مجتمع

العيطة..فن تراثي مغربي قاوم المستعمر

تعتبر العيطة واحدة من أهم الفنون التي يتميز ويتفرد بها المغرب، دون غيره من البلدان منذ قرون طويلة، تم توظيفه خلال مراحل مختلفة، في “مقاومة الظلم وحشد الناس للثورة ضده”.

ورغم “النظرة الدونية” التي رافقته، وتلتصق بشكل كبير بـ”الشيخة”، يدعو الباحث المغربي في الموسيقى الشعبية، نسيم حداد، إلى النظر إليها “نظرة جمالية لا أخلاقية”.

من جانبه يشدد الفنان المغربي الشعبي الشهير بأداء “العيطة”، حجيب فرحان، على دور الاستعمار في إلصاق تلك النظرة الدونية بـ”الشيخات”، اللائي كن ينظمن شعرا يحمس المغاربة لمقاومته، مشددا في السياق براءة هذا الفن من بعض العبارات النابية التي تنسب إليه، لأن مواضيعه كلها كانت تتمحور حول “المقاومة” و”الخيل” و”الزراعة”.

حداد: القياد ساهموا في الحفاظ على العيطة

يربط الكثيرون “النظرة الدونية” للعيطة بمرحلة الاستعمار، إلا أن الباحث المغربي في الموسيقى الشعبية، نسيم حداد الذي كان يتحدث في محاضرة تناولت موضوع العيطة، الثلاثاء في الرباط، يرى أن تلك النظرة رافقت العيطة منذ بداياتها، نتيجة “ازدهار النهج الديني والتحليل والتحريم، ما خلف تلك النظرة الدونية للفن والثقافة عموما” بدء من عصر المرابطين.

ويعتبر العصر العلوي من أفضل العصور في تاريخ هذا التراث، إذ يؤكد حداد أن هذا الفن شهد “ازدهارا” في عهد العلويين، حيث “كانت العيطة تُغنى لدى السلاطين”.

من أبرز ما يميز هذا التراث، حسب الباحث المغربي “توظيفه في الاحتجاج على الظلم وتجييش الناس للثورة ضده”، سواء في مرحلة الحماية، كما هو الحال بالنسبة لمباركة البهيشية، التي أدت قصيدة “الشجعان” لتجييش المواطنين ضد المستعمر، أو قبلها في مرحلة شهدت بروز القياد، كالقايد عيسى بن عمر، الذي ارتبط اسمه بحادة الغياثية أو “خربوشة”، شاعرة قبيلة أولاد زيد.

وفي هذا الإطار، وعلاقة بمرحلة القياد، شدد حداد على أن لهؤلاء فضل كبير في الحفاظ على “العيطة”.

ففترة الاستعمار كانت العيطة تقاوم الاستعمار و كانت بالعيطة “كندوزو بزاف د المساجات و بما انه كانو الخونة . شي مغاربة كانوا كيترجموا لنصارة”

ولكن لماذا ظلت العيطة فنا محليا ولم تصل إلى العالمية؟

هذا هو السؤال الذي حاول الباحث المغربي الجواب عليه، من خلال طرح مجموعة من الإشكالات في علاقة بهذا التراث، من بينها، تركيز العيطة واعتمادها أساسا على المحتوى الشعري “خلافا لما هو رائج في الموسيقى الغربية التي ترتكز على الألحان”.

وشدد المتحدث على ضرورة “التخلص من الأحكام الأخلاقية” و”التفريق بين ما هو أخلاقي -خصوصا ما هو ديني- وما هو فني جمالي”، مشيرا بالخصوص إلى “الشيخة” التي “اختُزل فيها فن العيطة”، والتي “يُنظر إليها نظرة أخلاقية، لا جمالية” على حد تعبيره.

حجيب: لا توجد قصائد غرامية في العيطة

من جانبه، أرجع الفنان المغربي الشعبي الذي اشتهر بأداء “العيطة”، حجيب فرحان، تلك النظرة الدونية لـ”الشيخة” إلى المستعمر، حيث قال إن الشيخات كن ينظمن الشعر الذي يحمس الناس لمقاومة الاستعمار، ما دفع هذا الأخير إلى العمل على “تلطيخ سمعتهن حتى لا تبقى كلمتهن مسموعة بين الناس”.

“المستعمر هو الذي جعل الشيخة ترقص”، يقول فرحان الذي أشار إلى أن “أغلب الشيخات كن معتقلات في فترة الاستعمار لأنهن رفضن الغناء للحكام الفرنسيين”.

وشدد فرحان، على المكانة المميزة التي كانت تحظى بها “الشيخة” قبل الاستعمار، بقوله إنها كانت “تدخل الديور الكبار”، لافتا بدوره إلى الدور الكبير الذي لعبته هؤلاء في مقاومة الظلم والاستعمار، إذ أكد أن “خربوشة والبهيشية والتايكة كن شاعرات ناظمات ومناضلات”.

تلقب مغنية فن العيطة بـ”الشيخة”، وللشيخات في تاريخ المغرب دور في المقاومة ضد الاستعمار.
هذا ونفى الفنان المغربي بشدة، صحة ما يقال عن تضمن أغاني العيطة عبارات “ساقطة”، مؤكدا أن شعر العيطة لم يتضمن أبدا عبارات من هذا القبيل، وأن هذا الفن يتناول “المقاومة والظلم والخيل والخير والفلاحة، حتى إنه لا يوجد في هذا الفن قصائد غرامية” حسب فرحان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *