وطنيات

إيلاف: محمد السادس يخترق أفريقيا موطدًا مكانة المغرب فيها

نشرت المجلة الالكترونية إيلاف” الصادرة من لندن ببريطانيا مقالا مطولا حول السياسة التي يتبعها الملك محمد الساسد في علاقته مع دول الجوار الاقليمي منذ اعتلائه العرش سنة 1999.

وفي ما يلي المقال الكامل للمجلة:

منذ العام 2008، وضع العاهل المغربي الملك محمد السادس القارة الأفريقية في طليعة الأولويات الاستراتيجية والجيوسياسية والاقتصادية لبلاده، منفتحًا تدريجًيا نحو الكثير من دول هذه القارة السمراء، إذ تتالت زيارات الوفود الرسمية الحكومية ومسؤولي الشركات الكبرى والمصارف المغربية للدول الأفريقية، إذ جرى توقيع عدد كبير من الاتفاقات من بينها شراء حصص في شركات طيران أفريقية وفتح فروع لمصارفها كالبنك المغربي للتجارة الخارجية، وتنفيذ برامج تدريب وتأهيل الكوادر في المؤسسات العامة في الدول الأفريقية التي تتمتع بعلاقات مميزة وتاريخية مع المغرب منذ عهد الملك الراحل الحسن الثاني.

وتميّزت جولة الملك محمد السادس الأفريقية منذ اعتلائه العرش عام 1999، إلا أن جولته الأخيرة، التي استمرت ثلاثة أسابيع لأفريقيا الغربية كان لها طابع خاص، لناحية المدة الاستثنائية التي استغرقتها، ولكونها سلطت الضوء على الاستراتيجية المغربية الجديدة الهادفة، عبر الديبلوماسية النشطة، إلى تعزيز نفوذ المملكة اقتصاديًا وجيوسياسيًا في القارة، إضافة إلى ترسيخ العلاقات الدينية وعلى مستوى الحكومة.

اختراق أفريقي

تعتبر أوروبا المغرب خامس قوة اقتصادية أفريقية، ولو كان ناتجه القومي الاجمالي 105 مليارات دولار في العام 2013، في حين بلغ في الجزائر 240 مليار دولار، لأنه يسجل اختراقًا ملموسًا سنويًا في الدول الأفريقية، بسبب قدرته على تحسين مناخ الأعمال فيه، والحصول على ثقة المستثمرين، وانجاز بنى تحتية ذات مستوى عالٍ، والقبول بإصلاحات اجتماعية ترافقت بشكلٍ واسع مع التوافق الكافي للحفاظ على السلم الاجتماعي والاستقرار الأمني.

ومن أبرز المؤشرات إلى نجاح التوجه المغربي للقارة الأفريقية، خصوصًا الزيارة الأخيرة للملك محمد السادس لمالي وغينيا والغابون وساحل العاج، هو توقيع نحو ثمانين اتفاقًا خلال ثلاثة أسابيع. فأكثر ما فاجأ مسؤولي الاتحاد الأوروبي كان تصريحات عدد من الرؤساء والوزراء الأفارقة، اعتبرت أن المغرب يشكل قوة اقليمية أفريقية كبيرة.

فالخبرات التي يملكها المغرب، والمعرفة التي راكمها منذ سنوات نتيجة تعاونه مع الدول الغربية الأوروبية والولايات المتحدة، والدعم الكبير من دول الخليج العربي في طليعتها السعودية وأبو ظبي، عززت موقع الرباط لتلعب دورًا في التوصل إلى توقيع هذه الاتفاقات بالعشرات خلال جولة العاهل المغربي.

معاهدات بالجملة

إلى ذلك، كان الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس في افتتاح “الملتقى الاقتصادي” في أبيدجان، الذي اعتبر فيه أن الصدقية تحتم أن تفيد ثروات قارتنا، بالدرجة الأولى، الشعوب الأفريقية. فذلك يفترض، بحسب قوله، أن تكون علاقات الجنوب – جنوب في قلب الشراكات الاقتصادية لدى الأفارقة. وإن كانت التجارة الخارجية مع أفريقيا لا تتجاوز 2.5 بالمئة، إلا أن 85 بالمئة من الاستثمارات الخارجية المغربية تتركز على القارة الأفريقية حاليًا، حيث يأتي المغرب في المرتبة الثانية بعد دولة جنوب أفريقيا.

وما يجب التذكير به تفصيليًا أكثر للتأكيد على أهمية الاختراق الاقتصادي المغربي في أفريقيا هو توقيع 26 اتفاقًا للشراكة بين القطاعين العام والخاص مع ساحل العاج، والاستثمار الذي يغطي كثيرًا من القطاعات المنتجة.

فتم توقيع اتفاقات تقضي بالترويج والحماية المتبادلة للاستثمارات، كذلك التعاون في المجال المصرفي والضمانات المصرفية للشركات الصغيرة والمتوسطة، والصيد البحري، والسياحة، والصادرات، وبناء المساكن الشعبية، وانتاج الأدوية والتعليم العالي، وانشاء المناطق الصناعية. والتزام المغرب من جهةٍ أخرى، عبر توقيع معاهدتين تنصان على تقديم تمويلات بقيمة 50 بليون دولار خلال السنوات المقبلة لكل الدول التي زارها الملك محمد السادس بأشكال مختلفة.

وفي الغابون، وقع المغرب 24 اتفاقًا حكوميًا تشمل قطاعات عديدة، بينها الزراعة والصحة والإسكان والتأهيل المهني والقطاع المصرفي والمالي، والمناجم وتقنية المعلومات والنقل والسياحة، والأمن الغذائي. وفي مالي، تم التوقيع على 17 اتفاق تعاون، في غينيا كوناكري 20 معاهدة.

توجهات مستقبلية

وفي إطار تعزيز وضع المسلمين في القارة، أعلن الملك المغربي عن بدء أشغال التجديد في مسجد الملك فيصل، بكلفة بلغت 400 ألف يورو. وفي باماكو، حيث كان برفقة الرئيس المالي ابراهيم بوبكركيتا، وضع العاهل المغربي الحجر الأساس لبناء مستشفى للأطفال. كذلك في ساحل العاج لمشروع سكن أكوابا، إضافة إلى الإعلان عن برنامج لبناء عشرة آلاف مسكن اجتماعي تنفذه المجموعة المغربية “أليانس”.

وفي التوجهات المستقبلية باتجاه القارة الأفريقية والتوسع المخطط له، تفيد معلومات واردة من الرباط أخيرًا بأن الشركات والمؤسسات المغربية الكبرى تسعى إلى الحصول على شراكات في مجال النفط والغاز في الكونغو، وتهتم أيضًا بشراء حصص في مجموعات الاتصالات في موزمبيق، وكذلك الاستحواذ على تراخيص لإنشاء فروع معرفية لتوسيع شبكاتها في القارة. وتفيد هذه المعلومات بأن المغرب ينتظر انتهاء الانتخابات والقوانين الجديدة في غينيا بيساو، كونه مهتمًا بالاستثمارات في مجال الصيد البحري والغاز والنفط والفوسفات والبوكسيت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *