متابعات

الأسر المغربية في “داعش”..ما مصيرها في حالة العودة؟

“أسرة مغربية من 7 أفراد تنضم لـ’داعش’ في سوريا”، “عائلة مغربية تختفي في إيطاليا وشكوك حول التحاقها بـ’داعش'”، “إسبانيا توقف أسرة مغربية كانت متجهة صوب ‘داعش’ عبر المغرب”، هذه عناوين بعض الأخبار التي تداولتها وسائل إعلام محلية في المغرب خلال السنوات الأخيرة والتي تكشف ظاهرة استقطاب أسر كاملة، بما في ذلك الزوجة والأبناء، من طرف تنظيم الدولة “داعش”، والذين يواجهون مصيرا مجهولا خاصة بعد مقتل الزوج والأب.

فكيف تم استقطاب هذه الأسر؟ لأية غاية؟ وما هو المصير الذي ينتظرهم في حال عودتهم، خصوصا في ظل اندحار وانهزام التنظيم في العديد من مناطق تواجده؟

الأسر والدولة المزعومة

قبل أشهر قليلة تناقلت مجموعة من وسائل الإعلام المحلية والدولية، قصة الشابة المغربية إسلام ميطاط، التي اصطحبها زوجها إلى سورية، وهناك تزوجت مرتين من عنصرين ينتميان إلى “داعش” عقب مقتل زوجها الأول، وأنجبت طفلين، قبل أن تقرر الهرب.

قصة إسلام واحدة من قصص العديد من الأسر التي التحقت بـ”داعش”، سواء أسر مكونة من الأب والأم والأبناء، أو أسر كانت تتكون فقط من الزوجين قبل أن ولادة الأطفال الذين يرون النور داخل التنظيم.

استقطاب هذه الأسر يتم “غالبا إثر استقطاب الزوج” حسب توضيحات المغربي العائد من سورية، نور الدين حاتمي، والذي يشير إلى أنه “في غالب الحالات يذهب الزوج أولا ويطلب من الزوجة اللحاق به”.

وعن مصير الزوجة والأبناء في حال مقتل الزوج، يوضح المتحدث أنها تتزوج من جديد، ذلك أنه “يستحيل أن تبقى امرأة هناك دون أن يكون لها زوج يحميها” على حد تعبيره، مبرزا ضمن تصريحه لـ”أصوات مغاربية” أن المرأة “غالبا تذهب إلى هناك من أجل أن تلتحق بزوجها فإذا قتل أو مات فإنها من الصعب جدا أن تعيش وحدها”.

ولكن ما الغاية من استقطاب الأسر؟

حسب حاتمي، فإن ذلك كان مقصودا في مرحلة معينة “حين أعلنت داعش نفسها دولة خلافة”، وذلك بغرض تحقيق “ما تعتبره هي دولة، إذ توهم الناس أنها دولة وأن مساحة أرضية كبيرة جدا تقع تحت سلطتها وتصرفها وبالتالي وجود أسر علامة على وجود دولة بالفعل” يردف حاتمي.

“أسر داعش المغربية.. نحو 293 امرأة و391 طفلا”

نحو 293 امرأة و391 طفلا هجروا إلى “داعش”، حسب الأرقام التي يوردها الباحث في العلوم السياسية وقضايا التطرف العنيف، إبراهيم الصافي، نسبة إلى جهات رسمية.

وحسب الصافي فإن “عودة الفارين من التنظيمات الإرهابية وبالخصوص تنظيم “داعش”، بعد النجاح العسكري في استرجاع الأراضي التي كان يسيطر عليها “داعش” في كل من العراق وسورية، تطرح إشكالية إنسانية صعبة، تتمثل في طريقة التعامل مع العائدين من الأطفال والنساء.

ويتابع الصافي موضحا أن تلك الفئة من العائدين “تكون لها مبررات قوية للفرار من الموت إلى أرض الوطن، الأمر الذي سيشكل عبئا ثقيلا على المغرب”، إذ يرى، بهذا الخصوص، بأنه على السلطات أن تستعد لـ”تبني مقاربة اجتماعية لمعالجة ملف هذه الفئة الهشة (النساء والأطفال)”.

وفي هذا الإطار، يلفت الباحث المغربي إلى أن عددا من الملتحقين بـهذا التنظيم، “أجبروا زوجاتهم وأبنائهم على الهجرة إلى أرض الخلافة المزعومة”، ومن ثمة يرى أنه “لا يمكن معاقبتهم (يقصد الزوجات والأبناء) بجرم ارتكبه غيرهم”.

ومن هذا المنطلق، يدعو المتحدث إلى “تأويل” النصوص القانونية لصالح تلك الفئة، مع الأخذ بعين الاعتبار البعد الإنساني في معالجة ذلك الملف “من خلال تحضير بنية استقبال خاصة بالتأهيل والعلاج النفسي والاجتماعي لتنظيف عقولهم من ترسبات الشحن الإيديولوجي المتطرف، ومخلفات المشاهد الدموية، وإعادة التوازن الروحي لشخصياتهم الموبوءة” على حد تعبيره.

كذلك، يؤكد الصافي أنه قد صار من الملح بالنسبة للمغرب “تأسيس وحدة للعلاج وإعادة إدماج (التائبين) من بؤر التوتر الإرهابية وبالخصوص الأطفال والنساء”.

“بعد العودة.. التحقيق فالإحالة على القضاء”

تعتبر مدن الشمال من المناطق التي سجلت عددا كبيرا من الملتحقين بـ”داعش”، ويعتبر مرصد الشمال لحقوق الإنسان، من الهيئات الجمعوية والحقوقية التي تطرقت إلى هذا الموضوع، وقدمت عددا من المعطيات بخصوصه.

ففي فبراير الماضي ذكر المرصد في بلاغ له أنه ومنذ بداية عام 2017، عادت أزيد من 150 امرأة إلى المغرب “بعدما بدأ وهم دولة الخلافة يتبدد، وفقدت داعش قوتها وسقطت مختلف معاقلها”.

في هذا الصدد، يؤكد المحامي والمستشار القانوني لدى المرصد، إدريس أفتيس، أنه غالبا ما يتم استقطاب الزوج في أول الأمر، قبل أن يعمد هذا الأخير إلى استقطاب زوجته وأطفاله.

وحسب المتحدث نفسه فإن استقطاب الزوج لزوجته “لا يتم بالضرورة عن طريق الإجبار”، بل “عبر وسائل الإقناع واستغلال رابطة الزوجية”، مشيرا إلى أن مآلهم يكون الزج بهم في حروب يُجهل مصيرها، و”بالتالي غالبا ما ينتهي أمرهم بالموت أو في حال ساعدتهم الظروف بالفرار والعودة”.

ما هو إذن مصيرهم في حال العودة؟

أفتيس يرد بالقول “إذا كانت المقاربة الأمنية تستهدف الخلايا النائمة باعتقالهم ومحاكمتهم فإن النهج نفسه يُتبع مع العائدين”، الذين يشير إلى أنه يتم اعتقالهم والتحقيق معهم ومن ثمة إحالتهم على القضاء لمحاكمتهم وفق قانون الإرهاب “كل حسب التهم التي تنسب إليه”.

هل هذا الأمر يشمل حتى الزوجات والأطفال؟

أفتيس يرد بالإيجاب، قبل أن يردف مستعرضا مجموعة من المقترحات لمواجهة الظاهرة وعلاج آثارها من قبيل “إشراك فعاليات المجتمع المدني للتحسيس والتوعية بمخاطر التطرف العنيف، وفتح المجال لها لإجراء لقاءات وجلسات استماع للعائدين حتى يتسنى لها المشاركة في إعادة تأهيلهم”، و”تخصيص مراكز نفسية وطبية لمعالجة الآثار النفسية والأسرية والاجتماعية التي يعاني منها العائدون من بؤر التوتر”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *