جهويات

الداخلة..ندوة وطنية تناقش النموذج التنموي الجديد

تم، أمس الأحد 19 يناير الجاري بالداخلة، تسليط الضوء على النموذج التنموي الجديد، خلال ندوة وطنية نظمتها جمعية الجهوية المتقدمة والحكم الذاتي بجهة الداخلة – وادي الذهب في موضوع “الأقاليم الجنوبية من مسيرة التحرير إلى مسيرة التنمية”. ويأتي انعقاد هذه الندوة، المنظمة بشراكة مع المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني وبدعم من ولاية جهة الداخلة – وادي الذهب والمجلس الجهوي، في سياق النقاش الدائر حول النموذج التنموي الجديد وآفاق جعل المنطقة قطبا تنمويا بين إفريقيا وأوروبا.

وفي مداخلة بهذه المناسبة، قال رئيس شعبة القانون العام والعلوم السياسية بكلية الحقوق بمراكش، محمد الغالي، إن هندسة النموذج التنموي ترتكز على مجموعة من المفاهيم ذات الحمولة التنموية الإجرائية، من قبيل العدالة والإنصاف المجاليين والتنمية والمسؤولية والانخراط والالتزام والمردودية والكفاءة والمهنية، معتبرا أنها “مفاهيم بمثابة ركائز للنموذج التنموي الجديد كقاعدة صلبة لانبثاق عقد اجتماعي جديد بين الدولة والمواطنين”.

وأضاف أن الإطار المنطقي للنموذج التنموي الجديد يقوم على ثلاث مهام أساسية تكمن في التقويم والاستباق والاستشراف، والتي ينبغي توجيهها من أجل تحقيق التنمية والإنصاف والوقع الايجابي والإقلاع الشامل، مضيفا أنه من الناحية السلوكية يتعين التركيز على قيم المسؤولية والانخراط الشامل والالتزام الذاتي والمبادرة الذاتية.

وأشار الغالي إلى أن النموذج التنموي ليس بوصفة طبية، بل هو إعادة قراءة لمختلف التجارب من حيث نقاط القوة ونقاط الضعف، ومن حيث إعادة استغلال الفرص التي لم يتم استغلالها على نحو يمكن من حسن استثمار التراكمات الإيجابية.

من جانبه، أبرز الخبير في قضايا الهجرة والإعلام، سعيد الخمسي، أن النموذج التنموي الجديد هو الخيط الناظم بين نحو ثماني مشاريع كبرى مهيكلة انخرطت فيها الدولة منذ عشرين سنة، معتبرا أن الأمر يتعلق اليوم بتجربة جديدة في تاريخ المغرب تعكس حاجة المجتمع إلى تصور جديد.

وأضاف أن هذا النموذج يقوم على سبع محددات كبرى، تتمثل في تعليم يرتكز على إنتاج القيم والمهارات، وإدارة عمومية ميزتها الخدمة، ومرور نحو اقتصاد الفرصة أو المعرفة، وتفعيل لمركزية الأسرة، وتحول إلى تشريع يراعي خصوصية العالم القروي، وهيكلة لفعل التضامن، واهتمام بالخصوصيات المحلية لبلوغ التنمية المستدامة.

وبالنسبة لمحمد لوليد، أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق-جامعة القاضي عياض بمراكش، فإن هذه المحددات السبع للنموذج التنموي الجديد تتمحور حول تطوير وتعزيز الرأسمال البشري، وبناء عقد اجتماعي جديد يرتكز على الثقة والحد من الفوارق، وتحقيق نمو مطرد من خلال استغلال جميع إمكانات البلاد في عالم متغير باستمرار. كما تشمل هذه المحددات، يضيف لوليد، إكمال ورش الجهوية المتقدمة وضمان تنفيذها بشكل سريع، وتحسين رفاهية وإطار عيش كريم للمواطنين من خلال تثمين مسؤول ومستدام وشامل للرأسمال الطبيعي، وتعزيز أساس القيم الوطنية وجعل الثقافة والرياضة رافعة للتنمية، وضمان تموقع أفضل للمغرب على الصعيدين الإقليمي والدولي.

ومن جهته، طرح عميد كلية الحقوق-جامعة القاضي عياض بمراكش، الحسين اعبوشي، العديد من التساؤلات بخصوص ماهية النموذج التنموي وإمكانية التفكير في نموذج شامل لكل القضايا الاقتصادية، وكذا الخيارات الكبرى (التربية والتكوين، الخدمات العمومية، التحويل الهيكلي للاقتصاد، العالم القروي…) التي ينبغي بدء العمل فيها.

كما تساءل اعبوشي عن كيفية بناء نموذج تنموي يجيب عن مجموعة من الإشكاليات الكبرى ويحقق نموا قويا ودامجا ومستداما، ويحقق تكافؤ الفرص وينهض بالفرد ويعزز من قدراته، وذلك في إطار مجتمع مزدهر ومتضامن يحتل فيه المواطن مكانة مركزية.

أما رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، عبد الرحيم المنار اسليمي، فقد أشار إلى أن النموذج التنموي، من خلال كل التجارب العالمية، هو مرجعية للعمل على المدى المتوسط أو الطويل يتم تقديمها للمكلفين بإعداد السياسات العمومية.

واعتبر أن النموذج التنموي المغربي وصل، خلال العشرين سنة الماضية، إلى نهايته بالنظر إلى تغير عدد من المحددات كالبنية الديمغرافية وطبيعة الاقتصاد والمجتمع وغيرها، مضيفا أن النقاشات المطروحة حاليا ينبغي أن تتركز حول وظيفة الدولة وطبيعة الاقتصاد ونسب معدلات النمو المراد تحقيقها، والتكامل بين المجالات الجغرافية.

وعرفت هذه الندوة، التي احتضنها مقر الغرفة الفلاحية بجهة الداخلة – وادي الذهب، مشاركة أكاديميين وباحثين ومهتمين وفاعلين من المجتمع المدني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *