مجتمع

“خمارات” متنقلة بالفضاء العام تغزو أكادير .. لكل مسوغاته

واصلت الشركات المغربية رفع حجم إنتاجها وواردتها من المشروبات الروحية بشكل لافت خلال السنوات الأربع الأخيرة، نتيجة تزايد الطلب من طرف المستهلكين المغاربة.

وانتقل حجم ما استورده المغرب من مشروبات الجعة والنبيذ والمشروبات الكحولية القوية من 10 آلاف طن سنة 2016، إلى 20 ألف طن سنة 2017، وفق بيانات إحصائية صادرة عن مصالح وزارة المالية.

غير أن ذلك، لم ينعكس ايجابا على المطاعم والحانات، وبشكل خاص بمدينة أكادير، التي تتزايد فيها ظاهرة هجرة المحلات التي تقدم المشروبات الكحولية، في اتجاه فضاءات عمومية في ضواحي المدينة.

وهكذا تجد فضاءات الهواء الطلق، من قبيل، الغزوة، طريق تدارت، نواحي أنزا، مساء كل يوم، مرتعا للمئات من ساكنة أكادير، بحثا عن مكان تحت ظلال أشجار الأركان، لاحتساء بضع قنينات خمر، وتتراص سياراتهم في وضعية تأهب قصوى، درء لكل تدخل أمني مباغت.

ورغم أن المشرع الجنائي، يعاقب بالحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد وستة أشهر، وبغرامة يتراوح قدرها بين 150 و500 درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، كل شخص وجد في حالة سكر في الأزقة أو الطرق أو المقاهي أو الكباريهات أو في أماكن أخرى عمومية، إلا أن الظاهرة التي تحولت إلى “الأمر الواقع” وجدت عند أبطالها مسوغات مختلفة.

زبناء “أرض مولانا”

هم زبناء من نوع خاص، أغلبهم من الفئات المتعلمة، ومن الطبقة الوسطى، يسوغون لجوءهم لهذا الفضاء، بالبحث عن “السرية”، التي لاتوفرها الحانات، والتي يمكن أن تصادف فيها أناس غير مستعد للتواصل معهم، من زبناء أو زملاء العمل وأفراد العائلة، لما للمجتمع من تحفظ على شارب الخمر، فيما اعتبره محام، أن للجدران آذان لذلك يستحسن التداول في بعض أموره المهنية، خارج الحانات.

حسن، أحد المداومين على “الاستمتاع” بغروب شمس كل يوم، في هذا الفضاء، يقول ل”مشاهد”، وهو يداعب قنينة جعة، من النوع الرفيع، “كل هذه المسوغات تدخل في إطار النفاق الاجتماعي وأنها لا أساس لها من الصحة، وأن ضعف القدرة الشرائية للمستهلك، وغلاء المشروبات الكحولية في الحانات والملاهي، هو الدافع الأكبر للهجرة إلى “أرض مولانا”.

القدرة الشرائية

عبد الكريم زاهير، رئيس جمعية أرباب المطاعم ذات الصبغة السياحية، عزى الإقبال على هذه الفضاءات العمومية، لضعف القدرة الشرائية، مبرزا أن المستهلك، يفضل اقتناء قارورة الجعة بعشرة دراهم واحتسائها في الخلاء، على الذهاب إلى الحانات، التي تشتري بدورها الجعة الواحدة بنفس الثمن، وتكون مُطالبة بأداء العديد من الضرائب لفائدة جبايات البلدية وإدارة الضرائب، علاوة على أداء أجور المستخدمين والانخراط في أنظمة الحماية الاجتماعية، وأداء الواجبات الكرائية للمطعم أو الحانة، وواجبات الماء والكهرباء وغيرها من الالتزامات التي لاتوفر هامش الربح لصاحب المطعم، كما أن المستهلك غير قادر على مسايرة المبلغ الضئيل التي تمت برمجته على أنه هامش للربح.

وكشف، المتحدث ل”مشاهد” أن أغلب زبناء الحانات، هم من الفئات الوسطى، والتي تعيش وضعا ماديا مُقلقا، يدفعها للبحث عن حلول توافق وضعيتهم المادية والاجتماعية.

الأمر الواقع

بين الفينة والأخرى، تقوم السلطات الأمنية، سواء مصالح الأمن الوطني أو دوريات الدرك الملكي، بدوريات أمنية مفاجئة، غير أنها لم تجسد بعد نجاعتها، خصوصا وأن بعض هذه الأماكن يحتضن، في بعض الأحيان، إلى 200 سيارة.
وأضحى هذا الوضع بمثابة “الأمر الواقع”، الذي يغذيه، انتشار بعض المهن غير المهيكلة، مثل بيع السجائر بالتقسيط أو جمع القنينات الفارغة، التي يصل ثمنها لدرهم واحد للقنينة، وبيع بعض الفواكه الجافة والمكسرات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *