وطنيات

الأعرج : التعاون جنوب – جنوب يظل أنجع آليات حفظ التراث الثقافي

أكد وزير الثقافة والاتصال محمد الأعرج، اليوم الأربعاء بالرباط، على أن التعاون الدولي، وخاصة التعاون جنوب – جنوب، يظل أنجع آليات حفظ التراث الثقافي والنهوض به.

وقال الأعرج، في كلمة تليت نيابة عنه خلال افتتاح ندوة دولية حول حماية التراث الثقافي، إن ” التعاون الدولي عامة والتعاون جنوب – جنوب يظل من أنجع آليات حفظ التراث انطلاقا من تضافر المجهود العلمي والدراسي على المستوى النظري وتبادل التجارب والخبرات والإمكانيات على المستوى العلمي وعلى أوسع نطاق خاصة مع التجارب الدولية التي نجحت جليا في المزاوجة بين التحديث وصيانة الذاكرة التاريخية”.

وسجل الوزير، خلال هذا اللقاء المنظم بمناسبة اليوم العالمي للمعالم ومواقع التراث الثقافي العالمي، أن ” السياسات التي تستهدف التراث لن تستقيم إلا عبر المكانة التي تحتلها الثقافة في أولويات الدولة “، مبرزا أن المغرب سعى وفق هذا المنظور إلى استغلال كل الفرص التي من شأنها تعزيز حضور الثقافة في إرادة الدولة وبالتالي انسيابها في النسيج المجتمعي بما يتيح خلق سلوك تقدير يومي وعفوي تجاه المعطيات الثقافية بمختلف تجلياتها.

وأبرز أن دستور المملكة توج هذا التوجه بترسيم التعدد والتنوع الثقافي ووضع آليات قانونية لصيانة وتنمية مختلف المكونات الثقافية واللغوية للهوية الوطنية الموحدة، مذكرا بأن الوزارة أدركت تمام الإدراك لزوم التعاطي الجامع مع قضايا التراث حيث عملت على مراجعة شاملة للتشريع الخاص بالمحافظة على التراث الثقافي وذلك بإعداد مشروع قانون اعتمد لأول مرة المفهوم الواسع للتراث واستحضر معايير المرونة وسرعة التدخل لإنقاذه.

وأضاف أنه تم أيضا وضع المقاربات الجديدة موضع التفعيل الميداني في مشاريع ترميم وتثمين المواقع التاريخية بمختلف جهات المملكة، مشددا على أن الوزارة ستنخرط في كل الجهود الرامية إلى جعل التراث الثقافي انشغالا مشتركا بين مختلف الفاعلين الوطنيين وشأنا يحظى بالعناية والاعتبار في الخطط والسياسات.

من جهتها، شددت المديرة العامة المساعدة للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإسيسكو) السيدة أمينة الحجري على أنه يتعين على المنطقتين العربية والإفريقية، لمواجهة ظاهرة الإرهاب والتطرف، تعزيز تعاونهما لصيانة تراثهما وتكثيف التبادلات لصالح تنمية مستدامة ولحفظ الهوية.

وقالت في هذا الصدد ” إننا بحاجة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى تبني مقاربة تتيح تحفيز التفاعل بين المواطن ومحيطه الثقافي وتشجيع زيارة المتاحف والمعارض، وكذا الانخراط في حماية وتثمين تراثه “، داعية إلى ضرورة تكثيف هذا النوع من الأنشطة على الميدان وتعزيز مبادرات التحسيس في المجال.

ولدى استعراضه للدينامية القوية والمتطورة والمؤهلات التراثية (الطبيعية والمعمارية والتاريخية) التي تزخر بها مدينة الرباط، قال رئيس المجلس الجماعي لمدينة الرباط السيد محمد الصديقي إن العاصمة في طريقها لتصبح مدينة ذات معايير دولية من خلال بلورة تخطيط حضري ليبرالي ومبتكر (المسرح الجديد وبرج وصال والمتحف الوطني للآثار وعلوم الأرض…)، وذلك بفضل مساهمة بعض المهندسين المعماريين المعاصرين ذائعي الصيت على الساحة الدولية.

وأضاف أنه إلى جانب هذه المبادرات المختلفة، تم إعداد برنامج ثقافي انصب على تثمين وصيانة التراث الثقافي، مثل أسوار الموحدين والمرينيين أو المواقع التاريخية العريقة في المدينة، على غرار الأوداية وصومعة حسان وشالة، فضلا عن إعادة تأهيل المدينة القديمة، موضحا أن إرث المدينة الذي يعود إلى الفترة من 1912 إلى 1956 يمثل تراثا معماريا كولونياليا متعددا ومهما للغاية، مما يبرز أصالة تصنيفه من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) لأول مرة.

من جانبه، شدد رئيس المجلس الدولي للآثار و المواقع – المغرب السيد عبد العاطى لحلو، على أنه ينبغي النظر إلى التراث في ديناميته وليس كتراث جامد، وذلك من أجل ضمان انتقاله إلى الأجيال القادمة والحرص على استدامته.

كما شدد على الحاجة إلى بذل المزيد من الجهود لإعادة تأهيل التراث المادي واللامادي “والمصالحة مع الماضي”، من أجل تطوير وإعطاء دفعة جديدة لهذا التراث.

أما الخبير في البرنامج الثقافي، التابع لمكتب اليونسكو في الرباط، كريم الهندلي، فقد أثار الانتباه إلى التهديدات التي تحدق بالتراث في العالم، والمرتبطة أساسا بالنزاع وتدميره المتعمد لأسباب إيديولوجية.

وقال إن حفظ التراث يعتبر أمرا أساسيا حاليا ويشكل مسؤولية يتقاسمها الجميع، مشددا على أهمية تعبئة المجتمع الدولي ووضع برنامج للوقاية من التطرف العنيف تابع لمنظومة الأمم المتحدة وتنضم إليه وتؤيده معظم الدول.

وشكلت هذه الندوة، المنظمة من قبل المجلس الدولي للآثار و المواقع ووزارة الثقافة والاتصال ومنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة لإفريقيا والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو،) مناسبة لتوعية مختلف الفاعلين في مجال الحكامة بالقطاع العام بأهمية التراث الثقافي بإفريقيا على المستوى المحلي، إضافة إلى خلق فرصة للتبادل بين مختلف الفاعلين والجهات المعنية في مجال الحكامة وتدبير التراث الثقافي بإفريقيا، وتبادل الأفكار والآراء حول خارطة طريق إفريقية من أجل توفير حماية أفضل للتراث الثقافي في القارة الإفريقية وتحسين تثمينه وتعزيزه.

وناقش المشاركون في المؤتمر ثلاثة محاور رئيسية تهم دور الفاعلين والجهات المعنية في حماية التراث بإفريقيا والمحافظة عليه وتثمينه، والشروط القانونية والمؤسسية والعملية لحماية التراث الثقافي بإفريقيا وتثمينه، وطرق تعزيز قدرات الجماعات المحلية والترابية في هذا المجال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *