آخر ساعة | آراء

عمر حلي يكتب: التواصل “الخواف”

قالت العرب “الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده”. تلكم حال التواصل الذي بات يجثم على نفوس أصحابه إلى حد تجاوز الإزعاج والانزعاج وشارف على الاستقرار في مناطق الهوس وصدور الذوات.

فبفضل التواصل اعتقد الناس أنهم أصبحوا يعرفون ما في العالم وما يدور في الأفلاك. فما حدث يكاد يكون لفة حول الأشخاص تشبه تلك الدائرة التي يديرها البهلوان حول خصره. لا تبتعد عنه إلا بقدر ما تدور حوله. وكلما خفت حركته سقطت أمامه. ذلكم دأب من يعتقد بأن العوالم الافتراضية قد تعوض الواقع.

كذلك خطب من يعلن في الناس، مثلا، أنه سوف يختفي عن صفحته، ولمّا يدرِك أن لا أحد يكثرت به وبحضوره يعود متسللا مطأطأ الرأس دون أن “يحزِّره” أحد. والشأن نفسه لمن يزبد ويرغد لأن حسابه أو حساب أحد أقربائه الزرق تم اختراقه وغدت بعض الرسائل المشينة تنبعث منه دون وجل ولا خجل. يا للهول. لا ينامون بالراحة ويستقظون وهم مذعورون بفعل هذا التواصل المخيف الذي يحول صاحبه من باثٍ وملتقٍ إلى صاحب حساب “خوّاف”؛ لا يستريح إلا بعدما يتوصل بالخبر اليقين الذي يعلمُه أن حسابه قد استعيد. لهؤلاء أدعو بالطمأنينة وبرباطة الجأش. أنجانا الله وإياكم من الخوف ومن الخوّافين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *