حوارات

الداهي أگاي: الدولة المغربية تدعم الانفصاليين بالأموال

اعتبر الداهي أكاي رئيس جمعية المفقودين في سجون البوليساريو والعضو في منظمة العفو الدولية، أن المغرب يرتكب في معالجته لقضية الصحراء أخطاء قاتلة تزيد من عمر الصراع في الصحراء، كدعم عدد من الصحراويين العائدين بالمال دون التأكد من تخليهم عن فكرهم الانفصاليين في مقابل تهميش صحراويين آخرين معروفين بوطنيتهم واستعداهم للدفاع عن مغربية الصحراء. وشدد أگاي وهو أحد ضحايا سجون الجبهة على أن الجبهة تستمد مقومات بقائها من أخطاء الدولة المغربية.

1- أين وصلت القضايا التي رفعتها أمام محاكم إسبانيا ضد البوليساريو؟

المحكمة الاسبانية التي رفعنا الدعوة أمامها طالبت باستدعاء الرئيس الصيني والطاقم الإداري الذي ارتكب جرائم في حق ساكنة “التيبيت”، غير أن السلطات الصينية راسلت نظيرتها الاسبانية وطالبت منها بالحرف بمنع هذه المحاكمة أو أنها ستقوم بدعم ضحايا إقليم الباسك الانفصالي، وآنذاك سيكون لكل حادث حديث. وعقب هذه الرسالة شديدة اللهجة، قام البرلمان الإسباني بعقد اجتماع، خلص فيه إلى ضرورة تحييد القضايا الخارجية من القضاء الإسباني، غير أن قضاة المحكمة العليا رفضوا في اجتماع آخر لهم مطالب البرلمان، وأكدوا أنهم سيواصلون النظر في كل القضايا الدولية المعروضة أمامهم. وفي هذا السياق وجه النائب العام الإسباني مذكرة بتاريخ 10 أبريل الماضي للقاضيين المكلفين بقضايا ضحايا المغرب والبوليساريو يطالبهم فيها بمتابعة الجلادين الذي تسببوا في وفاة هؤلاء الضحايا باعتبارهم كانوا يحملون الجنسية الإسبانية. وفي يوم 24 من أبريل الماضي دائما، صرح القاضي المكلف بملفات الضحايا أنه لن يتنازل عن القضايا المرفوعة أمامه في هذا الشأن بدون تشويش. وقمنا نحن قبل ذلك بزيارة إلى جزر الكناري أكدنا من خلالها للحكومة المحلية أنه يوجد على أراضيها جلاد يدعى مولود الحسن، ونحن الآن بانتظار تحرك القضاء من أجل القبض عليه ومتابعته استنادا إلى ما صرح به القاضي الإسباني المكلف بهذه القضية.

2- كيف هو واقع حقوق الإنسان في مخيمات تيندوف؟

أولا انتهاكات حقوق الإنسان مارسها المغرب ضد الصحراويين ومارسها البوليساريو ضد الصحراويين أيضا. وبالنسبة للمغرب فقد اعترف بها وقام بالتعويض اللازم، غير أنه عوض أناسا بمبالغ مالية تتراوح بين 120 و140 مليون سنتيم، دون أن يطلب منهم التنازل عن فكرهم الانفصالي. وهذا بالنسبة لي – رغم أنني لست ضد فكرة التعويض- تسخير للأموال الدولة من أجل دعم الانفصاليين. أما بالنسبة للجبهة فإنها ما زالت تتنكر لأزيد من 800 ملف فقدوا في سجون البوليساريو، أغلبهم صحراويون يحملون الجنسية الإسبانية. فإذا كان المغرب قد اعترف بالانتهاكات وعوض عنها، فإن البوليساريو لم تعوض ولم تعترف أصلا بتلك الملفات. وهذه الانتهاكات التي عملتها البوليساريو في حق الصحراويين وقعت فوق الأراضي الجزائرية، وبالتالي فإننا نحمل السلطات هناك المسؤولية الكاملة فيما وقع لـ 800 شخص في سجون البوليساريو، لأنها هي من أوتهم فوق أراضيها ومنحت جواز السفر الدبلوماسي لجلادي البوليساريو، وأشركت رجال أمنها في تعذيب الصحراويين، وعليه فإنه لا يمكن تبرير ساحتها أبدا.

3- هل ما زال التعذيب في المخيمات موجودا؟

نحن في الثقافة الحسانية نقول مثلا: “صاحبك سول غير على للي جاد فيه، أما للي فيه راه فيه”. فالذي عذب وقتل من أجل الحصول على ما يريد، فإنه سيواصل نفس المعلية، وبالتالي فإن الاختطافات والتعذيب في سجون البوليساريو ما زال موجودا وسيظل ما دام هذا الكيان موجودا.

4- في القضايا التي رفعتها جمعيتكم أمام المحاكم الاسبانية، لماذا ما زلتم تصرون على متابعة مسؤولين سابقين في البوليساريو يتقلدون الآن مناصب سامية في الدولة المغربية؟

نحن لا يهمنا تغيير الصفة، ولا تهمنا قيمة الذئب ولو كان من ذهب، فالقرد يبقى قردا ولو لبس الذهب ذهب. لذلك فلا يمكن تسخير الانفراج الذي يعرفه المغرب وحقوق الإنسان من أجل حماية هؤلاء الجلادين. فالجلاد يبقى جلادا مهما يكن وبأي صفة يحملها وفي أي مكان يكون فيه. وطبعا نحن نطالب من الدولة المغربية أن تحاكمهم وتجردهم من مناصبهم. فلا يمكن للمغرب أن يبحث عن الانفراج الديمقراطي ويقدم تعويضات ويفتح ملفات انتهاكات حقوق الإنسان ويفعل العكس بعد ذلك عندما يحمي الجلادين ويغطي عليهم، فهذا لا يمكن.

5- هل صحيح أن الفساد والزبونية مستشرية في صفوف قيادة البوليساريو؟

الفساد مستشر في صفوف اللوبي الصحراوي المستفيد في المغرب، كما هو موجود داخل قيادة البوليساريو. هذه هي الحقيقة التي يجب أن تقال. نحن يجب أن ننظر إلى الإستراتجية التي تعتمدها الجزائر في هذا الصراع والإستراتجية التي يعمل عليها المغرب أيضا لحل النزاع. فالجزائر هدفها الاستراتجي هو استقلال الصحراء، ولكي تحقق ذلك تستعمل تكتيكات متعددة، كان على رأسها إقامة مخيم تيندوف الذي يستوطنه أكثر من 85 من الجزائريين ذوي الأصول الصحراوية، أي من مناطق تيندوف وبشار وغيرها، وهؤلاء من يحمل الرايات بالمخيمات ويطالبون بالاستقلال، ومن يراهم على الشاشات والصحف سيقول إن هؤلاء الصحراويين يريدون الاستقلال، بينما الحقيقة أن الصحراويين الحقيقيين قد قتلتهم الجبهة.

إن الجبهة مكونة من نسيج صحراوي ولا يمكن محاربتها ودحض أفكارها إلا من خلال نسيج صحراوي آخر، وهذه الإستراتيجية معدومة عند المغرب، فحتى هؤلاء الصحراويين الذين تخصص لهم الدولة مبالغ مالية طائلة وإمكانيات مهمة ومناصب سامية من أجل الدفاع عن مغربية الصحراء لا يفعلون شيئا يذكر، لأنهم ببساطة ليسوا موجودين على الساحة، بل في مكاتب الرباط المكيفة وبربطات العنق الفاخرة. بماذا أفادنا مجلس “الكوركاس” الذي تبلغ ميزانيته السنوية 7 ملايير، ما هي الإضافات التي قدمها للقضية الوطنية؟ فمن بين الأخطاء الإستراتجية التي ارتكبتها الدولة في قضية الصحراء هي إعطاء مسؤوليات وإمكانيات لصحراويين غير موجودين على أرض الواقع. وأنا هنا أتساءل لماذا تهمش الدولة الصحراويين الوطنيين وتدعم في مقابل ذلك الصحراويين الانتهازيين؟

6- تتحدث قيادة البوليساريو عن تشكيلها لهيئة لمراقبة حقوق الإنسان بتيندوف، هل هي جادة في ذلك؟

الانتقال الديمقراطي الذي حدث في المغرب، حدث مثيله في كل من جنوب إفريقيا واسبانيا، غير أن الانتقال في اسبانيا لم يحدث إلا بعد رحيل نظام الجنرال فرانكو، فيما لم يحدث في جنوب إفريقيا إلا بعد تفكيك نظام الميز العنصري، والمغرب لم يتم فيه الانتقال الديمقراطي إلا بعد مجيء محمد السادس. فكيف تريد لشخص من أمثال محمد عبد العزيز أن يراقب حقوق الإنسان بالصحراء وهو نفسه الجلاد؟ أليس عبد العزيز هو من ارتكب الجرائم في حق الصحراويين؟ وللأسف فالمغرب قام بتكريم عدد من الجلادين في صفوف البوليساريو وكافأهم بالمناصب عندما رجعوا إلى المغرب، وهذا ما يخدم البوليساريو ويضمن استمرارها. وهنا أناشد الدولة المغربية إذا كانت تكافئ جلادي البوليساريو بالمناصب لدى عودتهم، أن تدخلنا نحن سجن عكاشة، نحن الذين ذقنا مرارة التعذيب في سجون البوليساريو على يد هؤلاء الجلادين. وهكذا لن نطالب بعدها برد الاعتبار للشهداء وأراملهم.

7- كيف تقرأ إصرار قيادة البوليساريو والجزائر على مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء؟

إذا كان المغرب قد فتح باب حقوق الإنسان على مصراعيه وعوض الخونة والجلادين بالملايين دون أن يطلب منهم أن يتخلوا عن أفكارهم، فماذا يخافه بعد الآن؟ أنا أرى أن معارضة مراقبة حقوق الإنسان بالصحراء يقوي من شأن الخونة. الانفصاليون يقومون بحمل شعار الجمهورية الوهمية ويقولون إن الصحراء شعب مستقل، والصحافة الدولية ترى ذلك وتكتب عنه، وكذا المينورسو ترى ذلك وترسل تقاريرها للأمم المتحدة، وفي الأخير هؤلاء لا يكتبون إلا الحقيقة أي ما رأت أعينهم، فهل رأيت يوما صحراويا يحمل الراية المغربية ويجول بها وسط المدن الصحراوية ويقول إنها مغربية؟ لا أحد يفعل ذلك. وهنا نتساءل أين هم الصحراويين الذين أخذوا الأموال من خزينة الدولة، لماذا لا ينظمون هم أيضا مظاهرات تنادي بمغربية الصحراء لتكتب عن ذلك الصحافة والمينورسو؟

8- ما هي الأخطاء الإستراتجية التي ترى أن الدولة ارتكبتها في معالجة ملف الصحراء؟

كما أسلفت ذلك، فإن أكبر خطأ ترتكبه الدولة هو أنها تسند مناصب حساسة لصحراويين ما تزال علامات استفهام تحوم حولهم، كما أن الخطأ الثاني الكبير هو أن الدولة تحصر قبيلة في عائلة واحدة، وهذا شيء خطير جدا. ثالث الأخطاء أن الدولة تصرف الملايير ويستفيد منها فقط قلة قليلة من الصحراويين، فلو كانت الدولة خصصت تلك الملايير لبناء وتنمية الصحراء لجعلت منها نيويورك المغرب ولما بقي أحد في مخيمات تيندوف.

9- كيف تقيم أداء الوالي الجديد لجهة العيون؟

قمنا مؤخرا في العيون باجتماع مع الوالي الجديد بوشعاب، الذي يعرف عنه مواجهته للانفصاليين في المحافل الدولية عندما كان دبلوماسيا، وأكدنا له على ضرورة محاربة الفكر الانفصالي والفساد، الذي أقول أن سببه الأغنياء وليس الفقراء. كما نبهناه إلى أنه توجد بالعيون مجموعة من تابعي البوليساريو تتحرك في المدينة كما تشاء وفي الوقت الذي تريد، وقلنا له إذا كنت تريد محاربتهم فنحن معك وإن لم ترد فدعهم وشأنهم، ولكن بدا لنا أن الوالي مسؤول مقتدر ويتحرك بخطوات ثابتة ونتمنى له التوفيق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *