متابعات

اهتمام متزايد..ماذا تريد الصين من البلدان المغاربية؟

شارك عدد من المسؤولين المغاربيين في القمة الصينية الأفريقية التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الصينية بيكين، والتي أعلنت خلالها الصين عن حزمة جديدة من الاستثمارات الموجهة إلى أفريقيا.

واستقبل الرئيس الصيني شي جين بينغ، على هامش أشغال هذه القمة عددا من المسؤولين المغاربيين، على رأسهم الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، ورئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، كما أجرى مباحثات مع رئيس الوزراء الجزائري، أحمد أويحيى، ورئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد.

الاهتمام الصيني المتزايد بالمنطقة المغاربية، ليس وليد اللحظة وإنما برز منذ بداية الألفية الحالية، خصوصا عبر بوابة الاستمارات، و”إغراق” أسواق دول المنطقة بالسلع الصينية.

‘إغراق’ السوق المغاربية

وبإلقاء نظرة على التقارير الدولية حول الوجود الاقتصادي للصين في المنطقة المغاربية، يبرز بشكل كبير أن الصين هي المستفيد الأكبر من علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع الدول المغاربية، كما أن العجز التجاري يميل لصالحها.

وتشير تقارير حول مناخ الاستثمار في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، إلى الاستفادة الصينية من مناخ الأعمال في المنطقة، من خلال الاستثمارات التي قامت الصين، وكذا قيمة السلع التي تصدرها.

ففي الجزائر، تعد الصين أكثر الدول المستثمرة في الجزائر ما بين يناير 2013 وديسمبر 2017، متقدمة على سنغافورة وإسبانيا، كما أنها تعتبر أكبر الدول التي تصدر السلع للجزائر خلال 2017، بما نسبته 14.6 في المائة من مجموع الواردات للجزائر، متقدمة على فرنسا وروسيا.

أما في المغرب، فإن “التنين الصيني”، يأتي في المركز الثاني بعد فرنسا، ضمن لائحة الدول المستثمرة في المغرب ما بين 2013 و2017، كما أن الصين تأتي في المرتبة الثالثة بعد كل إسبانيا وفرنسا فيما يتعلق بالدول التي تصدر السلع للمغرب خلال 2017.

وبالنسبة لتونس، فتأتي الصين في المرتبة الرابعة، خلف كل من فرنسا وإيطاليا وألمانيا، بما نسبته 6.9 في المائة من السلع المستوردة في تونس.

وتعد موريتانيا، من أبرز الوجهات المفضلة للاستثمارات الصينية في المنطقة، ذلك أنها تعد أكثر دولة تستورد السلع من موريتانيا، بما نسبته 36.3 في المائة من مجموع الصادرات الموريتانية، كما أنها أول المصدرين لموريتانيا سنة 2017، بما مجموعه 33 في المائة من مجموع الواردات الموريتانية.

مزاحمة النفوذ الفرنسي

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية المغربي، محمد الزهراوي، أن الاهتمام الصيني المتزايد بالمنطقة يعود لسبيين أساسيين، الأول مرتبط برغبة الصين في مزاحمة القوى الدولية في المنطقة، لأنها تعد منطقة حيوية مطلة على أوروبا.

أما السبب الثاني حسب الزهراوي، فهو اقتصادي، باعتبارها للمنطقة المغاربية كبوابة للقارة الأفريقية.

ويقول الزهراوي، إن “التواجد الصيني في أفريقيا قوي، وهذا التواجد يشمل عدة مجالات تجارية واقتصادية، ولكن إذا تمت مقارنته مع التواجد في المنطقة، فإننا نجده ضعيفا، لهذا تحاول الصين أن توطد علاقاتها مع الدول المغاربية ومزاحمة النفوذ الفرنسي”.

ويورد المتحدث ذاته أن “الصين تحاول التمدد في أفريقيا من خلال المنطقة المغاربية”، مضيفا أن “هذا التمدد تم الاشتغال عليه منذ سنوات وليس وليد اللحظة”.

ويشير أستاذ العلوم السياسية إلى أن “المنطقة المغاربية تعتبر منطقة واعدة على المستوى الاقتصادي، فنحن نتحدث عن سوق تصل إلى 90 مليون نسبة”.

وبخصوص المنافسة الفرنسية الصينية في أفريقيا، يؤكد الزهراوي أن “النفوذ الفرنسي في أفريقيا يتراجع، في حين أن التواجد الصيني يهدد المصالح الفرنسية في المنطقة، في وقت كانت تعتبر فيه باريس المنطقة المغاربية قاعدة خلفية لها”.

استثمارات في صالح الصين

من جانبه يعتقد المحلل الاقتصادي الجزائري، عبد الوهاب بوكروح، أن “الحضور الصيني في المنطقة المغاربية بات جليا خصوصا في الجزائر والمغرب، فيما يتعلق بالمبادلات التجارية والقطاعات التي يشملها التعاون الاقتصادي والتقني بين الحكومة الصينية والمغاربية”.

ويردف بوكروح: “التواجد الصيني أصبح أكبر بكثير من التعاون مع الشركاء التقليديين في جنوب أوروبا كفرنسا واسبانيا وإيطاليا”.

ويذكر المحلل الاقتصادي أن المعاملات التجارية الصينية المغاربية تصب في صالح الطرف الصيني، مستشهدا على ذلك بـ”صادرات الجزائر للصين، والتي تتراوح بين 800 مليون ومليار دولار، أبرزها من الهيدروكربورات، أما الواردات فتتمثل في الخدمات والمنتجات المصنعة والألبسة والمنتجات الغذائية، حيث أصبحت الجزائر تستورد جل منتجاتها من الصين”.

ويشير المتحدث ذاته إلى التواجد الصيني على مستوى المقاولات في الجزائر، ويفيد بأن “هذه المقاولات تتواجد في الجزائر منذ 2000، وهناك شركات صينية عملاقة تشتغل في مجال الإنشاءات، وشيدت أكثر من 600 ألف وحدة سكنية، بالإضافة إلى إنجازها لأكثر من 600 كيلومترا من الطرق في الجزائر، وكذا حضورها على مستوى الطاقة والبترول وغيرها من المجالات”.

ويعتبر بوكروح، أن “الصين تعمل على أن تجعل من المنطقة المغاربية منصة للانطلاق نحو الأسواق الأوروبية، بالنظر لعدد من العوامل، كالقرب الجغرافي، ووجود اليد العاملة المدربة التي تكونت في الجامعات وتعاني من البطالة، كما أن كلفة الطاقة في المنطقة منخفضة بالمقارنة مع المناطق الأخرى، سواء بالنسبة للطاقات المتجددة أو الأحفورية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *