مجتمع

“الحكرة” في المغرب.. سلوك يرتبط غالبا بالسلطة

مشهد صادم وثقه شريط مصور يتداوله، منذ الاثنين الماضي عدد كبير من مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، تظهر فيه سيدة مسنة تبكي بحرقة وغطاء رأسها الأبيض تحول أحمرا بفعل نزيف ناتج، عن ضربة وجهها إليها عناصر من “القوات المساعدة”.

شعور بالألم، بالضعف وانعدام الحيلة، بالحيف والذل.. أو باختصار شعور بـ”الحكرة”، تلك الكلمة الشائعة في الدارجة المغربية والتي تحيل على سلوك يقوم على احتقار وإذلال الآخرين ويترك شعورا عميقا بالظلم والتهميش.

https://www.facebook.com/cha3b.youride/videos/1519697434746187/

الحكرة، ذلك السلوك الذي يُربط غالبا بالسلطة أو بالأحرى “الشطط في استعمال السلطة”، والذي كان في حالات كثيرة الشرارة لاندلاع احتجاجات، ما يدفع للتساؤل عن أسباب هذا السلوك؟ علاقته بالسلطة؟ والخطر الذي قد يشكله على السلم الاجتماعي؟

نتيجة لمنظومة “فاسدة”

بالنسبة للناشطة الحقوقية، خديجة الرياضي، فإن “الحكرة” هي “نتيجة للمنظومة الفاسدة”، التي تجعل “أبسط موظف أو مقدم أو قائد أو شرطي أو دركي وغيرهم يشعرون أنهم محميون، وبالتالي لا يشعرون بالخوف من التعسف واستغلال سلطاتهم”.

وأبرزت الرياضي أن هذا الأمر “لا يقتصر على هؤلاء الذين لديهم علاقة مباشرة مع المواطن”، مضيفة أن “الوضع تحول إلى مشكل حقيقي”.

وأشارت هنا إلى عدد من الحالات التي تعتبر أنها ناتجة عن ذلك السلوك كحالة “مي فتيحة” التي انتحرت حرقا، أو “مي عيشة” التي تسلقت عمودا كهربائيا في وسط الرباط وهددت بالانتحار.

وأشارت الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إلى أن مواجهة “هذا الوضع الذي يعكس عدم توازن لا يمكن أن يستمر، لا يجب أن يكون بالصمت أو بردود فعل موسمية وغير منظمة”، مشددة على ضرورة أن يتم “الاحتجاج على الوضع بطرق منظمة وسلمية للتمكن من انتزاع بعض الحقوق والمكتسبات” على حد تعبيرها.

“نحن لا ننتظر أن توقف السلطة المخزنية لوحدها الحكرة” تقول الرياضي التي تؤكد في السياق نفسه على ضرورة أن يكون هناك “نضال منظم، سلمي وحضاري لانتزاع سلم اجتماعي حقيقي يقوم على العدل والإنصاف والديمقراطية الحقيقية”.

“غياب سلطة مضادة”

في سياق الحديث عن علاقة “الحكرة” كسلوك بالسلطة، يشدد المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، عبد الرحيم العلام، على أهمية “فصل السلط” في هذا الإطار، مبرزا أنه بمثابة “صمام الأمان في الدول الديمقراطية”.

ويتابع العلام مفسرا فكرته تلك بالقول إنه “عندما تسيء سلطة معينة إلى القانون أو تتعسف في استعمال السلطة تردعها السلطة الأخرى”، مردفا أنه “حين لا يكون هناك فصل حقيقي بين السلط، لا تردع السلطة السلطة وبالتالي لا توجد سلطة مضادة للسلطة المعتدية”، وهنا “تعم الفوضى وينعدم العدل” على حد تعبيره.

وفي السياق نفسه، يوضح المتحدث أن “غياب ربط المسؤولية بالمحاسبة وغياب العقاب” قد يؤدي بالمسؤولين إلى “التمادي في الإساءة لمناصبهم واستغلال النفوذ والتعسف في ممارسة السلطة”.

العلام الذي يتحدث عن أوجه مختلفة لتلك “الحكرة”، يلفت إلى الشعور بـ”اليأس والإحباط” الذي قد تخلفه، والذي قد يؤدي بالشخص إلى “الإقدام على أشياء تعاكس حتى رغباته” لدرجة قد يصبح معها في بعض الأحيان “حتى الموت والحياة سيان بالنسبة له”.

وحسب المتحدث فإن ذلك السلوك قد يجعل الشخص يشعر وكأنه “محشور في زاوية” وبالتالي قد يلجأ إلى “كل المنافذ القانونية وحتى غير القانونية للخروج منها”.

ويلفت العلام إلى مجموعة من الظروف من قبيل “الفقر وإساءة استعمال السلطة وعدم وجود رعاية اجتماعية” التي قد تدفع الشخص إلى سلك أي منفذ بغرض الإفلات منها، مبرزا هنا أن “تجليات وردود الفعل التي يمكن أن يقدم عليها شخص نتيجة إحساسه بالحكرة هي متعددة ولا تقتصر على الاحتجاج فقط” بل قد تشمل في حالات أسوأ الانتحار أو حتى “الارتماء في أحضان المنظمات المتطرفة والعصابات الإجرامية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *