مجتمع

رمضانيات: كيف أُقنع المحجوب أن معلما يربي الأجيال لا يصلي؟

ضل المحجوب في العمل، حاول أن يبقى هادئا رغم “القطعة”، فالمحجوب كان دائما يعمل بنصيحة أبيه، أن يحفظ أعصابه في الثلاجة طيلة شهر رمضان، لكسب القليل من الحسنات تعويضا على سيئاته الكثيرة، لكنه سرعان ما تشباك بالأيادي مع عامل أخر وأطلق العنان للسانه ليقول كل تلك الكلمات المحضورة في شهر الصيام، وحين انتهى قال “اللهم إني صائم”.

كان حلمه الوحيد أن يجول العالم بأسره ليتعرف على نساء العالم، أو أن يكون بطلا يروى في الحكايات والأفلام، وها نحن نحقق له إحدى أمنياته، رغم أنه مازال على قيد الحياة.

في الطريق إلى البيت التقى المحجوب أحد أصدقائه، إنه صديقه علي الذي درس إلى جانبه طيلة سنوات الابتدائي، فأصبح معلما في منطقة نائية بالجنوب الشرقي، بعيدا عن ”الحضارة والشانطي”، المنطقة تلك أصبتها لعنة السياسية والطبيعة، يتحدث عنها علي وكأنه يصف جهّنم، ”مدرسة لا تتوفر على أدنى شروط التحصيل، لا ريزو، لا طواليت، لا ضو لا ماء، جهنّم الكحلة بعينها، يغادرها المعلمون مباشرة بعد مرحلة التنقيط في يونيو، ولا يعودون إليها إلا في أوسط نونبر”. ويتمنى علي أن يغادرها إلى الأبد لأنها تذكره بمنطقة منكوبة مرت عليها حرب الفيتنام، كما يردد ذلك.

وهما يتحدثا عن المدرسة الرهيبة التي شببها المحجوب بأفغانستان، حين كان يمزح مع صديقه علي، ارتفع صوت مسجد قريب يدعو الناس لصلاة العصر، وبعد أن حرك المحجوب لسانه على صوت أذان العصر، دعا صديقه علي إلى صلاة الجماعة.

تردد علي قبل أن يقول بأن لا وقت لديه الأن، وهو في طريقه إلى البيت حيث تنتظر زوجته “السخرة”.

ضحك المحجوب، “الله يعز لحكام” عليك يا علي أن تنصت إلى وصايا الرسول إلى سيدنا علي، إنها متوفرة في الأسواق، وعليك أن تصلي الصلاة في وقتها يا علي، وعليك أن تلبي نداء المؤذن يا علي، ودع عنك زوجتك الأن يا علي، ما هي إلا عشر دقائق ونمضي يا علي.

تردد علي كثيرا، وزوجته في انتظار “البوطا” و”الحليب” قبل أن يستسلم لضغط المحجوب ويصطحبه إلى المسجد، وقبل دخولها، ظل علي يبحث عن “سبة” للهروب لأنه لم يكن يصلي أصلا.

لم يصلي علي منذ أن كان صغيرا، وقد دخل المسجد رفقة أبيه مرات قليلة في صغره، لكنه الآن في أكبر ورطة، كيف يقتنع المحجوب الذي خرج من السنة الأولى إعدادي، أن هذا المعلم الذي يربي الأجيال لا يؤدي فريضة الصلاة في رمضان؟!

دخل علي إلى المسجد بدون وضوء !

يتبع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *