الفساد لأنه هو من يرأس الحكومة وليس الفساد”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *