متابعات

هل تنقذ “الخوصصة” الاقتصاد المغربي من أزمته؟

حوالي 5 مليارات درهم (ما يعادل أكثر من 500 مليون دولار أميركي)، هو المبلغ الذي تسعى الحكومة المغربية إلى جمعه من خلال خوصصة عدد من الشركات العمومية، خلال السنة المقبلة.

بالنسبة لخبراء اقتصاديين​، فإن تعويل الحكومة المغربية على إيرادات الخوصصة يدل على “الأزمة” التي يعانيها الاقتصاد المغربي.

في المقابل، وفي الوقت الذي لا يرى البعض أن الخوصصة قد تخرج الاقتصاد من أزمته، فإن هناك من يرى أن تلك العملية من شأنها أن تكون “خيارا صحيحا” ولكن بشروط.

دليل أزمة اقتصادية

بالنسبة للخبير الاقتصادي عمر الكتاني، فإن لجوء الحكومة إلى الخوصصة دليل على مرور الاقتصاد الوطني من “أزمة”، إذ يقول “نحن نعيش أزمة، وهناك حجتان على ذلك أولهما اللجوء إلى المزيد من القروض وثانيهما اللجوء إلى الخوصصة”.

ووفقا للمتحدث نفسه فإن هذه “الأزمة” جعلت المغرب “يعود إلى الممارسات السابقة المتمثلة في بيع الرأسمال”، محذرا مما ينطوي عليه هذا الأمر من مخاطر، من قبيل “إضعاف الطاقة التفاوضية للدولة أمام الدول الأجنبية”.

ويتابع الكتاني أن تلك الأزمة ناتجة عن كون “الدولة تعيش فوق طاقتها”، مشيرا إلى عدد من الأمثلة في هذا السياق من قبيل “امتيازات وأجور الموظفين السامين” التي تفوق، وفقه، حتى طاقتهم الإنتاجية.

من ثمة، وبدل اللجوء إلى الخوصصة والقروض “طويلة المدى”، يرى المتحدث ضرورة “التقشف” في النفقات التي تثقل ميزانية الدولة والتي لا تتوافق، وفقه، مع واقعها الاقتصادي.

فقدان مؤسسات مهمة

بدوره، لا يرى الخبير الاقتصادي، عز الدين أقصبي بأن عملية الخوصصة قد تنقذ المالية العمومية التي يصف وضعيتها بـ”المتدهورة جدا”، إذ يؤكد أن “مشكل العجز في الميزانية مستمر، بل وسيتفاقم”.

من جهة أخرى، وبالعودة إلى عمليات خوصصة سابقة، يبرز المتحدث أن هذه العملية “تُفقد الدولة مؤسسات منتجة ومهمة بالنسبة للاقتصاد الوطني وللاستراتيجية الاقتصادية”.

ويتابع مشيرا في هذا السياق إلى “المامونية” باعتبارها من المؤسسات التي “يتجهون لخوصصتها هذه السنة”، وهي مؤسسة في نظره “مربحة ومهمة كما أن لها رمزية بالنسبة للمغرب وللسياحة المغربية”، ما يجعل عملية خوصصتها “خاسرة مهما كان ما سيحصلون عليه، لأن ذلك لن يترجم قيمتها الحقيقية سواء الاقتصادية أو الرمزية”.

انطلاقا من كل هذا، فإن “الخوصصة التي تعول عليها الدولة هي عملية ترقيعية فقط” يقول أقصبي قبل أن يستطرد “اليوم هناك ضرورة لنهج سياسات أخرى لتحسين مداخيل الدولة وترشيد المصاريف”.

خيار صحيح بشروط

“مبدأ الخوصصة هو مبدأ صحي من الناحية التقنية البحتة” يقول الخبير الاقتصادي المهدي فقير، مضيفا أنه “كخيار اقتصادي ليبرالي هو خيار صحيح”.

ويتابع موضحا “المشكل أنه إذا تمت خوصصة مؤسسات رابحة تدر الكثير على خزينة الدولة، فهنا يطرح السؤال: من أين للدولة فيما بعد أن تدبر مواردها المالية في غياب تلك المؤسسات؟”.

من ثمة، يرى المتحدث أن “خيار الخوصصة يبقى خيارا استراتيجيا من الناحية الاقتصادية ولكن شرط تمتيعه بالضمانات التي تُمكِّن الدولة من الاستفادة منها فيما بعد”.

في السياق نفسه، ولتحقيق تلك الغاية يلفت الخبير المغربي إلى أهمية إعادة الهيكلة، مشددا على ضرورة أن “تسبق إعادة الهيكلة عملية الخوصصة، أما إذا كانت الخوصصة فقط من أجل سد عجز الميزانية، ففي هذه الحالة لن يكون هذا القرار صائبا وسليما”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *