متابعات

هل “نجح” المغرب في مواجهة الإرهاب و”فشل” في التصدي لـ”التشرميل”؟

في الوقت الذي تتوالى عمليات “المكتب المركزي للأبحاث القضائية” في التصدي للمتشددين من خلال تفكيك “خلايا إرهابية” بالمغرب، يؤكد نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي “تنامي” الجرائم التي تدخل في إطار ما يسمى بظاهرة “التشرميل”، في إشارة إلى جرائم السرقة والاعتداء التي يتعرض لها مواطنون في الشارع، وهو ما دفع ببعض المغردين إلى التساؤل: هل “نجح” المغرب في مواجهة الإرهاب و”فشل” في التصدي لـ”التشرميل”؟

مقارنة “خاطئة”

​رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، عبد الرحيم منار اسليمي، يؤكد أنه “لا يمكن المقارنة بين ظاهرة التشرميل وظاهرة الإرهاب”.

ويوضح اسليمي أن “التشرميل” موضة إجرامية جديدة يفرزها المجتمع وهو في لحظة تفكك قيمه وفقدانه لبنياته الضابطة العميقة مثل سلطة الأب والعائلة…”.

ويتابع المتحدث مبرزا أن “التشرميل لا تؤطره مرجعية أيديولوجية أو خطاب مثل الإرهاب” ينضاف إلى ذلك أنه “ليست له قيادات إذ لا يمكن الحديث عن (قيادات المتشرملين) أو توجيهات يتلقاها المتشرمل مثل ما يجري بالنسبة للإرهابي”.

وفي تفسيره للفرق بين الظاهرتين يضيف المتحدث أنه في الوقت الذي “يرتبط الإرهاب بمنظمات ومخططات يتلقاها الشخص من الخارج أو عن طريق التجنيد بواسطة الأنترنيت” وفي الوقت الذي يكون “الإرهابي حاملا لمشروع تخريبي عنفي” فإن “التشرميل يتفرخ داخل المجتمع ولا يحتاج فيه الفرد لتجنيد أو غيره” وقد يبدأ بـ”التقليد” كما أنه “عادة ما يكون مرتبطا بظواهر أخرى”.

من ثمة يؤكد اسليمي أن “الأجهزة الأمنية نجحت في التصدي للإرهاب لأنها أنشأت جهازا خاصا لمحاربته” مردفا أن “السياسة الأمنية متفوقة في محاربة الإرهاب لوجود جهاز أمني خاص يراقب ويتابع الظاهرة من بداية تحول الفرد إلى لحظة اقترابه من التنفيذ”.

في المقابل يقول اسليمي ما يزال يتم التعامل “لحد الآن مع التشرميل بنفس الأدوات الأمنية الكلاسيكية” ينضاف إلى ذلك كون “التشرميل متداخل مع جرائم متعددة داخل المجتمع” يوضح المتحدث الذي يتوقع “أمام تزايد خطر التشرميل أن يتم إنشاء جهاز خاص”، قبل أن يختم بالتأكيد مجددا على أن “المقارنة بين الظاهرتين (الإرهاب والتشرميل) غير صحيحة لنقول هنا يوجد نجاح وهنا يوجد فشل”.

دواعي “التشكيك”

التساؤل الذي يطرحه البعض يطرحه أيضا، الخبير في علم الإجرام، صاحب كتاب “جرائم وتشرميل”، رشيد المناصفي، إذ يقول “كيف لمن لم يتمكن من القضاء على الجريمة العادية والوصول إلى المجرم العشوائي أن يقضي على الجريمة الكبيرة ويصل إلى المجرم المنظم والمحترف؟”.

المناصفي يرد على تساؤله من خلال طرح احتمالين اثنين، أولهما أن “الاهتمام والميزانية الأكبر موجهة للجريمة الكبيرة التي هي الإرهاب بينما يتم ترك الجريمة العادية”، أما الاحتمال الثاني فهو، حسب رأيه، أن “ما يقال عن تفكيك خلايا إرهابية لا أساس له من الصحة”.

المناصفي يرى أن هناك دواع ومبررات لهذا “التشكيك” ويردف مؤكدا “صحيح هناك اختلاف بين الجريمة الإرهابية المنظمة والجريمة العادية العشوائية ولكن ليست هناك مصداقية” على حد تعبيره.

ويتابع موضحا أن “الظروف التي ترافق عملية اعتقال عناصر كل خلية يتم الإعلان عن تفكيكها” تجعله “لا يصدق” كل ما يسمعه بذلك الخصوص.

من جهة أخرى يوضح المتحدث أنه سواء بالنسبة لـ”التشرميل” أو “الإرهاب”، “لن يتم القضاء عليهما إن لم تتم معالجة الأسباب التي تؤدي إليهما”، فبالرغم من أنه يرى أن هناك اختلافا بين الظاهرتين، فهو يعتبر أن هناك “تشابها” على مستوى “العديد من الأسباب التي تؤدي إليهما” والتي يشدد على ضرورة “معالجتها” بدل الاقتصار على ما يصفها بـ”الطريقة السهلة” في مواجهة الجريمة والمتمثلة في “الاعتقال” و”الزج في السجون”.

أوجه “الاختلاف”

الخبير الأمني، والإطار الأمني المتقاعد، محمد أكضيض، من جانبه يؤكد  على “الاختلاف بين الإرهاب والتشرميل”.

وحسب أكضيض فإن “الإرهاب جريمة تعتمد التخطيط والتنظيم بينما التشرميل جريمة عشوائية من يقومون بها غالبا ليسوا محترفين”.

“الجرائم التي تدخل في إطار ما يسمى بالتشرميل لا تقتضي الاحتراف كما أنها لا تتم عن طريق الاستقطاب والتجنيد، وقد يتوجه لها الشباب بعفوية إذا ما توفرت ظروف معينة” يقول أكضيض، مردفا أنها “قد تتم تحت تأثير المخدرات”.

ويلفت المتحدث إلى كون “التشرميل ظاهرة بنيوية” مبرزا أن أسبابها عديدة تتداخل فيها قطاعات مختلفة ولا ترتبط فقط بما هو أمني.

فبالنسبة للخبير الأمني فإن تلك الظاهرة “من السهل التصدي لها” متى ما “انتفت الأسباب المؤدية إليها”، مشيرا إلى “البطالة” كنموذج.

مع ذلك يشدد أكضيض على أن الأمن “يقوم بدوره في محاربة الظاهرة” من خلال “محاربة المخدرات” والقيام بـ”حملات تطهيرية”، مؤكدا على أنه بموازاة ذلك “يجب أن تتدخل قطاعات أخرى لحماية الشباب من الفقر والهشاشة التي تؤدي إلى تلك الجرائم”.

هذا ويرى المتحدث أيضا أن تلك الجرائم التي تدخل في إطار ما يسمى بـ”التشرميل” تأخذ حجما أكبر من حجمها بقوله إن “الإحساس بكثرة تلك الجرائم راجع إلى الشبكة العنكبوتية التي تعطي الانتشار غير الحقيقي لها” على حد تعبيره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *