متابعات

سيناريوهات ما بعد بنكيران

رغم رفض بنكيران الحديث عن الاسم الذي قد يتم اقتراحه على الملك لتعيينه رئيساً للحكومة ممثّلاً لحزب العدالة والتنمية الفائز في الانتخابات التشريعية الأخيرة، فإن الأنظار تتجه إلى وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، الذي يعد أبرز الأسماء المرشحة لخلافته في هذا المنصب.

ويحظى وزير العدل والحريات، بحسب مصادر من داخل حزب العدالة والتنمية، بالاحترام والتقدير لدى قيادات الحزب، على رأسها عبد الإله بنكيران، الذي جعل منه واحداً من العارفين بأسراره بعد وفاة عبد الله باها الذي كان يُوصف بأنه صندوقه الأسود.

وتشير المصادر نفسها لـ”هافينغتون بوست عربي”، إلى أن مصطفى الرميد سيحظى بالإجماع من قِبل أعضاء الحزب، خاصة أنه يحظى أيضاً بالقبول لدى صناع القرار بالمملكة؛ إذ سبق ترشيحه من طرف الملك، فضلاً عن كون بنكيران خلال أحد اللقاءات، تحدث بإيجاب عنه، حيث قال: “إذا عينني جلالة الملك رئيساً للحكومة، فسأطلب منه أن يكون الرميد وزيراً للعدل مرة ثانية”.

وأوضحت المصادر أن علاقة وزير العدل والحريات، المحامي الشهير في العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، والذي سبق له الخروج في احتجاجات “حركة 20 فبراير” خلال الربيع العربي مطالِباً بملكية برلمانية،  وطيدة بالقصر الملكي؛ إذ جرى منحه الفرصة لذبح كبش عقيقة مولود مولاي رشيد شقيق.

كما يروَّج لبعض الأسماء الأخرى داخل حزب العدالة والتنمية، من بينها وزير الخارجية السابق سعد الدين العثماني، غير أن إعفاءه من مهمة وزير في الحكومة السابقة قد يعرقل وصوله لمنصب رئاسة الحكومة، كما يتم تداول اسم وزير التجهيز والنقل السابق، عزيز رباح.
سيناريوهات ما بعد بنكيران:

اعتبر الدكتور رشيد لزرق المتخصص في القانون الدستوري، أن هناك جملة من الصعوبات سترافق اختيار شخصية جديدة من حزب العدالة والتنمية لتكليفها مهمة تشكيل الحكومة بعد فشل عبد الإله بنكيران، مشيراً في هذا الصدد إلى أن “اختيار عزيز رباح لهذه المهمة، سيكون له تداعيات على الجبهة الداخلية للحزب، كما أن مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، سبق له أن أكد أنه لن يتولى هذا المنصب”.

وأوضح لزرق في تصريح لـ”هافينغتون بوست عربي”، أنه من بين الاختيارات التي لدى الملك بموجب الدستور، في حال فشل الرئيس المكلف من “العدالة والتنمية” تشكيل حكومته، أنه “يتم اختيار شخصية لرئاسة الحكومة من الحزب الثاني لتشكيل الأغلبية”، مبرراً ذلك بأنه “رغم كون ذلك غير منصوص عليه في الدستور، فإن صمت بنود الدستور عنه، يمكن أن يفسَّر في القانون بكونه إباحة للشيء، فضلاً عن أن العرف الدولي والتجارب التي تتبع نمط الاقتراع نفسه تلجأ إلى هذه الخطوة”.

وتابع الباحث الجامعي أن الملك يمكن أن يلجأ أيضاً إلى “التحكيم الملكي”، وذلك عبر دفع بعض الأحزاب التي ترغب في المشاركة بالحكومة على غرار حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية للتنازل؛ من أجل تسهيل تشكيل الحكومة”.

واستحضر الباحث لزرق الظروف الدولية الإقليمية، خاصة ما تعيشه الجزائر في ظل الحديث عن احتضار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة؛ إذ أوضح أن الملك قد يعلن حالة استثناء تفادياً لتأثير الوضع الجزائري على المغرب؛ إذ يمكنه في هذه الحالة أن يعمد إلى تشكيل حكومة من التكنوقراط من الكفاءات لتدبير الشأن العام إلى حين إجراء انتخابات تشريعية أخرى.
فوز مجمَّد:

وكان حزب العدالة والتنمية، قد فاز في الانتخابات البرلمانية التي أُجريت في أكتوبر 2016، حيث حصل 125 مقعداً مقابل 102 من المقاعد لمنافسه حزب الأصالة والمعاصرة الذي حشد في حملته الانتخابية ضد “أسلمة” المجتمع المغربي.

وجاء حزب الاستقلال بالمرتبة الثالثة بحصوله على 46 مقعداً.

وقال حزب العدالة والتنمية آنذاك إن فوزه بدورة ثانية سيسمح له بالمضي قدماً في تنفيذ ما وصفه بإصلاحاته الاجتماعية والاقتصادية.

وتعد تلك الانتخابات البرلمانية الثانية من نوعها منذ تبنّي المغرب إصلاحات دستورية في عام 2011.

وتوزع ما تبقى من مقاعد البرلمان الـ305 على الأحزاب الأخرى، فضلاً عن حصة 90 مقعداً إضافية تشكل ما يسمى الدائرة الوطنية، التي يُخصص ثلثاها للنساء والثلث الباقي لمرشحين آخرين من الرجال دون سن الأربعين سنة.

ووفقاً للنظام الانتخابي في، لا يمكن لحزب واحد الفوز بأغلبية مطلقة، الأمر الذي يجبر الفائزين على الدخول في مفاوضات لتشكيل حكومات ائتلافية، ما يحد من النفوذ السياسي للأحزاب.

وأخفق بنكيران، منذ ذلك الوقت، في تشكيل الحكومة، إلى أن قرر بداية عام 2017 وقف المفاوضات مع عزيز أخنوش، رئيس التجمع الوطني للأحرار، الذي يوصف بأنه صديق الملك، وحلفائه؛ بسبب خلافات تتعلق بالأحزاب التي ستشارك في الحكومة.

وكانت كل السلطات التنفيذية في يد الملك حتى عام 2011، عندما وافق الملك محمد السادس على تحويل الحكم في البلاد إلى ملكي دستوري في غمرة انطلاق حركات المظاهرات والاحتجاجات بالمنطقة فيما عُرف بالربيع العربي.

وعلى الرغم من تخلي الملك عن بعض سلطاته كجزء من الإصلاحات الدستورية، فإنه ما زال أقوى شخصية في البلاد وهو الذي يختار رئيس الوزراء من الحزب الفائز بالانتخابات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *