خارج الحدود

مرسيليا عاصمة للثقافة .. وللجريمة أيضا‎

من عمليات تصفية الحسابات الدامية والاتجار بالمخدرات إلى الفساد وأزمة الثقة، تغرق مرسيليا يوما بعد يوم في دوامة العنف، ما يضع على المحك عزم الحكومة مكافحة الجرائم في عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2013.

مرسيليا هي ثاني اكبر مدينة في فرنسا تضم 850 ألف نسمة على بعد 800 كيلومتر من باريس، وهي باتت تستقطب منذ فترة وجيزة مبدعين شبابا إلى أحيائها وساحاتها ومقاهيها. ودشن فيها في يونيو متحف الحضارات الأوروبية والمتوسطية.

غير أن هذه المدينة التي أسست على أيدي الفينيقيين باتت تتصدر الصفحات الأولى للصحف بعد تحولها إلى ساحة شهدت منذ بداية العام الجاري 15 جريمة قتل لتصفية حسابات (في مقابل 24 في عام 2012)، على خلفية انتشار الاتجار بالمخدرات والفقر على الهضاب الواقعة شمال المدينة.

وليست الجرائم ظاهرة جديدة في مرسيليا، لكن طبيعتها قد تغيرت. فقد حل محل عرابي المافيا الذين كانوا يتنازعون في التسعينيات على شبكات الدعارة والملاهي الليلية وآلات المقامرة زعماء شباب يتحكمون بالاتجار بالكوكايين والهيرويين.

وقد أودت دوامة العنف بحياة شخصين الخميس في مرسيليا، من بينهما أدريان أنيغو (29 عاما) المعروف بسوابقه مع القضاء ابن جوزيه أنيغو المدير الرياضي لنادي مرسيليا لكرة القدم.

وقد قتل أدريان أنيغو بالطريقة التقليدية على أيدي رجلين يركبان دراجة نارية عندما كان يقود سياراته، لكنها المرة الأولى التي تكون فيها ضحية أعمال العنف معروفة وليست مجرد شخص يضاف إلى قائمة الضحايا الطويلة.

وطالب وزير الداخلية مانويل فالس ب “ميثاق وطني” لمكافحة الاتجار بالمخدرات في مرسيليا. وبصورة إجمالية، أوفد 3500 شرطي إلى مرسيليا، 230 منهم في عام 2012 وحده.

واعتبر رئيس الوزراء جان مارك ايرولت أنه لا بد من تكثيف الجهود الرامية إلى مكافحة الاتجار بالمخدرات.

ولفت بريك روبان مدعي الجمهورية الجديد إلى أن البيانات الخاصة بأول ثمانية أشهر من عام 2013 هي أفضل من تلك المسجلة في عام 2012 في مرسيليا.

وفي تصريحات لصحيفة “اوجوردوي آن فرانس”، أشار الصحافي كزافييه مونيه إلى أن السلطات العامة لا تتطرق إلى الاسباب الحقيقية الكامنة خلف انتشار هذه الظاهرة، ألا وهي “نقص وسائل النقل العام والفساد المستشري وأزمة الثقة بالمسؤولين”.

وقبل بضعة أشهر، كان مسؤول اجتماعي كبير قد أقر لوكالة فرانس برس بأنه لم ير يوما في حياته تخليا وبؤسا بهذا المستوى في بعض الأحياء الشمالية من المدينة التي تبعد ثلاث ساعات بالقطار السريع عن العاصمة الفرنسية.

وكشف عالم الاجتماع لوران موكييلي أن “نسبة النجاح في الشهادة المتوسطة قد لا تتخطى 40% في هذه الأحياء”.

ولفتت عالمة الاجتماع كلير دوبر إلى أن “الاتجار بالمخدرات … هو اقتصاد فقر يلبي أغلبية الحاجات الرئيسية”.

ولم يؤثر انتشار دوامة العنف كثيرا على عادات أبناء المدينة التي تبقى شواطؤها ومقاهيها مكتظة بالزبائن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *