حوارات

بوانو لـ “مشاهد”: ما أخشاه هو أن نذهب في تحالف جديد ويقع لنا ما وقع مع شباط بعد أشهر

عبر القيادي في حزب العدالة والتنمية عبد الله بوانو عن تخوفه من التحالف مع حزب آخر بما يعني تشكيل أغلبية جديدة، لأن ذلك من شأنه حسب بوانو أن يعيد السيناريو الذي وقع مع حميد شباط بعد أشهر قليلة مما يزيد من بطئ عملية الإصلاح التي يراهن عليها الحزب. وقال رئيس الفريق البرلماني للبيجيدي في البرلمان في هذا الحوار الذي أجرته معه “مشاهد” إن من حركوا شباط ليفعل ما فعله لن يقفوا بمجرد تغيير تحالف قديم بتحالف جديد. داعيا الذهاب لانتخابات سابقة لأوانها حتى يقرر الشعب على ضوء التغيرات الجديدة التي شهدتها الساحة السياسية المغربية، لمن سيمنح ثقته بعدما أصبحت الصورة أكثر وضوحا، حسب تعبيره.

ماذا بعد الانسحاب النهائي لحزب الإستقلال من الحكومة؟

بعدما سيصبح للقرار صبغة قانونية ودستورية، سنعقد مجلسا وطنيا لاتخاذ الاجراءات اللازمة المتوافقة مع الدستور. فبعد الاستقالات الخمس التي قدمت لرئيس الحكومة، فإنه سينظر في حالة قبولها أو رفضها، وفي حالة قبولها فإنه سيرفعها إلى جلالة الملك الذي سينظر فيها أيضا بالقبول أو الرفض، وفي حالة قبولها فإن الخيارات المتاحة طبقا للدستور فهي إما تشكيل أغلبية جديدة أو الذهاب إلى انتخابات سابقة لأوانها طبقا لأحكام الفصلين 103 و104 من الدستور. وعليه فهذين الخيارين لا يمكن للأمين العام لوحده أن يقرر فيهما بل لابد له من الرجوع إلى المجلس الوطني الذي سيقرر بهذا الشأن.

أي توجه في الحزب؛ انتخابات سابقة لأوانها أم التحالف مع حزب آخر؟

الرأيين موجودين، وأنا أميل إلى الذهاب إلى انتخابات سابقة لأوانها على أساس أن تجرى معها الانتخابات الجماعية والجهوية ومجلس المستشارين. وهذا التوجه ليس من منطلق حجم الشعبية المرتفعة أو المنخفضة ولكن من منطلق مبدئي ينحاز إلى أن الشعب هو من أعطى الثقة لهذه الحكومة ويجب الرجوع إليه في ظل ما شهدته الساحة السياسية من مستجدات ليقول كلمته الأخيرة. أما إذا كان هناك توجه نحو التحالف مع حزب معين فإن من يقرر ذلك هو المجلس الوطني. وإذا كان البعض يلومنا على التحالف مع بعض المفسدين، فهل من يوجد في المعارضة صالحون؟ إن الإشكال يكمن في أننا لم نستطع أن نواكب الإصلاحات الجديدة التي جاء بها الدستور مع إصلاح القوانين الانتخابية ونمط الاقتراع. وهذا هو السبب في ما وصلنا إليه. أن ما أخشاه شخصيا هو أن نذهب في تحالف جديد وبأغلبية جديدة وبعد مرور أشهر نقع في نفس ما وقعنا فيه مع شباط وليس مع حزب الإستقلال. لأنه إذا كانت هناك أياد خفية تحرك شباط، فإن هذه الأيادي لن تقف بمجرد أنه تغير التحالف القديم، بل يمكن أن تتدخل حتى في التحالف الجديد.

ماذا سيخسر وما سيربح المغاربة من انسحاب حزب الإستقلال من الحكومة؟

ربح المغاربة يتمثل في رجوعنا إليهم لنقول لهم ماذا حصل بالضبط، فكما تعلم فإنه في الحملات الانتخابية ستقدم المشاريع والبرامج الانتخابية من جديد، وسيكون الشعب أمام الصورة التي تمكنه من التمييز بين من مع تطبيق الدستور ومن مع محاربة الفساد ومن مع مصلحة الوطن ومن مع القيام بإصلاحات كبرى اقتصادية واجتماعية أو من يقف ضدها وفي وجهها وعرقلتها.

شباط يصر أن ابن كيران يغلب الصفحة الحزبية على مهمته كرئيس للحكومة، وهو الأمر الذي تقوله المعارضة أيضا، هل كل هؤلاء على خطأ وحزب العدالة والتنمية هو وحده من على صواب؟

أنت أخذت نقطة واحدة وجعلت منها مدار للنقاش.. فأنا اعتقد أن الصبغة الحزبية تأتي في سياقها، فحينما يقوم أحد من المنسبين للمعارضة وخاصة في مجلس المستشارين ويتهم حزبا بعينه ويكون أمنيه العام حاضرا، فهل عندما سيرد الأمين العام يكون ذلك من باب الحزبية؟ أو حينما يكون داخل المغرب أو خارجه ويتم استجلاء الجوانب السياسية في مرحلة معينة، فهل يطلب من الأمين العام أن يظل حبس اللحظة الحالية ولا يتحدث عما كان الوضع عليه سياسيا في المغرب قبل 20 فبراير؟ فإذا كان هذا الأمر يحرج البعض ويعتبره حديثا ذا صفة حزبية فليكن. طبعا أن ضد من يمزج بين العمل السياسي والحزبي في المنصب. وعمليا هذا غير موجود في حزبنا وإذا ادعى أحد غير ذلك فأنا أنكره. وهنا يجب أن ننوه إلى أن المعارضة معارضات، فإذا كنت تقصد المعارضة التي يقودها حزب كان يقود التحكم في فترة من الفترات، وعندما نتحدث عن ذلك التحكم ونتهم أننا نخلط الحزبي بالعمل الوزاري، فهذا نقول أنه غير موجود.

ألا يمكن اعتبار مقاطعة فرق المعارضة للجلسة الشهرية لمساءلة الحكومة، احتجاج على استغلال رئيس الحكومة البرلمان للدعاية للحزب الذي ينتمي إليه وتمرير مواقف خارج سياق الأسئلة الشهرية؟

يمكنك أن تسألهم، ويمكنك أايضا أن تعود إلى الـ 12 جلسة التي مرت وتنظر فيها هل كان يتكلم بالصبغة الحزبية أم بالصبغة السياسية للحكومة، فأعتقد أنه إذا رجعنا إلى تلك الجلسات فإننا لن نجد ما تفضلت به، بل سنجد أن رئيس الحكومة كان في وضوح وفي حوار مفتوح وصادق مع ممثلي الأمة وكذلك مع الشعب، ونظرا للعشبية التي أصبحت لهذه الجلسة والتي تتفوق حتى على المباريات التي تجمع ما بين ريال مدريد وبرشلونة، فإنها باتت تشكل لهم إزعاجا، خاصة في الجلسات التي تهم السياسة العامة، وهم قالوا ذلك ولم ينكروه.

هل صحيح فعلا أن الصراع الذي فتحه شباط مع العدالة والتنمية، هو تكتيك مبرمج للكف عن انتقاد ومواجهة الأصالة والمعاصرة التي بدأ الاستقلال يلعب دورها بالوكالة؟

أنا أقول أن التصرفات هي التي تحكم، فعندما ننظر في مسار شباط منذ 2003 وحتى الساعة نعرف أنه كان رجلا انقلابيا. وإذا كان منذ أبريل 2012 وهو يصرح بشيء ويقول شيئا معاكسا مرة أخرى، فأنا أقول إجمالا أن عقدة ألسننا ستحل وسنقول كل شيء إنشاء الله بعد خروجه للمعارضة كما كان هو يقول كل شيء، خاصة وأنه كان يغلف ذلك بحقد دفين. وأظن أن ما نجح فيه شباط إلى حد ما، سواء كان مجرورا من فوق أو مرفوعا من تحت أو مدفوعا من خلف، هو التشويش على الحكومة وعرقلة عملية انطلاق الإصلاحات الكبرى المتعلقة بإصلاح صندوق التقاعد والمقاصة والعدالة والإدارة والمصلحة الضريبة وقانون المالية والانتخابات سواء الجماعية أو الجهوية. حيت كان يخرج كل مرة باعتراض عن أي عملية أصلاح كان آخرها اعتراضه على المناظرة المتعلقة بالصحة والتي ليست إلا حوار مما يعني أن كل هدفه هو التشويش والعرقلة.

إذا ما ذهبتم لانتخابات سابقة لأوانها، هل تعتقد أن حظوظكم قائمة للفوز بها مرة ثانية؟

أنا لا أقول أن سبب الذهاب إلى انتخابات مبكرة الهدف التأكيد على أن شعبيتنا ما زالت مرتفعة ونريد أن نستثمرها: بل بالعكس، فأنا أقول أن العشب هو الذي اختار هذه الحكومة وممثليها في سياق معين. اليوم السياق تغير ودخلت عليه مستجدات والصورة أصبحت أكثر وضوحا وبالتالي يجب العودة إلى الشعب ليقرر بشأنها.

يعيب عليكم العديد من الملاحظين توزيعكم للأدوار في الخطاب الإعلامي الذي ينتجه حزبكم، ألا يعتبر ذلك نفاقا سياسيا.

أبدا نحن نقوم بدورنا استنادا إلى المراجع الحزبية التي نتوفر عليها، وأول تلك المراجع هي قرارات الحزب وخاصة المؤتمر الذي اقر الأطروحة والمجلس الوطني للحزب وبياناته وعندنا المرجعية الثانية وهي البرنامج الحكومي الذي صوتنا عليه. إذا نحن لن ندخر جهدا في مساعدة الحكومة ولكن نحن أيضا ممثلين للأمة اخترنا الشعب لندافع عن حقوقه. وليس هناك أي توزيع للأدوار بل بالعكس، فحتى رئيس الحكومة ذاته قال أن حكومته حكومة معارضة. فنحن نساند ما هو ايجابي ونعارض ما هو سلبي سواء من داخل الحكومة أو من خارجها.

ألا يمكن اعتبار انسحاب حزب شباط من الحكومة بمثابة تمهيد للإطاحة بالحكومة الإسلامية كما حدث في مصر ولكن بطريقة مغربية؟

قد يكون ولكن الفرق شاسع، فنحن نتوفر على مؤسسة قارة ومستقرة هي المؤسسة الملكية. وبالتالي من يتكلم انقلاب وتشبيه ما يقع بمصر في المغرب يكون مخطئا. فإذا كان شباط يقول لنا خذوا العبر مما وقع لمرسي فنحن نقول له هل أنت ممثل للسيسي وللانقلابيين على الشرعية والديمقراطية. ولذلك فأنا لا أرى وجها للمقارنة بين مصر والمغرب، صحيح قد يكون هناك تأثر وتأثير ولكن لن يكون هناك تماثل، فلكل بلد خصوصيته ونحن لسنا فرعا لجماعة الإخوان المسلمين.

بنكيران انتقد القضاة لدى استقبالهم زميلا لهم اتهم في قضية رشوة، وقال أنه متأكد أن القاضي أخذ رشوة وهو ما اعتبره دفاع القاضي تدخلا في سلطة القضاء، ألا يعتبر هذا التصرف بمثابة جبهة صراع فتحها عليه ليس بحاجة إليها في هذه الظرفية؟

قد يكون ما تفضلت به في الشق الأول من السؤال صحيحا، غير أن ما قاله بنكيران بالحرف هو أن الاستقبال الذي حظي به القاضي الذي اعتقل في حالة تلبس ليس معقولا. أولا لأن الحكم النهائي لا يوجد بعد، وثانيا لأن القضاة يعرفون أن الحكم غير موجود وأقاموا عرسا وحفلا بمجرد تمتع ذلك القاضي بحالة السراح المؤقت. هذا ما أشار إليه بنكيران ولم يشر نهائيا إلى القضاء وأحكامه. بل إن بنكيران حريص على استقلال القضاء ولو شعرنا للحظة أنه مس باستقلالية القضاء أو قال في حقه شيء مشين لتصدينا له. فكل كل كلامه كان خاصا بالشق الجمعوي للقضاة.

ولكن هناك توجه من طرف دفاع القاضي لمتابعة رئيس الحكومة؟

أنا أقول إن هذه الخطوة إذا تمت فهي تسير في إتجاه ما صاحب إصلاح منظومة القضاء من حركات وتحركات وتشويشات من جميع الأطراف.

ما هي الأخطاء التي ارتكبها حزبكم في مدة تسيير دواليب الحكومة، وهل يمكن أن تكلفكم الكثير في المراحل المقبلة؟

لا يمكن أن نتحدث عن الأخطاء بقدر ما يمكننا الحديث عن رضوخنا كثيرا لبعض التشويشات التي تعرقل وتبطئ عملية الإصلاح، ومنها ما كان يقوم به شباط. لأنه منذ دجنبر تحديدا عندما بدأ يستهدف الحكومة فإن هذه الأخيرة لم تكن في مستوى التحدي للرد عليه بما يلزم والقيام بالإصلاحات. وأنا اعترف أن شباط نجح إلى حد ما في إبطاء عملية الإصلاح وتوقيف بعضها.

هل الرضوخ كان من طرف الحزب أم من طرف رئيس الحكومة؟

لا .. الرضوخ كان من طرف الحكومة

بمعنى أن بنكيران هو من رضخ لهذه الضغوط؟

أنا أقول من طرف الحكومة وليس من طرف رئيس الحكومة

ولكن بنكيران هو رئيس الحكومة؟

صحيح صحيح ولكن المسؤولية هي مسؤولية جماعية. فإذا كانت الإصلاحات يقودها رئيس الحكومة، فإن من يهيئها ويدفع بها إلى أبعد مدى هي القطاعات الوزارية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *