مجتمع

في المغرب..هل الإعفاء كاف كعقاب للمقصّرين؟

أعفى الملك محمد السادس، الأربعاء، وزير الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد من مهامه، وهو القرار الذي جاء “في إطار تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة” كما جاء في بيان للديوان الملكي.

القرار الذي يعتبر الأول من نوعه منذ ما عُرف بـ”الزلزال السياسي” الذي أطاح بعدد من الوزراء وكبار المسؤولين في أكتوبر الماضي، خلف ردود فعل واسعة في المغرب، وتساؤلات بشأن مصير المسؤولين والوزراء بعد إقالتهم، وما إذا كان الإعفاء عقابا كافيا، أم إن التقصير يستوجب المحاسبة.

“خطوة دستورية أولى”

الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، عبد الرحيم منار اسليمي، يبرز جانبين لما يقصد بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، “التي لا تعني التوجه إلى القضاء بالضرورة”.

فعلى المستوى الدستوري، يقول اسليمي إن المبدأ يعني أن “شخصا ما تحمل المسؤولية وتبين أنه غير قادر على ممارستها”، وهنا “تكون العقوبة المقابلة هي الإعفاء”.

أما “الجانب الآخر” من هذا الموضوع، وفق ما يوضحه اسليمي، فيتجلى في حال “تبين من خلال ما يقوم به المجلس الأعلى للحسابات أو غيره وجود اختلالات” إذ يمكن في هذه الحالة “أن يكون هناك دور لمؤسسات أخرى”.

تبعا لذلك، فإن الإعفاء لا يعني بالضرورة عدم إمكانية المتابعة القضائية، والعكس صحيح، وهنا يلفت اسليمي إلى أن تداعيات ما بعد الإعفاء “هي دور مؤسسات أخرى وتكون مبنية على حجج”.

ووفقا للمتحدث فإن “الخطوة الدستورية الأولى هي الإعفاء من المهام”، في حين ترتبط باقي المقتضيات التي قد تلي ذلك القرار “بأجهزة أخرى”.

“وسيلة لامتصاص الغضب”

الناشطة الحقوقية، والرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، خديجة الرياضي من جانبها تتساءل عما بعد الإعفاء، وتقول: “إذا كان الناس يعفون من مهامهم كي يمنحوا تعويضات بشكل آخر فهذا ليس بإعفاء”.

وتتابع المتحدثة، مبرزة أن الإعفاء وحده في حال ثبوت اختلالات “غير كاف”، مشددة على ضرورة “المحاسبة وكشف ما جرى”، حتى إذا كانت هناك أمور تستدعي المحاكمة “فيجب أن يتم ذلك في إطار الشفافية والقانون، والحق في المحاكمة العادلة للجميع”.

وتعود الرياضي إلى الإعفاءات التي شملت عددا من المسؤولين في أكتوبر الماضي، ضمن ما عرف بـ”الزلزال السياسي”، الذي تقول إنه “لم يكن زلزالا حقا، وإنما هي قرارات لامتصاص الغضب حين يشتد الاحتقان”.

وتختم الناشطة الحقوقية، حديثها بالقول: “في جميع الأحوال أنا لا أنتظرها (تقصد المحاسبة)، لأن القوانين الجاري بها العمل في المغرب اليوم لا تسمح بذلك، ولأن الإفلات من العقاب أضحى منهجا وجزءا من نظام الحكم في المغرب” على حد تعبيرها.

“تبعا لأسباب الإعفاء”

أما الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، عبد الرحيم العلام، فيرى أن “المفترض أن يكون الإعفاء خطوة لتجريد مسؤول معين من السلطة والحصانة”، لتتاح بعد ذلك إمكانية “تحريك المسطرة القضائية” في حقه.

غير أن العلام يحرص بدوره على تحديد نوعين من أسباب الإعفاء، وبالتالي شكلين من أشكال العقاب الذي قد ينتج عنها.

فمن جهة، هناك أسباب مرتبطة بعدم كفاءة المسؤول المعني بالقرار، ومن جهة ثانية هناك أسباب ترتبط بمسؤولية تقصيرية، قد تكون من بينها اختلاسات مثلا.

من ثمة، يرى المتحدث أنه إذا تعلق الأمر بـ”أخطاء جسيمة أو اختلاسات أو تعمد الإساءة فإن الإعفاء في هذه الحالة يكون غير كاف”، بل إنه خطوة أولى “يجب أن تليها خطوة المحاكمة”، أما في حال تعلق الأمر بـ”عدم الكفاءة”، فإن “الإعفاء في حد ذاته كاف” بحسب الأستاذ الجامعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *