آراء

المقابر الجماعية بالجنوب الغربي للمغرب والسياحة الثقافية

إن منطقة وادي شبيكة (إقليم طانطان، جنوب غربي المغرب) لها دور مهم جدا كحلقة وصل بين جنوب وشمال إفريقيا باعتبارها محطة للقوافل التجارية أو استراحة للهجرات البشرية التي كانت تجوب الصحراء  خلال نهاية البلاستوسين وبداية الهولوسين.منطقة يمكن وصفها بجنة الإيكولوجيين بالمغرب نظرا لغناها بالنقوش الصخرية والمقابر الجماعية.

أكدت الدراسات الحديثة لعلماء المناخ أن المنطقة مرت بفترات مناخية قبل أن تصل إلى مرحلة الجفاف الذي هي عليه الآن، منطقة تقع ضمن نطاق الصحراء الكبرى.هذه الأخيرة التي تمتد من الشرق إلى الغرب آلاف الكيلومترات وفي عرض يمتد مابين دائرتي عرض 18 درجة و28 درجة شمال خط الاستواء.كما بينت الدراسات الحديثة كذلك في نهاية البلاستوسين والهيلوسين المعتمدة على دراسة حبوب اللقاح وتحديد بعض العينات العضوية بواسطة الكربون المشع 14،عن وجود تغير مناخي الذي يمكن تلخيصه بالخط الزمني التالي:

– من 50000 سنة إلى 20000 سنة: مناخ رطب.

– من 20000 سنة إلى12500 سنة: جفاف تدريجي أدى إلى هجرات سكانية كبيرة خارج منطقة الصحراء الكبرى.

– من 12500 إلى 5000 سنة من الآن: فترة رطبة وانتشار واسع للفن الصخري حسب الأبحاث التي قام بها كلوز

– من 5000 سنة إلى 4000 سنة: جفاف نسبي وانحصار البحيرات، لكن الظروف كانت أفضل مما عليه الآن.

– منذ 1000 سنة تقريبا بدأ الجفاف يعم معظم الصحراء الكبرى.

وتعتبر المقابر الجماعية وحدات تحتوي في طياتها على معطيات غنية ومتماسكة مميزة لعصرها،كما يستخدمها العلماء باعتبارها مؤثرات ومحددات كرونولوجية وثقافية تساهم بشكل كبير في التعرف على البنيات الاجتماعية لكل عصر بما في ذلك الثقافة الدينية.

  من أجل إدماج هذه المواقع في إطار السياحة الثقافية والتعرف على حجم المعلومات التي يحتفظ بها والتي يمكن أن تغذي معلوماتنا في هذا الجزء الغالي من بلادنا فإننا نصي بالتالي:

– مخاطبة مندوبية وزارة الثقافة للحصول على إذن لتنقيب واحد من القبور المكتشفة في المنطقة بهدف التعرف على الأسلوب المتبع في عملية الدفن والطقوس المستخدمة والمتعارف عليها في تلك الفترة.

– محاولة استخلاص عينات أو أدلة يمكن أن نستفيد منها في عملية تأريخ هذه المواقع،

– القيام بأعمال رفع مساحي وتسجيل للمواقع الأثرية الواقعة في الإقليم،

– إدماج هذه المواقع الأثرية في مدارات سياحية في إطار ما يسمى بالسياحة الثقافية من أجل تحقيق رؤية 2020 (وزارة السياحة) واستفادتها من أهم مشروع سياحي الموجود في واد شبيكة.

في الختام لا يسعنا إلا أن نخلص إلى أن الإسراع في أعمال التقييم لهذه المواقع الأثرية قبل أن تندثر المعلومات المنتشرة على سطحه والمتاح لأي شخص العبث بها وبالتالي العبث بقيمة قد نندم على التفريط فيها.

المرجع المعتمد:

يوسف هريمة: طقوس الموت والامتداد الثقافي. الحوار المتمدن- العدد:2342.المحور: دراسات وأبحاث في التاريخ والتراث واللغات.

*طالب باحث بسلك الماستر المتخصص في السياحة الجيولوجية، الإيكولوجية وتثمين التراث الطبيعي بكلية العلوم اكادير.

كاتب مكلفا بالدراسات والأبحاث والعلاقات العامة بجمعية النقوش الصخرية للجنوب المغربي. زاكورة.

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *