مجتمع

النفايات بالمغرب.. كيف تتم معالجتها؟

تخلص أي شخص من الأزبال قد يبدو عملية سهلة، فيكفي أن يرميها في أي مكب للنفايات ليتم تجميعها لاحقا ونقلها إلى المطرح، ولكن الواقع أن عملية تدبير النفايات تعتبر من القضايا الكبيرة المرتبطة بملف البيئة، ذلك أن أي خلل على مستوى طريقة معالجتها قد ينطوي على عواقب وخيمة.

ملايين الأطنان من النفايات تنتج سنويا في المغرب. كيف يتم تدبير كل تلك الكمية؟ وإلى أي حد تتم الاستفادة منها عن طريق تثمينها؟

إشكالات التدبير

في حديثه عن طريقة تدبير النفايات في المغرب، يحدد المهندس البيئي، الخبير في إدارة النفايات، ومدير مكتب دراسات معني بقضايا البيئة، نور الدين لشهب، مرحلتين أساسيتين، الأولى، تتمثل في الفترة “ما قبل 2006-2008 أي قبل أن يكون هناك قانون خاص بتدبير النفايات والتخلص منها والبرنامج الوطني لتدبير النفايات الصلبة”، والمرحلة الثانية التي “جاءت بعد القانون والبرنامج”.

وإذا كانت عملية التدبير في المرحلة الأولى “في الغالب تتم بشكل مباشر عن طريق الجماعات”، فإن المرحلة الثانية تتميز بالتدبير المفوض “الذي كان قبل 2006، ولكنه كثُر بعدها وصارت أغلب المدن تعتمده”.

وبخصوص النواقص التي تشوب عملية معالجة النفايات بعد جمعها ونقلها إلى المطارح، يشير المتحدث إلى عدد من الإشكاليات المرتبطة بالمطارح غير المراقبة، مبرزا أنه “بالرغم من أن البرنامج الوطني لتدبير النفايات كان من أولياته أن يتم تأهيل جميع المطارح غير المراقبة ويتم إقفال جميعها، إلا أن هذه العملية فيها تأخر كبير، مقارنة بالأهداف التي كانت مرسومة عام 2008 “.

مشاكل التدبير على ما يبدو لا ترتبط فقط بالمطارح غير المراقبة، إذ يؤكد المتحدث على وجود إشكالات تطرح حتى على مستوى المطارح المراقبة.

الاستفادة من النفايات

وحسب لشهب فإن الطمر الصحي الذي كان يعتبر من أحسن الوسائل المعتمدة في عملية معالجة النفايات، أصبح يطرح بعض الإشكالات التي صار لزاما معها تجاوزه.

ومن الإشكالات التي يطرحها الطمر وإن كان صحيا، حسب الخبير البيئي، أنه لا يسمح بالاستفادة من “الإمكانيات المتاحة للنفايات كمورد”، كما أنه “يؤثر على مالية المشاريع” وذلك بحكم كلفة تدبير تلك النفايات.

وعلاقة بإمكانية الاستفادة من النفايات، يطرح المتحدث مسألة التثمين، مشيرا إلى الإشكال المرتبط بها، والمتمثل حسب رأيه في أنه يتم الحديث عن تلك العملية على مستوى “المصب”، بينما “التثمين يجب أن يتم من المنبع ومن المنتج الذي هو المواطن”.

تقليص الطمر

حوالي سبعة ملايين طن، هي كمية النفايات التي ينتجها المغرب سنويا، حسب ما توضح كاتبة الدولة لدى وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة المكلفة بالتنمية المستدامة، نزهة الوفي، التي تشير إلى أن حجم ما يتم طمره منها يصل إلى 60% في مقابل 8% من النفايات التي يتم تثمينها.

وعلاقة بموضوع الطمر والتثمين، تؤكد الوفي أن الهدف الذي يشتغلون عليه يتمثل في “تقليص مستوى الطمر في المغرب” في مقابل تثمين النفايات.

وحسب الوفي فإن عملية التثمين تتم غير أنها “تتم في القطاع غير المهيكل”، مؤكدة أنهم سيعملون على هيكلة من يشتغلون في ذلك المجال، مشيرة في السياق إلى أنه قد تمت هيكلة من يعملون في جمع البطاريات المستعملة.

وحسب المتحدثة فإنه ستتم هيكلة من يشتغلون في فرز وتثمين النفايات في إطار سبع منظومات تهم إلى جانب البطاريات المستعملة، العجلات، والنفايات المنزلية، وزيوت المحركات المستعملة، وورق الكارطون المستعمل، والنفايات الإلكترونية، ونفايات البناء.

مداخيل ضخمة

لا يمكن الحديث عن تثمين النفايات، دون الحديث عن عملية الفرز وهنا يتم الحديث بالضرورة عن “البوعارة”، وهو مصطلح بالدارجة يحيل على الأشخاص الذين يشتغلون بشكل عشوائي في عملية فرز النفايات بغرض إعادة تدويرها.

“تعاونية الوفاق” التي تعمل في مطرح “أم عزة” بالرباط، هي نموذج لمشروع يضم مجموعة من الأشخاص الذين يعملون في فرز النفايات والذين انتقلوا من العمل العشوائي إلى العمل في إطار مطرح مراقب ومنظم.

رئيس التعاونية، ياسين مزوط، يوضح أن هذا المشروع ذي الأبعاد “الاجتماعية والبيئية والاقتصادية” جاء لتأطير مجموعة من الأشخاص الذين يشتغلون في فرز النفايات والذين يصل عددهم اليوم إلى 150 منخرطا، حسب ما يوضحه المتحدث.

ومن خلال رقم المعاملات الذي يكشف عنه مزوط، تتبين أهمية عملية التثمين، ومدى إمكانية الاستفادة من النفايات كمورد كما يشدد على ذلك الخبراء في المجال.

وحسب المتحدث، فإن مداخيل تلك العملية فقط في المطرح حيث يشتغلون، تعدت خلال عام 2016، مبلغ 5.16 مليون درهم، كما فاقت كمية النفايات المسترجعة والتي يمكن إعادة تدويرها، 11 ألف طن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *