طب وصحة | مجتمع

هل تشعر بدوار وغثيان أثناء ركوبك للمواصلات؟ .. إليك سبب ذلك

يبدأ يوم جديد مليء بالتفاؤل والنشاط والحيوية، تخرج من بيتك في رحلة مثيرة مع أصدقائك، تستقلّون القطار أو السيارة، لزيارة مكان سياحي جديد، أو تسافرون إلى مدينة جديدة فتتعرفون على مزاراتها.

يعد هذا اليوم المُثير متعة كبيرة لدى كثيرين، لكنه يسبب ألماً خاصاً لدى بعضهم، ممن يعانون من الدوار أو الشعور بحالة من الغثيان عند ركوب السيارات ووسائل المواصلات، وينصبُّ تفكيرهم حول كيفية التغلب على معاناة الطريق في المواصلات حتى الوصول لمقصدهم، ويتساءلون دائماً عن السبب وراء هذا الدوار، وما الذي يسبب حالة الغثيان المتكررة عند ركوب السيارة ووسائل المواصلات؟
دوار الحركة وسببه:

يحدث الدوار من حركة السيارات مثلما يحدث دوار البحر لكثيرين، وكذلك دوار الطائرات، وكل هذا يقع تحت ما يمكن تسميته دوار الحركة، ويفسر الأطباء هذه الحالة بتضارب المعطيات الحسية المنقولة للدماغ عند حركة المركبات، فيما يسمى علمياً بـ”دوار الحركة”.

وذلك يحدث نتيجة التناقض بين المعلومات التي تنقلها الأذن الداخلية المسؤولة عن التوازن (القنوات نصف الدائرية) للدماغ، والحركة التي تراها بعينيك، ما ينتج منه إشارات مختلطة تُرسل للمخ، وتُربكه وتسبب أعراض الدوار.

ومع أننا، في حقيقة الأمر، نسافر في سيارة أو مركبة متحركة، لكن معظم حواسنا تخبرنا أن أجسامنا ثابتة في أماكنها، وهو في طبيعة الحال، قد يبدو كذلك نظرياً ونحن نسند ظهورنا لمقعد السيارة.

وتزيد عوامل إضافية من احتمالات شعور الشخص بالدوار، مثل طريقة السفر، وخوف الشخص وقلقه من السفر، وضعف التهوية في وسيلة السفر، وعدم القدرة على الرؤية خارج نافذة المركبة لمساعدة الدماغ على معرفة الاتجاهات.
الدوار يحدث بسبب التسمم!

تكشف الدراسات الحديثة أن دوار الحركة يمكن أن يحدث نتيجة لاستجابة الدماغ لما يُعتقد أنها نوبة تسمم مفاجئة، إذ يرى العلماء أن الرسائل المتضاربة التي تصل للدماغ خلال حركة السيارة أو المركبة حول البيئة اللحظية المحيطة بالشخص، مشابهة للرسائل التي تصل للدماغ عند التسمم.

ومثلما يعلم الجميع أن التقيؤ هو أسهل طريقة لطرد السموم عامة والسموم المؤثرة على النظام العصبي للشخص.

يحدث مثل هذا للمصابين بدوار الحركة، إذ يُناط لمنطقة المهاد المخية تفسير الإشارات المتضاربة القادمة للمخ، والتي غالباً ما تُعزي الأمر للسموم؛ وهو ما يضطر المسافر في نهاية الأمر إلى التوقف على جانب الطريق للتقيؤ. فبحسب عالم الأعصاب دين بيرنيت من جامعة كارديف في بريطانيا، أنه بمجرد ما إن يختلط على الدماغ رسائل متضاربة على هذا النحو، فإنه يرتبك ولا يدري ماذا يفعل، ويقرر فقط أن يصبح مريضاً، ويعبر المخ بذلك عن قلقه المستمر من التعرض لتسمم.

ويعتقد الخبراء أن دوار الحركة ظهر مع بدء البشر مؤخراً السفر في وسائل، مثل السيارات والحافلات والسفن والطائرات، في حين أن أدمغتنا لم تتكيف تماماً بعد.
تشخيص دوار الحركة:

تبدأ حالة الدوار بالشعور بالارتباك وعدم الارتياح، ومن ثمّ التعرّق البارد أو الدوخة، وقد يظهر لدى بعض الأشخاص شحوب في الجلد، كل ذلك مصاحباً بإعياء وصداع، وعادة ما يتبع هذا على نحو سريع الغثيان أو التقيؤ بعد هذه الأعراض الأولية.

لا تحتاج، في معظم الحالات، لاستدعاء الطبيب بسبب دوار الحركة، ما لم يتطور الأمر للجفاف الشديد بفعل القيء المستمر والمستعصي. لكن في معظم الحالات، بمجرد توقف الحركة تقلّ الأعراض تدريجياً حتى تختفي. وتُشخص مشكلة دوار الحركة من خلال تاريخ المريض وفحصه البدني، وغالباً ما يكون وصف الشخص للأعراض والسياق التي تحدث فيه كافياً لإجراء التشخيص، وبشكل عام لا يتطلب الأمر اختباراً مختبرياً.
مَن يشتكي من الدوار؟

يعد الأطفال والنساء الحوامل أكثر عرضة لدوار الحركة من غيرهم، إلا أن كلّ شخص يسافر في خطر دوار الحركة، ويقول خليل عيّادة، أخصائي الأمراض الداخلية في برلين، إن 10% فقط من الناس لا يشتكون من دوار السفر؛ إذ يشعر بهذه الحالة كثيرون ممن يسافرون عبر السيارة أو القطار أو الطائرة أو السفينة، ويعتبر دوار البحر، بالنسبة للمسافرين بالسفن، شكلاً من أشكال دوار الحركة.

ويؤكد عيّادة أن المسافرين بالطائرة أو السفينة يحصل لهم ذلك أيضاً، فعند الجلوس في السيارة أو المركبة بشكل هادئ ترسل الأذن الوسطى إشارة للمخ، تتعارض مع الإشارة التي ترسلها العين عند النظر خارج المركبة، فيشعر الشخص بالدوار حينما لا يستطيع رؤية الحركة التي يشعر بها جسمه، أو يرى بعينيه حركة لا يشعر بها جسمه، فينتج عنها ارتباك يسبب الدوار.
هل يمكن أن يصاب غير المسافر بدوار الحركة؟

يُصاب بعض الأشخاص أحياناً بدوار الحركة دون أن ينتقلوا من مكانهم، فمثلاً بعد أن يلعب الفرد ألعاب الكمبيوتر، مثل ألعاب السباق سريعة الخطى، أو ركوب المركبات الافتراضي، أو ألعاب المحاكاة، أو مشاهدة فيلم مسجل بكاميرا رديئة، كل هذا قد يسبب دوار الحركة لدى الأشخاص سريعي التأثر.

ولا يتوقف أيضاً الشعور بدوار الحركة على السفر بوسائل المواصلات الحديثة المعتادة، مثل السيارات ونحوها، إذ تظهر أيضاً عند السفر على الحيوانات، مثل الفيلة أو الجمال، أو ركوب سفن الفضاء، أو ركوب الخيل في المعارض والحفلات، أو اللعب على الأرجوحة.
كيف تتغلب على دوار الحركة:

ثمة طريقة واحدة للتغلب على هذا الدوار، هي أن تنظر من نافذة المركبة وتتابع بنفسك حركة السير؛ ما يعني أن تتواصل وتتوافق الإشارات العصبية المرسلة من عينيك وأُذُنك للدماغ، وتتغلب بذلك على اعتقاد عقلك أنك تُسمّم، ويجبرك على التقيؤ، بدلاً من أن يدرك أنك تقرأ كتاباً على حافلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *