آراء

أوكار الدعارة في تاكونيت بين شكايات الساكنة وصمت المسؤولين

cats 

في أول محاولة للحديث عن موضوع الدعارة، أجد نفسي أمام شبح المحرم الممنوع من النقاش، أمام طابوه لطالما صفعة أوجه أبناء تلفظوا بهذا المصطلح. هناك من يغمى عليه لمجرد سماع هذا المفهوم، فيما آخرون يسترزقون ويقتاتون من فتاة هذا السلوك.

لكن عندما تتفاقم هذه الظاهرة، وتصبح خدشا لحياء منطقة تعتبر منبع الأخلاق، وبؤرة الاحترام والحشومية. يصير هذا السلوك من بين المعضلات التي تطرح بصدده العديد من التساؤلات. والمثير للدهشة هو حينما يرتبط الحديث بدور للدعارة في لب منطقة محافظة، اتصفت بالنضال والكفاح من أجل الكرامة والقيم الحسنة، ويشغل مخيلة كل أفراد وساكنة إقليم زاكورة على العموم، ومنطقة تاكونيت خصوصا.

أمست مدينة تاكونيت تستقبل عدد كبير من الفتيات اللواتي يمتهن السلوك الجنسي خارج مؤسسة الزواج. فبعدما كان التفاؤل في مستقبل منير مفعم بالعطاء والتغير السوسيواقتصادي، أصبحت هذه المنطقة تستقبل ممارسات للجنس قادمين من مناطق عملوا مسؤولوها على تنظيفها من هؤلاء الضحايا، (أسميتهم بالضحايا لأنهم لم يولدوا عاهرات بل جعلوهم كذلك)، مثل” تنغير ،ورزازات، أزرو، بني ملال وخنيفرا”. هذه المناطق عرفت قفزة نوعية في مجال التنمية والتطور الاقتصادي، وكذلك على مستوى البنية التحتية، وهذا إن دل فإنما يدل على حنكة التسيير الإداري بمؤسساتها، ورغبة مسؤولوها في بناء مجتمع متقدم أساسه القيم الجمة وقواده مناضلين العلم والمعرفة.

لا ننكر أن الدعارة قديمة قدم الإنسانية، خاصة في الفترة الاستعمارية، التي تسخر الجسد لخدمة الروح والبدن كطعم لذيذ للهيئة الدبلوماسية الاستعمارية. فتاكونيت عرفت أوكار الدعارة مند العصور القديمة خاصة مع “القايد لكلاوي” والتمركز العسكري بهذه المدينة. لكن مع التغيرات السوسوسيواقتصادية التي عرفها المغرب عامة، أصبح حلم الساكنة الزاكورية يزداد، ورغبتهم في التخلص من هذه الظاهرة الخطيرة يرتفع. لكن الأخطر هو الصمت الرهيب الذي تعيشه المنطقة والسكوت الممنهج لمسؤولوا هذه المدينة. على رأسهم الجماعة المحلية والقيادة وكذا الدرك الملكي، هذا الأخير الذي يقوم بجولات استمتاعية بهذه الأوكار، ويلقي القبض على زوارها، وبالتالي العودة إلى منطق تقديم الرشوة قصد عدم إخبار أهل الزائر أو الزبون للهروب من الفضيحة. هكذا يتم توفير الأمن الكافي لهذه الفئة الممارسة للدعارة والاستقرار على حساب مراهقين وشباب الإقليم.

مع العلم أن هذه الأوكار أو ما يصطلح عليه بلغة أهل المنطقة “بالدوار أو الدويوير، أو السيكتور” تستقبل حاليا شبابا من المناطق المجاورة “كمحاميد الغزلان” و”زاكورة المركز” و”تمكروت” … هذه الفئة من الشباب تتوافد في الآونة الأخير على تاكونيت قصد تلبية رغباتها الجنسية، والمساهمة في سياسة التخريب القيمي اللأخلاقي.

ففي القديم القريب كانت هذه الأوكار معزولة عن السكان في منطقة مشار إليها بالأصابع من حيث الفساد وكذلك الاتجار في المخدرات، لدرجة حدوث خصومات ومشادات مدججة بالسلاح الأبيض، بين شبابها ووقوع قتلى.

والآن، ومع التغيرات العمرانية والزحف السكاني أصبحت هذه الأوكار تحاط بمنازل عائلية محترمة، وتقطنوها ساكنة لطالما حاولت التصدي لهذه الظاهرة، وذلك بتقديم شكايات إلى الجهات المسؤولة، هذه الأخير اتخذت سياسية الأذان الصمة في وجهها.

واستمر النضال من أجل نشر القيم الفاضلة إلى حدوث توقيع عريضة جماعية من طرف الساكنة المحلية تتضمن استنكار جماعي لهذه السلوكات، وقدمت إلى الجهات المسؤولة.لكن دون جدوى.

إذن. ومع تفاقم هذه الظاهرة في فترة التسيير الإداري الديني لحكومة عبد الإله بنكيران تطفوا مجموعة من التساؤلات، من قبيل:

ما ذنب الساكنة المحلية؟

وأين يتجلى دور السلطات المحلية في مقاربة هذه الظاهرة والحد منها؟

ما موقف المجتمع المدني من هذه الأوكار؟

وهل حقا الحكومة تعمل على محاربة الفساد أم العكس صحيح؟

ربما أي محاولة لمعالجة هذه الإشكالات، خاصة دور الحكومة في محاربة الفساد، يجعنا نعيش في دوامة اللعبة السياسية بالمغرب عامة، وبإقليم زاكورة خاصة. فقد سبق لنا الحديث عن الفساد الإداري والزبونية بهذه المنطقة، وقمنا بتشخيص هذه الظاهرة وقلنا أنها قديمة قدم الإنسانية ومرتبطة ارتباطا ووطيدا بالمستعمر وبالتواجد العسكري بها. وإذا ما عدنا إلى التاريخ سنجد أن الطبيعة هي الوحيدة التي تنصف أهالي هذه المنطقة (خلال سنة 2000 على اثر عاصفة شتوية دمرت الأوكار وبعض المنازل كليا). أما سياسية الدولة فلازالت تصنفها ضمن المغرب الغير النافع، غافلة الرأسمال الرمزي والمادي كذلك، المتمثل بالأخص في اليد العاملة المهاجرة، التي تزخر بها المنطقة، علاوة عن إنتاج التمور وبعض الزراعات المتضررة بتوالي سنوات الجفاف، أما الطلبة فلا داعي لجرد عددهم لأن نتائجهم الدراسية تؤكد وجودهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *