ملفات

ورزازات .. العرائس الجدد يحضين بمعاملة خاصة ليلة عاشوراء

تكتسي العادات والتقاليد المتبعة منذ أمد بعيد بمدينة ورزازات للاحتفال بليلة عاشوراء أهمية كبرى لدى جميع الفئات العمرية والشرائح الاجتماعية، خاصة وسط النساء والأطفال والشباب. وذلك على غرار باقي المدن المغربية، مع اختلافات في بعض الطقوس الحاضرة بهذه المناسبة.

وعلى الرغم من تخلي الساكنة عن عدد من التقاليد ووضعها في خانة نسيانها، يبقى إحياء عاشوراء بمدينة ورزازات تختزل طقوسا متميزة التي بقيت راسخة ومتجذرة في الذاكرة الشعبية المحلية كوسيلة للاحتفال بهذه المناسبة الدينية، سواء داخل الأسر أو بالأحياء الشعبية من ضمنها أكلة الكسكس بالقديد وقرع التعارج والطبول وترديد مجموعة من الأهازيج والمقولات المأثورة.

وإذا كانت أهم مظاهر الاحتفال، التي تبدأ عادة عند حلول الأول من شهر محرم أي بحلول السنة الهجرية الجديدة، تختزل في انشغال النساء بتحضير أصناف من الحلوى مثل “القريشلات” التي يتم خلطها بعد ذلك مع عدد من الفواكه اليابسة “الفاكية” لتوزع بالتساوي بين كافة أفراد الأسرة، ووجبة الكسكس بالخضر و”القديد” و”الكرداس” المحضر من لحم أضحية العيد، فإن العروس الحديثة العهد بالزواج تحظى باحتفال خاص بهذه المناسبة.

وأكد محمد لويحي أستاذ مهتم بتراث المنطقة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن العروس الحديثة العهد بالزواج تحظى في هذه المناسبة باحتفال خاص بمنزل أهلها يدعى “تزلفت” يتم فيه تناول طبق الكسكس بالقديد والكرداس بحضور النساء من الأهل والأحباب والجيران والصديقات، اللواتي ينشدن أهازيج متنوعة تتميز بقالب هزلي يمتزج فيه الشعور بتبادل أوجه الفرح والحبور.

وأبرز أنه بمجرد الانتهاء من طقوس وعادات عيد الأضحى، يبدأ الاستعداد للاحتفال بعاشوراء التي دأب المغاربة على تخليدها يوم العاشر من محرم من كل سنة هجرية، مشيرا إلى أن هذا الاحتفال يعد مناسبة لإحياء تقاليد وعادات تتلخص أساسا في مظاهر يمتزج فيها الفرح الطفولي بغبطة الكبار، وذلك عبر اقتناء وتوزيع الفواكه الجافة، وشراء لعب الأطفال، وإشعال النيران، والتراشق بالماء، وأكل الكسكس باللحم المجفف “القديد”، فضلا عن قرع الطبول و”التعارج” أو ما يسمى “الشعالة”، إلى غير ذلك من الأنشطة المتنوعة والمتكاملة.

وأضاف أن الاحتفال بعاشوراء في ورزازات يشهد بدوره هذه الطقوس والعادات، حيث يتفنن الشباب والفتيان وكذلك الكبار في الاحتفال بأنفسهم ومع ذويهم في هذه المناسبة التي تحمل سمات “الاحتفالية”، إذ يتم أكل طبق الكسكس بالقديد والكرداس الذي أعد في عيد الأضحى والمزين بالبيض المسلوق، وذلك ليلة عاشوراء أي التاسع من محرم، ثم يتم توزيع الفواكه الجافة (الحمص، اللوز، الجوز، التمر، التين المجفف، الزبيب، القرشلات، الفول السوداني +كاوكاو+ …).

وأشار إلى أنه عند الانتهاء من الأكل، يخرج أفراد الأسرة عند باب المنزل لإشعال النار في سبع كومات صغيرة من التبن يتناوبون على العبور فوقها وتخطيها مرددين عدد من المقولات المتوارثة (ندوغ ختا نوغ ختا … ندوغ تين ايمال إن شاء الله)، مذكرا بأن الأهالي بدأوا الإقلاع عنها مع مرور الوقت بسبب دروس الإرشاد الديني، الذي يعتبره مظهرا من المظاهر الغير مقبولة في الدين الإسلامي.

واستطرد قائلا، بعد ذلك تجتمع النساء خصوصا الشابات والصغيرات منهن لتكوين مجموعات حسب الأحياء والدروب ليتنافسن في قرع الطبول و”التعارج”، وهن يرددن بعض الأهازيج، إذ يستمر التنافس بين جحافل النساء إلى الساعات الأولى من صباح يوم العاشر من محرم.

وفي مساء يوم العاشر من محرم، يقول محمد لويحي، يجوب الأطفال والشباب الأحياء وهم يدقون الطبول مرددين مجموعة من الأغاني والأهازيج وهو الطقس الذي يسمى “بريالو”، ويتميز هذا النشاط بالتنقل من منزل إلى آخر للحصول على عطايا وهدايا كالسكر والبيض والحلويات والتمر والنقود، التي يتم اقتسامها بين أعضاء المجموعة.

وأضاف أنه في ليلة عاشوراء يتولى الشباب تنشيط الأمسية بواسطة بوجلود، أو ما يدعى “أخو نتاشورت”، حيث يتم اختيار متطوع من بينهم ويتم إلباسه جلدا من جلود عيد الأضحى وتزيينه بمجموعة من الحلي والأسمال (أثواب قديمة)، ثم يتقدم المجموعة وهم يرددون مجموعة من المقولات المأثورة، والهدف من هذا النشاط سعي الشباب بدورهم إلى تجميع عطايا وهدايا كتلك التي يجمعها الأطفال.

وخلص إلى القول أن الاحتفال بعاشوراء من طرف مختلف الشرائح العمرية يستمر على مدى ثلاثة أيام يحرصون فيها على الجمع بين الدين والدنيا، رغم ما كان يظهر على بعض الطقوس من مميزات طرحت عدة أسئلة حول جدواها وأهميتها، والتي انمحت مع مرور الوقت في هذه الطقوس الاحتفالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *