وطنيات

خبراء يتساءلون .. هل أفلست المبادرة الوطنية للتنمية البشرية؟

إذا كانت المبادرات التي تتخذها الدول تهدف إلى تنمية قدرات شعوبها والارتقاء بها على كـــــــــل المستويات، فإنه بالعكس في المغرب تم تشويه المبادرة الوطنــية للتنمية البـــشرية والانحراف بها عن تحقيق أهداف الألفية، وللإشارة فالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية هي تنزيل لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية (PNUD)، تبناها المغرب سنة 2005 لكن وفق مقاربة سياسية لا تنموية.

تسييس المبادرة الوطنية للتنمية البشرية:

تسييس المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بدأ مع التسويق لها في الإعلام الرسمي وكأنها إبداع مغربي-مغربي ومبادرة داخلية للنظام، مع التعتيم على البرنامج الأممي، لردم الفوارق الطبقـــية ومحاربة الفقر والهشاشة وتمكين المرأة والشباب في القرى والمدن عبر تمويل مجموعة من المشاريع التنموية، وظهر النظام وكأنه يوزع الخــــــــيرات والأموال على الناس ليس لتنمية القدرات ولكن كنوع من الصدقات.

تسييس المبادرة ثانيا تم ويتم من خلال توظيفها في التسابق المحموم على الإحسان العمومي بين الدولة والجمعيات، وبالخصوص ذات التوجهات الدينية، بحيث لا تريد الدولة، بدافع هاجس أمني محض، أن تترك المجال أو الفراغ في الأحياء الشعبية المهمشة ليتم استغلاله لكسب هذه الجمعيات لشرعية شعبية يمكن توظيفها ككتلة في الانتخابات لصالح الأحزاب السياسية، ونموذج حـــــــزب الـــــــــعدالة والتنمية وأجنحته الجمعوية مثال ناجح في التوظيف السياسي للإحسان العـــــــــمومي واحتضانه لمجموعة من الأحياء الشعبية التي أصبحت محسوبة عليه كجيوب ودوائر انتخابية مساندة.

إفلاس المبادرة الوطنية للتنمية البشرية:

بتسييس المبادرة من طرف النظام وبعض الأحزاب السياسية تم إفراغها من محتواها التضامني حتى اعتبرت صفقة سياسية ما بين النخب المحلية والنظام السياسي لتجديد شرعيتـه.

والمؤشرات كثيرة على هذا الإفلاس؛ فيكفي أن نشير إلى التقرير الأممي حول احتلال المغرب للرتبة 123 في التنمية البشرية سنة 2016 من أصل 188 دولة شملها التقرير بالبحث، وهي رتبة تبقى دون مستوى الطموحات التي يسعى إلى تحقيقها من خلال السياسات العمومية وبرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وجاء وراء الجزائر التي احتلت المركز 83 وتونس في الصف 97 وليبيا في المرتبـة 102.

مساعدات لا تصون الكرامة بل تقتلها:

إن مأساة ما وقع من استشهاد لخمس عشرة امرأة في التدافع على حصة من دقيق وغيره من المواد الغذائية في مشهد بئيس في جماعة “بولعلام” بالصويرة، لإدانة واضحة للمبادرة وللمؤسسات والبرامج الحكومية التي تدعي كذبا وبهتانا بأنها تصونها.

إن واقعة “بولعلام” لم تمرغ كرامة الإنسان في التراب بل قتلت هذه الكرامة.

فإذا كانت المبادرات التنموية تسعى إلى بعث روح المواطنة، فإنها هنا بالعكس كرست العبودية التي تقتل الكرامة من أجل حفنة دقيق وشاي وسكر.

عبد الرحمان شحشي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *