متابعات

المحاكمة عن بعد .. تدبير احترازي يصاحب الجدل شرعيته القانونية

انطلقت بعدد من محاكم المملكة، مبادرة المحاكمة عن بعد في إطار التدابير الاحترازية المتخذة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد كوفيد 19

وتتكون المحاكمة عن بعد، من أجهزة تكنولوجية لعقد الاجتماعات عبر تقنية الفيديو بين الموقوفين في المؤسسات السجنية من جهة، والقضاة وممثلي النيابة العامة والمحامين من جهة أخرى.
وأثارت هذه الصيغة جدلا واسعا في صفوف المتقاضين من جهة، وأسرة العدالة من جهة أخرى.

ورصدت “مشاهد” آراء مختلفة حول الأساس القانوني للمحاكمة وإكراهات تنزيلها ومدى ملاءمتها مع الترسانة التشريعية المغربية في مجال المحاكمة العادلة.

ميروش : محاكمة تفتقد إلى الشرعية الإجرائية

الأستاذ الحسان ميروش، المحامي بهيئة أكادير وكلميم والعيون، أكد أن “المحاكمة عن بعد تفتقد إلى الشرعية الإجرائية وتخل بمبدأ علانية الجلسات وبمبدأ معروف في التقاضي خصوصا في القضايا الجنائية، والذي يقتضى ان يقدم المتهم أمام القاضي غير مكبل وغير مقيد باي نوع من أنواع القيد المادي أو المعنوي، وتواجد المتهم بين يدي حارس السجن يجعله غير مؤهل للتعبير عن إرادته بشكل سليم ولا يمكن ان يختار موافقته على محاكمته عن بعد وهو بين يدي سجانه، كما أن موافقته من عدمها لا يمكن ان تحل محل القانون”.

وأوضح المحامي والحقوقي ميروش، في تصريح خص به جريدة “مشاهد”، أنه “في رحاب القضاء ومنبع العدالة لا يمكن استبدال القانون باي شيى اخر مهما كانت الأسباب”.

وأضاف المتحدث “لا شك أيضًا أن هذا النوع من المحاكمة يمس في الصميم بحقوق الدفاع ومؤازرة الدفاع على اعتبار أن المتهم لابد ان يستشعر تواجد دفاعه الى جانبه، كما أن القاضي الجنائي يكون قناعته من اقتناعه الصميم الوجداني وهو ماًلنً يتأتى من خلال المحاكمة عن بعد”.

وختم تصريحه بالقول “إن هذا النوع من المحاكمة يفتقد الى الشرعية الإجرائية للتسليم ببطلانه بطلانًا مطلقًا والباطل لا ينتج عنه سوى إرجاع الحال الى ما كانت عليه”.

أبو الحقوق : المحاكمة عن بعد غير شرعية ولا أساس لها من الناحية القانونية 

وتساءل المحامي يوسف أبو الحقوق، عن إمكانية الحكم ببطلان إجراءات المحاكمة عن بعد في حالة الطعن فيها من طرف أحد الأطراف، ومن سيبت في هذا البطلان والسلطة القضائية هي من أشرفت على إقرار هذه المحاكمة و دشنتها ، خاصة أن قانون المسطرة الجنائية لم يتطرق لمثل هذه الأنواع من المحاكمات كإجراء شكلي مسطري لا يمكن تطبيقه إلا بنص قانوني صادر عن المشرّع، وباعتبار الحضورية وأهدافها في قانون م. ج لا تتحقق في المحاكمة عن بعد لأن هذا القانون ينص على أنه يحضر المتهم شخصيا”.

ويعتقد، المحامي بهيئة أكادير والعيون وكلميم، يوسف ابو الحقوق، في تواصل مع “مشاهد”، أن المحاكمة عن بعد لا أساس لها من الناحية القانونية وغير شرعية وأن مرسوم قانون إعلان حالة الطوارئ لا يخول بإجراء مثل هذه المحاكمات وأنه كان حريا بالحكومة أن تسرع بتقديم مشروع قانون مكمل و معدل لقانون المسطرة الجنائية يتضمن مقتضيات خاصة تعالج كل ما بتعلق بإجراءات هذه المحاكمة و يقدم للبرلمان لإقراره احتراما للشرعية الجنائية وفي إطار الإجراءات الاحترازية المتخذة لمحاربة جائحة الكورونا حماية لصحة المتهمين المعتقلين و لكل أفراد أسرة العدالة واحتراما لمبدأ فصل السلط الذي لا يمكن المساس به تحث اي مبرر”.

مصدر قضائي : تدبير وقائي أملته حالة الطوارئ الصحية

مصدر قضائي بمحكمة الاستئناف بأكادير، قال إن اعتماد المحاكمات عن بعد على مستوى هذه الدائرة القضائية يأتي في إطار التدابير الاحترازية والوقائية المتخذة من طرف المملكة للحد من انتشار وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، وكذا تفعيلا لقرار المجلس الاعلى للسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة، ووزارة العدل، وباقي المتدخلين للعمل وذلك دون نقل نزلاء المؤسسات السجنية إلى المحاكم.

وأضاف مصدر قضائي أخر، أن اللجوء إلى جلسات المحاكمة عن بعد أملته متطلبات حالة الطوارئ الصحية ويندرج ضمن جهود أسرة العدالة في تطبيق الإجراءات الوقائية الرامية إلى الحد من الوباء، مشيدا بجهود المسؤولين عن المؤسسات السجنية والقضاة والمحامين وأطر العدالة والتقنيين وكافة المتدخلين الذين ساهموا في إنجاح المبادرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *