آراء

من ينقد جيلنا السياسي من اليأس؟

ما يقع حاليا داخل صفوف حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، يجعلني أتذكر قولة جميلة للمفكر الكبير سي محمد عابد الجابري حيت قال ( الامتزاج بل الاندماج بين الوطنية والسياسة في وعيي، هو ما يفسر في نظري على الأقل، جوانب كثيرة من سلوكي الحزبي ومواقفي السياسية، ومن دون تواضع زائف أستطيع أن أؤكد أنني أقبل من نفسي الخطأ وجميع أنواع الضعف البشري في الميدان السياسي أو غيره،ولكنني لا أتصور أني أستطيع أن أسلك أي سلوك انتهازي كيفما كان.)

إن أهم ما نستشفه من كلام المفكر المغربي العربي الكبير هو انه ترك خريطة طريق قد تعتمدها الأحزاب السياسية المغربية إن هي أرادت الخروج من النفق المظلم الذي لازالت تتخبط فيه دون أن تستهدي إلى السبيل الذي سيمكنها من مسايرة الركب ٬ ولما لا الخروج إلى العالمية لمقارعة الأحزاب ذات الصيت الكبير والمتحكمة في زمام الأمور عالميا.

وفي قراءة متأملة لما جاء في كلام سي عابد نجد انه أشار إلى الازدواجية التي يجب أن تحكم السياسي المتحزب وذلك من خلال تأكيده على مفهوم الوطنية كدعامة حقيقية لكل عمل سياسي جاد .

والحقيقة أن مشكلة الديمقراطية الحزبية في المغرب أصبحت هما يجب طرحه بشكل واقعي، وهو ما نجده جليا لدي القيادة الحالية لحزب الاتحاد الاشتراكي، والتي اختارت تبني مفهوم الإقصاء الكلي لكل صوت معارض لا يتماشى مع سياستها، مما جعلها تفشل تماما في لم شتات هذا الحزب العتيد ، متناسية انه حزب ولد من رحم معارضة تتبنى أصلا سياسة متمردة، لا يمكن إخضاعها بسهولة، خاصة بعد إصرار تلك القيادة على الانحياز لطرف على حساب آخر، وتحويل الحزب إلى مجرد أرقام ومقاعد نيابية، رغم انه ارفع من ذلك بكثير، كما أن شخصنة الحزب بهذا الشكل يذكرنا بأحزاب شخصية أو عائلية خلقت كنوع من البرستيج السياسي وليس ضرورة سياسية أملتها ظروف وتحولات سياسية وطنية أو دولية، متجاهلة أن ذلك الحزب العتيد كان ينعت بالجماهيري، لا لشيء إلا لكونه ملك لكل المغاربة، تعلم العديد من أبناؤه السياسة من مدرسته، كما ساهم في بنائه اغلب المغاربة بدمائهم وحريتهم ووقتهم، وذلك لما كان يمثله من أمل في التغيير والانفتاح على عالم ينعمون فيه بنوع من الحرية السياسية والفكرية بعد أن كانوا يسمعون أو يقرؤون عنها فقط لدى الغير، مما جعله عرضة لتوالي الضربات عليه سواء من مختلف الجهات، وعلى طول مساره التاريخي، غير أنه، وان ظل يصارع كل القوى الخارجية من اجل الصمود والبقاء ، غير انه ما كان ينتظر إن تأتيه الضربة القاضية من عقر داره ، ومن أبناؤه الشرعيين، والذين بتصرفاتهم هذه يصرون على وضع أخر مسمار في نعش ذلك الحزب، و العبث بما بتاريخه و ارثه،

وكإبن بار لذلك الحزب العتيد، ترعرع بين أحضانه وتعلم الروس الأولى في السياسة من مدرسته، يحق لي بعدها أن أوجه رجاءا إلى تلك القيادة الجديدة للحزب ولكل من سولت له نفسه العبث به، أقول لهم ارحموا حزبا كان يوما ما لسان اغلب المغاربة، وكان اكبر وأقوى حزب في المغرب وكذا في المنطقة العربية أملا لكل المغاربة، ارحموا دماء أريقت في سبيله ، وحريات سلبت من أجله، وارحموا نفوسا شردت إكراما له، واحفظوا أمانة تركت في أعناقكم .. فقيمة الاتحاد أرفع بكثير من أي سلوك انتهازي قد يمسها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *