ثقافة وفن

رمضانيات .. قصة المسجد الذي دخله صديق المحجوب بدون وضوء

تتمة ..

دخل علي صديق المحجوب القديم إلى المسجد بدون وضوء، ثم ترك المحجوب يتقدم إلى الصفوف الأمامية، حتى اختفى بين أجساد المصلين .. نظر علي يمينا ويسارا، ثم قصد الباب اليميني لمسجد الحي .. تاركا نعليه في الباب الأمامي وخرج مسرعا من المسجد.

جلس علي ينتظر في درج قريب من المسجد، وهو يتذكر أن الإمام الذي طرد من المسجد منذ ثلاث سنوات قد تورط في اغتصاب طفل صغير وحكم عليه بـ 15 سنة من السجن، ومن ذلك الوقت كره علي ذلك المسجد لأن والده كان يصلي الصلوات الخمس خلف الإمام المغتصب.

هذا المسجد يحمل ذكريات كثيرة وأليمة أيضا، تعود قصة بنائه، كما يتذكر علي في لحظة هروب وشرود، إلى فترة طويلة منذ أن كان صغيرا وهو جالس على حافة الدرج .. بدأ يسترجع قصة بناء المسجد التي كلفت أبناء الدور دم جوفهم.

إمام كان اسمه محمد كان قد اقترح على الشيخ منذ فترة طويلة أن يتكلف المحسنون بالدوار ببناء مسجد صغير يحتضن صلاة الجماعة، وأعجب شيخ الدوار بتلك الفكرة، وكلف المقدم أن يجمع الأموال شهريا من السكان.. كان سكان الدوار لا يملكون سوى بعض الأبقار والأغنام، ويعشون على ما تجود به أرضهم.. لكن المسجد الجديد فتح أعينهم على واقع جديد.. باعوا أبقارهم وأغنامهم لبناء مسجد.. نقدر تضحياتكم حتى الآن..

في مدخل كل شهر، يقوم المقدم بجولة طوال النهار، يجمع تبرعات السكان التي كانت إلى حد ما إلزمانية، فمن يرفض المنْح ينعت بالكافر مسخه الله، والذي لا يملك نقودا للهبة، يحرم من وثائقه الإدارية، عقد الإزدياد وشهادة السكنى، ووثائق الزواج.

ويحكي بعض السكان أن المقدم الذي كان يتقاضى أجرا هزيلا، كان يأخذ بعض الدريهمات من هبات المسجد.

حكايات محفورة في ذاكرة عجزة الدوار، لكن المحجوب لا يعرف عنها الكثير، أو لا يعيرها اهتماما كبيرا،

المجوب لا يعير اهتماما إلى أن المقدم الذي كان أفقر شخص في الدوار أصبح يملك سيارة صغيرة ومنزلا وأرضا صالحة للزراعة بعد سنوات من “جميع الحصيصة”.

قبل أن تنتهي أشغال بناء المسجد، قال الشيخ للمقدم، إن الأموال التي جمعناها من طرف المحسنين حتى الآن تكفي لبناء مسجدين، لكنهم بدل ذلك بناوا جامع واحد ودوّزوا الحصيصة لجيبهم .. علي يتذكر ذلك بمرارة.

خرج المحجوب من المسجد ووجد علي حافي القدمين، سأله عن صبّاته (الحذاء)، وأجاب إنه تركه بالمسجد الذي ساهم في إغناء المقدم والشيخ.

رد المحجوب.. لا تذكرنا بقصص غابرة .. الله يتقبل الصلاة، راه المقدم كان كايضور معايا فاش كنت صغير … وانطلق مهرولا إلى المنزل لينام قليلا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *