متابعات

غياب الملك محمد السادس عن قمة عمان..روايات من الأردن

من أطاح بمدير المخابرات الأردنية، فيصل الشوبكي، التي يصفها البعض بأنها من أقوى أجهزة الاستخبارات في المنطقة العربية؟

جاء قرار استدعاء الأردن سفيره لدى المغرب إلى مقر خارجيته وإقالة مدير المخابرات الأردنية ليثير تكهنات حول علاقة هذين القرارين بغياب الملك محمد السادس، عن القمة العربية الـ28 التي عُقدت بالبحر الميت، رغم زيارة الملك عبد الله له لدعوته لحضورها.

خلال الأسبوع الأخير من شهر مارس 2017، التأمت القمة العربية على الأراضي الأردنية، وقبل نحو 5 أيام من انعقاد القمة قام الملك عبدالله الثاني بزيارة للملك محمد السادس، الذي لم يشارك منذ عام 2005 في أي قمة عربية عُقدت، وقيل إن الزيارة المَلِكية جاءت بعد نصيحة أسداها السفير الأردني السابق لدى المغرب فيصل الشوبكي، المدير العام لدائرة المخابرات العامة حتى وقت انعقاد القمة، أملاً في حث الملك على المشاركة في القمة عبر دعوة شخصية من نظيره الاْردني.

حضر العديد من قادة ورؤساء الدول العربية للمشاركة في القمة التي شهدت حضوراً عالي المستوى، ولكن غاب الملك محمد السادس عن اجتماع الرؤساء في ظل اهتمام إعلامي أردني وعربي ودولي لتلمس احتمال حضوره في ضوء تصريحات نسبت لمسؤولين أردنيين بأنه سيشارك في القمة حتى اللحظات الأخيرة.

الأمر الذي لم يتحقق؛ بل جرى في المقابل تغطية محدودة ميالة إلى السلبية للقمة من قِبل وسائل الإعلام المغربية.

ولم تنتهِ القمة حتى صدر قرار رسمي بإقالة مدير المخابرات العامة الأردنية فيصل الشوبكي، لتنطلق التكهنات حول العلاقة بين الأمرين.
نصيحة خاطئة:

النائب الأردني السابق جميل النمري، في منشور له على موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، ربط إقالة الشوبكي بغياب الملك عن القمة العربية، قائلاً: “إقالة مدير المخابرات جاءت على أثر نصيحة كان قد أسداها إلى الملك بزيارة المغرب قبل القمة مباشرةً؛ لإقناع الملك محمد السادس بحضور القمة، وأنه كان واثقاً باستجابة ملك المغرب لهذه الدعوة الملكية بناء على معلوماته كمدير لجهاز المخابرات ولقربه من دائرة ملك المغرب الضيقة بحكم عمله السابق سفيراً للأردن في الرباط”.

لكن الأمر لم يتم، و”سبّب إحراجاً شديداً للعاهل الأردني الذي لم يتلقَّ حتى مجرد اعتذار من ملك المغرب”، حسب قوله.

بينما لم يُظهر الأردن الرسمي أنه منزعج من غياب الملك عن القمة؛ باعتبار أن آخر قمة عربية شارك فيها الملك محمد السادس كانت في عام 2005 بالجزائر، لكن ثمة من يعقد مقارنة بين قمة البحر الميت والقمة الـ27 التي عُقدت في موريتانيا؛ إذ لم يوجه محمد السادس كلمة لقمة عمّان كما فعل في موريتانيا، واكتفى بمشاركة وزير خارجيته صلاح الدين مزوار.

بيد أن منشور النمري يطرح سؤالاً حول إن كان انزعاج الأردن من عدم المشاركة قد تُرجم من خلال قرار الإقالة.

وزاد الجدلَ تزامنُ قرار الإقالة مع عودة السفير الأردني من المغرب، وهو ما عزز التكهنات التي تربط الأمر بغياب الملك محمد السادس عن القمة.

إلا أن مصدراً حكومياً أردنياً أكد لـ”هافينغتون بوست” أن قرار المشاركة في القمة من عدمه قرار يعود للمغرب، وأن وزير خارجية المغرب ألقى كلمة بلاده.

موقف تقليدي:

المحلل السياسي عريب الرنتاوي، يذهب لاعتبار عدم مشاركة الملك محمد السادس في القمة العربية معبراً عن موقف تقليدي من المغرب للقمة، وهو موقف علني وليس سراً؛ إذ سبق أن اعتذر الملك عن استضافة المغرب للقمة.

ورأى أن قرار عدم المشاركة ليس موجهاً ضد الأردن؛ إذ حظي الملك عبد الله لدى زيارة المغرب باستقبال حافل على المستويين الرسمي والشعبي.

وكانت وسائل الإعلام المغربية الرسمية قد قالت إن الملك محمد السادس ألغى مشاركته في اجتماع العرب بالأردن، في آخر لحظة لأسباب ما زالت مجهولة، وأنه سيتم تعيين شخصية سامية لتمثيل المغرب في القمة العربية بالأردن.

وأكد المحلل السياسي بسام بدارين أن عدم المشاركة جاءت لسبب طارئ وليس لخلل سياسي؛ إذ إن الملك كان في طريقه للأردن.

الربط بين الإقالة ونصيحة الزيارة وغياب محمد السادس وفق بدارين، يعتبر ربطاً ضعيفاً لا تسانده المعلومات، لكنه يقر بأن التزامن في الأحداث خلق تلك التكهنات.

“ورأى أن قراراً بحجم تغيير مدير المخابرات العامة الأردنية، لا يمكن أن يكون بسبب حادثة صغيرة؛ إنما جاء بسبب خلل في المنظومة الأمنية وتراكمات الأخطاء”، حسب قوله.

ولكن اللافت أنه بعد الإقالة بوقت قصير، صدر إعلان رسمي باستدعاء السفير الأردني لدى المغرب علي الكايد، ونقله إلى مركز وزارة الخارجية وشؤون المغتربين في البلاد، غير أن مصادر حكومية أردنية نفت وجود أي علاقة بين قرار نقل سفيرها لدى المغرب، وعدم مشاركة المغرب في القمة.

مصدر حكومي ذكر أن قرار نقل السفير الأردني لم يأت رداً على عدم مشاركة محمد السادس في القمة، باعتبار أن نقل السفير قرار جاء منذ نحو 3 أشهر.

وقال المصدر الرسمي: “إن قرار نقل السفير مقرر منذ نحو 3 أشهر، ويأتي ضمن النقل الدوري للسفراء”، معلقاً على أنه “قرار نُفذ في وقته، ومن عادة السفراء إذا وُجد ما يستدعي بقاءهم أياماً قليلة أو أسابيع، فلا ضير في ذلك”.

المصدر الحكومي فسر استمرار السفير حتى القمّة رغم صدور قرار النقل منذ فترة بأن ” الملك عبد الله قام بزيارة للمغرب قبل أيام قليلة من انعقاد القمة وكان من المهم وجود السفير الأردني لدى المغرب، وهي حالة شبيهة بما حدث مع سفيرة الأردن في واشنطن سابقاً، والتي بقيت فترة بعد قرار نقلها؛ بسبب زيارة ملكية كانت مقررة للعاصمة واشنطن”.

في المقابل، وصفت بعض وسائل الإعلام المغربية هذه القرارات الأردنية بأنها إعفاء للسفير الأردني في الرباط، لتظل سفارة المملكة الهاشمية فارغة دون أيّ خلف له في الوقت الحالي.

أما المحلل السياسي عربي الرنتاوي، فيعزز الرواية التي تقول إن الأمر طبيعي، ولكن من منظور مختلف قليلاً، حيث ينقل حديثاً دار بينه وبين الكايد في منطقة البحر الميت مؤخراً قبيل انعقاد القمة، ذكر خلاله الكايد أن مدة عمله الرسمية سفيراً للأردن لدى المغرب قد انتهت، وأن سبب عودته بعد القمة للمغرب كان هدفه الوداع الرسمي للمسؤولين الرسميين هناك.

بدارين، يقول: “استُدعي الكايد من قِبل وزارة الخارجية الأردنية في وقت سابق لانعقاد القمة العربية بالبحر الميت؛ إذ انتهت فترة عمله التقليدية 4 سنوات سفيراً للبلاد لدى المغرب”، ويشير إلى أن “الكايد تواجد قبل انعقاد القمة، في البلاد، وهو مرشح لتولي السفارة الأردنية لدى المملكة العربية السعودية؛ لكون الموسم الآن موسم تنقلات السفراء، ما ينفي برأيه أي علاقة لذلك بعدم حضور ملك المغرب القمة”.

ويتفق كل من الرنتاوي وبدارين في تأكيد أن العلاقات الأردنية-المغربية لن تتأثر بعدم المشاركة في القمة، واصفين إياها بالعلاقات التي لا تشوبها شائبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *